ترامب لنتنياهو.. الأمر لي

بعد استدعائه بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض والإعلان عن انطلاق التفاوض غير المباشر بين الولايات المتحدة وإيران، الأمر الذي أصاب الأخير بالصدمة وخيبة الأمل، كرّر الرئيس ترامب أمس التجربة ذاتها لرئيس وزراء الاحتلال بإعلانه التوصل إلى اتفاق مع أنصار الله في اليمن لوقف الهجمات على السفن الأميركية حصرًا مقابل وقف الاعتداءات الأميركية على اليمن. ماذا يعني ذلك؟

يحاول الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرملة توثب نتنياهو لابتلاع المنطقة من خلال الحرب والتدمير والاحتلال لمنع وصول الاحتكاك بين إيران و”إسرائيل” إلى مرحلة الحرب الواسعة التي ستضر بمصالح الولايات المتحدة بشكل إستراتيجي. فإعلان انطلاق المفاوضات غير المباشرة جاء بمثابة صفعة قوية على وجه نتنياهو دون إخطاره مسبقًا، ما يعني أن أميركا ستفعل ما تراه مناسبًا لمصالحها الإستراتيجية دون تنسيق مع الاحتلال وحتّى دون الأخذ بعين الاعتبار رغبات حكومة الاحتلال وما تعتقده مصلحة “إسرائيلية” صرفًا. أما الموقف من اليمن فيأتي بعد سلسلة تغييرات وإقالات نفذها الرئيس ترامب في فريقه للسياسة الخارجية والأمن القومي لضمان عدم عرقلة أحد لمسار التفاوض، كما يأتي الإعلان المتعلّق باليمن بمثابة دفع وإعلان حسن نوايا بين الطرفين الأميركي والإيراني إلى الجدية بالتوصل إلى اتفاق متين لا يشبه ما كان عليه عام 2015، وهذا ما يعتبره ترامب حاجة ملحّة بعد انقضاء الأيام المئة الأولى من ولايته دون إنجازات كبرى خصوصًا فشله بالتوصل إلى وقف للحرب في أوكرانيا، فضلًا عن الخسارة المادية التي تتكبدها الولايات المتحدة بعدوانها على اليمن (16 طائرة mq9 يتراوح سعر الواحدة بين 30 و100 مليون دولار وطائرتا إف 18 وآلاف الصواريخ والقنابل فائقة التطور والكلفة).

وبالشكل جاء الإعلان بعد العدوان “الإسرائيلي” على مطار صنعاء والذي قالت “إسرائيل” إنها أبلغت الولايات المتحدة به مسبقًا. رغم ذلك فإن الحاجة الأميركية لاستقرار مشروط في المنطقة أمر في غاية الأهمية، وما أعلنه البيت الأبيض أمس عن إعلان إيجابي يسبق زيارة ترامب إلى المنطقة في 13 من الشهر الجاري يشير إلى حاجة أميركية لحسم بعض الملفات بوقت قياسي ما يسمح لترامب بالانتقال إلى ملفات أخرى ذات أهمية على رأسها الصين.

بالعودة إلى رغبات نتنياهو وحكومة الاحتلال، فإن قرارات الرئيس ترامب الأخيرة تحاول إقفال الطريق أمام نتنياهو لإمكانية عرقلة مسار التفاوض وللقول للدول ذات الصلة، إيران والدول الخليجية، إن الولايات المتحدة جادة بمحاولة التوصل إلى اتفاق يحقق مصالح دول الخليج ويأخذ بعين الاعتبار خطوط إيران الحمراء ويستكمل المشروع الأميركي وفق رؤية الرئيس ترامب. فهل بدأت الفوارق بين المصالح الأميركية الكبرى ومصالح “إسرائيل” تتسع كلما أخذت التطورات في المنطقة مسارات أخرى؟ السباق الآن مع الوقت لتحقيق الحد الأقصى من التقدم بأقل وقت ممكن، فهل تكون الرغبة الأميركية واقعًا خلال الفترة المقبلة؟ وماذا عن التوّتر القائم بين الهند وباكستان؟ وهل يمكن القول إن لـ”إسرائيل” يدًا مباشرة تسعى من خلالها للضغط على الولايات المتحدة لأخذ هواجس “إسرائيل” كأولوية في المنطقة؟ وكيف يضر التوّتر القائم بين الجارين اللدودين بمصالح الولايات المتحدة والصين وإيران على حد سواء؟ ننتظر ونرى…

اليمنترامب