حرب تموز أظهرت الوجه الحقيقي للسعودية

خمسة عشر عاماً مضت على حرب تموز 2006، الحرب التي كان قرارها إسرائيليًا أميركيًا وتحريضها من مملكة الخير والسلام. هذه الحرب أظهرت الوجه الحقيقي للسعودية، وما سعت إليه منذ انطلاقة المقاومة في لبنان حتى يومنا هذا؛ فشريط الذاكرة لا يمكن أن يُمحى بسهولة حتى لو أراد طامسوه أن يندثر بطي السنين وتعاقب الأيام، حتى أن فتات الإنسانية المزيفة لا يمكن أن يغطي على النور الساطع للبصيرة. منذ تموز سقطت الأقنعة وبان الوجه الحقيقي لأعراب خيبر، وجه سيبقى أسودَ مهما حاولوا تنظيفه، فالشعوب لن تنسى والتاريخ لا يرحم، فما هو الوجه الحقيقي للسعودية؟

منذ زمن بعيد والمقاومة تعلم بأن مملكة الخير التي تسير بالركب الأمريكي لا يمكنها إلا أن تكون في الركب الإسرائيلي أيضاً ولو كان ذلك بتقاطع المصالح بينهما، ومن هنا يمكننا أن نبدأ بالدور السعودي إبان الحرب الأهلية اللبنانية التي كانت تمول بعض أطرافها السعودية والتي استغلها العدو الإسرائيلي واجتاح لبنان. وبعد ظهور المقاومة استشعرت المملكة الخطر على دورها الموكل إليها من الثنائي الأميركي الإسرائيلي، فلجأت مبكراً إلى مواجهتها ومحاولة تصفيتها فكانت البداية عبر التخلص من رموزها فكانت محاولة اغتيال المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله بتمويلٍ سعودي وتخطيطٍ وتنفيذٍ أميركي ودعمٍ بريطاني. نجا حينها السيد لكن مجزرة مروعة حلت في منطقة بئر العبد، ولكي لا نلقي التهم جزافاً، هذا ما قاله المنفذ الأميركي “كايسي” في مذكراته: “التقيت بندر آل سعود في أحد مقاهي واشنطن، وقال لي: إن السيّد فضل اللّه أصبح مزعجاً للسياسة الأميركية في لبنان والمنطقة وإنّ عليه أن يرحل”. ودفع “ابن سلطان ثلاثة ملايين دولار لـلمنفذ لكي يُغطي مصاريف العملية، واتصل بجهاز المخابرات البريطانية لتنفيذ العملية التي استمر التحضير لها لمدة سنة”.

وبالانتقال إلى المناسبة التي نعيش اليوم ذكراها، فقد قامت مملكة الخير بتمويل الحرب على المقاومة، طبعًا بطريقة غير مباشرة، وذلك عبر عقد اتفاقيات شراء أسلحة من الولايات المتحدة مع تحديث أسلحة قيمتها 2.9 مليار دولار. وهنا لا يمكن أن ننسى وصف الرياض لعملية أسر الجندييْن الإسرائيلييْن “بالمغامرة غير المحسوبة”، مختلقةً للعدو الأعذار، ومشرعنةً لعدوانه وبالتالي محملة المقاومة المسؤولية عن أرواح اللبنانيين الذين تقتلهم الآلة العسكرية لجيش العدو. وهل يمكننا أن ننسى الفتوى السلفية حينها التي أطلقها الشيخ السلفي المقرب من الحركيين عبد الله بن جبرين وقال فيها إنه «لا يجوز نصرة هذا الحزب (الرافضي)، ولا يجوز الانضواء تحت إمرتهم، ولا يجوز الدعاء لهم بالنصر والتمكين، ونصيحتنا لأهل السنة أن يتبرأوا منهم وأن يخذلوا من ينضموا إليهم وأن يبينوا عداوتهم للإسلام والمسلمين»؟

وأعلنت السعودية وقتها بكل صراحة أنها في حِل من بذل أي مساعٍ لوقف العدوان ما لم يتوقف حزب الله. وبالتالي كانت المساعي السعودية تدعم الآلة العسكرية الإسرائيلية والسياسة الأميركية في إعطاء المزيد من الفرصة للعدو الصهيوني لتحقيق ولو أقل الأهداف من العملية التي كانت تسعى للقضاء على حزب الله، ولتكريس مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي رعته الإدارة الأميركية عبر وزيرة خارجيتها آنذاك، كونداليزا رايس.

ولم ينتهِ التآمر السعودي على المقاومة، ففي 7 أيار 2008 شنّت حكومة السنيورة الموالي المخلص للسعودية هجوما على سلاح الإشارة للمقاومة والذي كان حسب أبرز خلاصات العدو من أهم العوامل التي أدت إلى هزيمته في حرب تموز 2006.

وبعد سنوات جندت السعودية ما استطاعت من التكفيريين و “الدواعش” وزجت بهم في سوريا. وليس خافياً على أحد الهدفُ من ذلك وهو معاقبة سوريا الداعم المهم في انتصار تموز، وكان الهدف اسقاط ضلع من أضلاع محور المقاومة. وعندما دخل حزب الله سوريا للحفاظ على أمنها وكذلك المساهمة بصمود محور المقاومة، كان موقف مفتي السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ الذي “دعا ساسة وعلماء العالم إلى اتخاذ خطوات تردع عدوان حزب الله في سوريا”، ويكمل في بيان له “إن هذا الحزب انكشف بما لا يدع مجالًا للشك أنه حزب عميل لا يرقب في مؤمن إلّا ولا ذمة”. وبعدها كان الإيعاز السعودي إلى هؤلاء التكفيريين بالقدوم إلى لبنان، فكانت التفجيرات والصواريخ التي قتلت المدنيين الأبرياء، ولكن بفضل المقاومة زال هذا الخطر ولم يعد لهم وجود عسكري في لبنان، وباء مخطط المملكة بالفشل مرة أخرى.

خلاصة القول لم تكن السعودية يومًا مع المقاومة بل كانت دائمًا بالصف المتآمر عليها والمحرض على تصفيتها، والتاريخ يشهد والحاضر كذلك ولن يتغير هذا الأمر في المستقبل، لأن مملكة آل سعود لا تعتبر الإسرائيلي عدوًا وقد قالها كتّابها بأكثر من مناسبة: المقاومة ومحورها عدوة لنا وخطرها أكبر من خطر الإسرائيلي. وكان بعضهم أكثر وضوحًا: نحن واليهود بنو عمومة ولدينا تاريخ مشترك لماذا نعاديهم؟

وقد أظهرت حرب تموز الوجه الحقيقي للسعودية ومنذ ذلك الوقت أصبح محور الحق واضحًا ومحور الباطل كذلك.

اساسياسرائيلالسعوديةحرب تموزلبنان