ريما فارس _ خاص الناشر |
في مشهدٍ سياسيٍّ تملؤه التعقيدات الإقليمية والحسابات الدولية، تطفو على السطح من جديد مفاوضات غير مباشرة بين إيران والولايات المتحدة، بوساطة سلطنة عمان. مفاوضات قد تبدو تقليدية في ظاهرها، لكنها تحمل في طيّاتها الكثير من الرسائل المتشابكة بين اختبار النوايا واستعراض النفوذ.
ثلاث جولات حتى الآن، تكرّرت فيها الطاولة ذاتها، وتبدّلت المدن بين مسقط وروما، لكن العقدة المركزية بقيت على حالها: تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%. إيران تصرّ على حقها في استخدام سلمي للطاقة النووية، وترفض فتح ملفات الصواريخ والدعم الإقليمي، بينما تحاول واشنطن فرض شروط مسبقة تحت عنوان “منع السلاح النووي”، لكنها في المقابل تواصل سلوكها التقليدي في استخدام سلاح العقوبات.
الجولة الرابعة التي كانت مقرّرة في 3 أيار، لم تُعقد، تحت مبرر “أسباب لوجستية”، بينما الحقيقة على الأرجح أبعد من ذلك، خاصة في ظل التوترات الأمنية الأخيرة، وانفجار ميناء الشهيد رجائي في بندر عباس، الذي سارع العدو الإسرائيلي لادعاء مسؤوليته عنه، وكأنه يبعث برسالة مضادة لأي تهدئة محتملة.
تزامن ذلك مع حزمة أميركية جديدة من العقوبات، ما اعتبره الإيرانيون دليلاً إضافياً على غياب حسن النية، واستمرار سياسات الضغط القصوى التي لم تُنتج في السابق سوى مزيدٍ من العناد والمواجهة.
أمام هذا المشهد، قد يبدو المشهد الدبلوماسي وكأنه يسير على حافة جدار هش، تتقاذفه ضغوط الداخل الأميركي من جهة، وأوراق القوة الإيرانية من جهة أخرى. وبينهما وسيط عماني يحاول الحفاظ على خيط الحوار ولو بشق الأنفُس.
يبقى السؤال مفتوحًا: هل ما زالت الطاولة قادرة على حمل كل هذا الثقل، أم أن أحد الأطراف يهيّئ الكرسي للانسحاب؟