لم تسلم “مؤسّسة القرض الحسن” من عدوان تمّوز ٢٠٠٦، إذ تعرّضت فروعها إلى قصف وغارات تدميرية، تمامًا كما حدث ليلة أمس، حيث قام العدوّ باستهدافها مجدّدًا في الضاحية والجنوب والبقاع. ولكنّ ودائع النّاس سلمت، فقد حافظت المؤسّسة المؤتمنة على مدخراتهم وأموالهم وذهبهم.
كذلك لم تسلم المؤسّسة من الهجمات التحريضية المستمرّة منذ اشتداد الأزمة المالية في لبنان، فقد أوعزت عوكر إلى أدواتها الناطقة باستهدافها مرارًا، وقام هؤلاء بكلّ ما يستطيعون من تضليل وتحريض ضدّ الجمعية التي ساهمت وتساهم في تيسير القروض للناس على امتداد لبنان، وفي إيداع أموالهم وذهبهم. ولكنّ ودائع النّاس سلمت، فقد حافظت المؤسسة على مصداقيتها بمواجهة التضليل الممنهج ضدّها ولم تخذل من جاءها طالبًا لقرض أو لتغطية مالية تعينه على العمل والسعي.
وحين وقف المودعون في المصارف طوابير ذلّ لسحب ولو جزء بسيط من ودائعهم، كان زبائن “القرض الحسن” يذهبون بكرامة محفوظة إلى فروع المؤسسة لسحب ما يشاؤون من إيداعاتهم، أو لتقديم طلب اقتراض، أو لوضع أموالهم وما يريدون ادخاره.
ماذا جرى ليل أمس؟ لم تسلم فروع مؤسسة القرض الحسن من همجية العدوّ الذي قصف الكثير منها وهو يعلم أنّها مبان مدنية. قصفها وهو يدرك أن هذا التدمير لن يحقّق أيّ تحوّل في الميدان وفي مسار المعركة، وأنّ أقصى ما قد يحقّقه منه هو التدمير من أجل التدمير، وإعطاء مادة للإعلام الصهيوني كي يكمل الحملات التحريضية المستمرّة ضدّ المؤسّسة المالية التي حفظت وتحفظ ودائع أهلها، بكلّ أمانة وفي كلّ الظروف، فيصبح من السهل على قناة Mtv مثلًا أن تقوم بدورها الإرهابي في مجال الإعلام، فتحرّض الناس على المؤسسة وتحذّرهم من ضياع ودائعهم! أو أن يقوم ناشطون من أهل الهوى الصهيوني باستعراض حقدهم العتيق على المؤسّسة التي حفظت أمانات مودعيها يوم نهبت المصارف ودائع النّاس. باختصار، أعاد العدوّ تجربة ٢٠٠٦ حيال المؤسسة الأمينة الوفية، فسارع أهلها إلى التعبير أوّلًا عن أنّ كلّ ما يملكون من مال وذهب وودائع فيها لا يعادل قطرة من دم شهيد، وأنّها كلّها فداء للمقاومة ونهجها. ومن ناحية أخرى، استذكروا حرص المؤسسة وإجراءاتها العالية في حفظ الودائع. بكلام آخر، فشل العدو، وأدواته الإرهابية في الإعلام، في تحقيق الهدف من قصف المؤسّسة.
التفّ النّاس حصنًا حول مؤسّستهم، بادلوها الوفاء بالوفاء، والأمانة بالثقة، كعهدهم مع كلّ ما في مؤسسات حزب الله التي احتضنتهم واحتضنوها في السراء وفي الضراء، في الرفاه وفي الأزمات، وفي السلم وفي الحرب. سخروا من العدوّ العاجز عن تحقيق أي إنجاز في الميدان فيعوّض عن خسائره في كلّ “حدث صعب في الشمال” بالقصف عن بُعد وبالتدمير. قالوا كما قالت الحاجة المرحومة كاملة سمحات ذات تموز: “فدا إجر المقاومة”، ومنهم من ذهب حدّ الحياء من أن تكون خسارته المحتملة مجرّد خسارة مادية، في الوقت الذي أصبح فيه هذا المجتمع بكلّه عائلة شهيد.
ليل أمس أغار العدوّ على مبان فارغة، آذى الحجر والناس، وإن استطاع الناس إفشال العدوان بالتفافهم حول “مؤسّسة القرض الحسن” وتعبيرهم عن الثقة والوفاء والالتزام، فالحجر الذي دُمّر وحتمًا سيعاد بناؤه، يحكي فصلًا جديدًا من حكاية المؤسّسة التي صمدت وواجهت وانتصرت، وعادت في كلّ مرّة أقوى وأكبر.