الأرواح ما زالت تصعد إلى السماء بفعل نيران الأعداء وغاراتهم وقصفهم وخيانة ثلة من العربان، والأجساد تتساقط فتعلو لبارئها وهي تعلن انتصارها على العدوّ والموت بالشهادة التي تهب الحياة لمن ينالها بإذنه تعالى، حيث أودع الآلاف من أهل غزّة أنفسهم في ذمة الله جلّ جلاله مُسلّمين لمشيئته منتظرين توقيت تحرير أرواحهم من إرهاب الصهيوني وحلفائه وغدر أنظمة العربان، والأشواق تعتري أفئدتهم للَحاق يرجونه بأحبابهم السابقين لهم بنيل شرف الارتقاء إلى الله حيث السكينة والطمأنينة في سمائه والعدالة التي باسمه سبحانه ستتحقق بسجّيل يُغرق العدوّ ويجعل عالي كيانه سافله.
فإن الرجاء انقطع إلاّ من الله، والمقاومة على امتداد محورها الطاهر، ولا رجاء نتوسله من سواهم، وأخص هنا أولئك الذين يظنون أنفسهم أولي أمر منّا، وأنظمتهم تهوي بقمم مع القاتل تارة وبين بعضهم بعضًا تارة أخرى، فقد نادتهم فلسطين منذ قرن ولم يستجيبوا فهل سيلبون نداءها اليوم؟! أم سيحررونها بالبيان الختامي؟! ولنتريث قليلًا لربما سيُعيدون لنا بلادنا بتمويل المجرم الإرهابي ترامب ودعمه بالتريليونات ليكمل إبادة غزّة مع الصهيوني!
من أنتم أيها الحكام؟! من أنتم؟! أتجري فيكم دماء العروبة؟! أتعلمون أمرًا عن الشرف؟! أو عفوًا ذلك المصطلح ثقيل عليكم ولا علاقة تربطكم به، لذا دعونا نتحدث عن الخجل أمام شلال الدماء النازف منذ أكثر من قرن، هل تعلمون أمرًا عنه، ألا تخجلون من أنفسكم وأنتم تقدمون الورد والطائرات لترامب وتهدونه المليارات لا بل التريليونات بالوقت الذي يقدم فيه لأطفال غزّة أفظع المجازر والمحارق، وعلى الملأ تدعمون إبادة القطاع من السعودية والإمارات إلى قطر وما تبقى من دول الخليج والعربان بالمنطقة الذين أسرعوا للقائه وعقد صفقات ذل معه، وصولًا لقمتكم العربية التي عدتم بها للبس أقنعتكم من جديد لتدّعوا الفضيلة والشرف، المفردتين اللتين لا تعرفون منهما سوى أضدادهما باللغة من تذلل وخسة ودناءة وامتهان وسفالة وصولًا للرذيلة!
أتظنون أننا نجهلكم؟ فنحن نعلمكم جيدًا منذ كنا أطفالًا ولم تنطلِ بطولاتكم الوهمية علينا ونحن طلاب ابتدائية، فكيف تريدون منّا تصديقها اليوم؟! فنحن نرى خيانتكم منذ ولدنا أمام أعيننا، ولم نقرأها فقط في كتب التاريخ، فكيف لا تزالون تطلبون منّا الاقتناع بالأوهام وأنكم الفاتحون الأبطال وجيوشكم حررت فلسطين للمرة العاشرة بعد المائة! ولم يتبقَ أمامكم سوى طلقة لرد عذرية ما اغتصب منّا، ونحن نبصر أياديكم ملطخة بالدم وهي تحمل لنتنياهو بمساعدة حليفه ترامب الصواريخ لقتل أطفال غزّة ونسائها! ألا لعنة الله عليكم.
من يجهل حقيقتكم يا أولي الأمر؟! فإن تآمركم على المقاومة وقادتها حقيقة لا جدال فيها، وانبطاحكم أمام العدوّ الصهيوني وحلفائه من القوى الاستعمارية وأميركا لم يتوقف تاريخيًا كما دعمكم على الصعيد السياسي والعسكري والاقتصادي، وصفقة الذل الأخيرة مع ترامب ليست الأولى بل هي جزء من عار كبير ممتد منذ عقود غابرة…
وهذا البيت الأبيض فرح بخنوعكم وينشر تفاصيل استمراركم بدعم آلة القتل الصهيوأميركية وتمويل صواريخ قتل العرب مؤخرًا “بنحو 3 تريليون دولار، أبرزها؛ التزام استثماري بقيمة 600 مليار دولار من السعودية، واتفاقية تبادل اقتصادي بقيمة 1.2 تريليون دولار مع قطر، وصفقات تجارية ودفاعية بقيمة 243.5 مليار دولار بين أميركا والأخيرة، وصفقات تجارية بقيمة 200 مليار دولار بين أميركا والإمارات”، بحسب البيت الأبيض.
بالتزامن مع ظهور ترامب في قاعدة العديد الجوية بقطر حيث إنها تعتبر القاعدة الأميركية الأكبر بالمنطقة العربية، والتي أعرب رئيس الشيطان الأكبر عن سعادته واسترخائه وجنوده القتلة فيها، وقدم شكره للقوات المسلحة القطرية وأميرهم الذي سخِر ترامب منه قبل أعوام أيضًا على دفعه السخي المُذّل والمقدر باستثمار 8 مليارات من أموال بلاده لأجل العديد والمطار العسكري، ورغم أن قطر تُعتبر استثماراتها بأميركا الأضخم بالعالم، إلاّ أنها أبت إلا أن تكافئه على إبادة غزّة وسط تزاحم حكام العربان لنيل رضاه ليقدم له أميرها “أغلى هدية يتلقاها” والتي تمثلت بطائرة من شدة جهوزيتها لقبت بـ “قصر في السماء” وتعقيبًا على تلك المفردة أقول إنّ آخر ما قد تصلون له الوحل، فالسماء تطرد هؤلاء الأنجاس الإرهابيين، والقصور فيها، وبأمرٍ من الله، لا تتسع إلاّ لشهدائنا وقادتنا تاج رؤوسنا أوليائنا الأبرار.
وإلى ذلك، تخيلوا أنهم قدموا للقاتل كلّ هذا وغزّة تحترق وتباد، لكن عزاءنا أن العزة فيها لم ولن تُباد كما ضمائر أولي الأمر الساعين إلى تدمير المنطقة بحجة “سلام” الذل، فبعد لقائهم بترامب وعقد قمة ثلة العربان ازدادت وتيرة المجازر الفادحة التي يرتكبها الصهيوني وكيف لا يتمادى وهم باركوا له إبادة القطاع والهجمات الوحشية على ساحات محور المقاومة؟
وهذا ليس بالجديد فالدعم العربي الرسمي بالأخص الخليجي لأميركا لم يتوقف بل يتضاعف على مدار عقود تحديدًا حين يُمعنون بقتل الشعوب العربية، ومن يدقق بحجم التغييرات التي طرأت على التبادل الاقتصادي بين أميركا ودول المنطقة العربية بشكل عام سيجد أن معظمها ارتفع عقب انتصار السابع من تشرين الأول/ أكتوبر عام 2023، وبدء الحرب الإرهابية على غزّة التي لم يشهد التاريخ الحديث أشد فتكًا وضراوة منها بالتزامن مع العدوان الغاشم على جبهات الإسناد في لبنان واليمن، لنجد ارتفاعًا كبيرًا للتجارة مع أميركا وكأنهم ما زالوا يتعنتون بمكافأتها على قتلنا “فوفقًا لما نشرته أميركا الشيطان الأكبر على مواقعها الرسمية نجد ما أقصده، وفقط على صعيد تجارتها مع الدول العربية قال موقع مكتب الممثل التجاري لأميركا إنها “شهدت ارتفاعًا مع منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وقدرته بنحو 141 مليار دولار أميركي في عام 2024، وبلغت صادرات السلع الأميركية إلى المنطقة 80.4 مليار دولار أميركي في عام 2024، بزيادة قدرها 5.8% (4.4 مليار دولار أميركي) عن عام 2023، وبلغ فائض تجارة السلع الأميركية مع الشرق الأوسط 19.1 مليار دولار أميركي في عام 2024، بزيادة قدرها 39.8% (5.4 مليار دولار أميركي) عن عام 2023”.
وإن كلّ ما سبق لا يتعدى نقطة في وحل عار الأنظمة التي تدّعي العروبة كما الدين، فلم نتحدث بعد عن تفاصيل غرقهم في تطبيع الهوان مع الكيان الصهيوني وحلفائه، والمناورات العسكرية، واتفاقيات التجارة الحرة بين أميركا ودول المنطقة التي ترمي لخدمة كيان العدو، كما قواعدها بأراضينا، والتي تُقصف عبرها بلادنا العربية مرارًا وتكرارًا، وتُمرر المساعدات العسكرية للعدو الصهيوني من سمائنا لمشاركته بإبادة غزّة، واستمرارها بدورها كيّد قذرة للكيان بأوطاننا على أتمّ وجه بالخنوع، ودفاعها عن كيانه الإرهابي باعتراض وإسقاط صواريخ محور المقاومة المبارك، التي تستمر تلك الأنظمة لحد اللحظة بالتآمر عليه سرًا وعلنًا تحت قبة قممها الساقطة في الخيانة والشرك، بالتزامن مع ارتفاع تبادلها الاقتصادي مع كيان العدوّ الصهيوني، وجسر العار البري الذي ما زال يكسر الحصار عن الصهيونية ربيبة أميركا التي تلهث أنظمة العربان لدفع “الجزية” لها، وما تبقى مخزٍ أكثر.
والآن تطلبون منّا يا أولي الأمر أن نصمت! كلا، فأقلامنا لم تعُد تقدر على الصمت ولو لساعات وإن ألقيتم بها في غياهب سجونكم فظلمتها تهون لأجل تعريتكم وهذا فرض علينا، فالصمت أمام عهر خيانتكم، خيانة، ولذنب يتجاوز بشدته كلّ الكبائر، فماذا تبقى بعدما موّلتم وشاركتم الأعداء بقتل العرب يا لعنة عروبتنا أنتم؟! فلم يبقَ انحطاط إلاّ أبصرناه بسيوف هوانكم، يا من تآمرتم باسم العروبة والله على بلاد الله ورجاله، فعليكم أن تعلموا أن جلّ جلاله بريء منكم كما عروبتنا الأصيلة، وأن المقاومين رجال الله على امتداد المحور هم أولو الأمر وهم الشرف كل الشرف.