دعنا من كلّ الدلالات العسكرية والأمنية العالية التي تحكيها صور قليلة من منشأة عماد ٤، ومن تأويل ما شوهد منها وعنها، وما خفي.. من الحديث عن تعاظم قدرات المقاومة في لبنان، ما ظهر منها وما لم يزل طيّ السرّ.. وعن نوع التهديد وكمّ الرسائل المصاغة بحرفية عالية في فيديو من أربع دقائق ونصف، ولنذهب في جولة داخل القلوب وهي ترى كيف ينمو ما كان لله، وكيف روح العماد لم تزل تقاتل..
جبالنا خزائننا، والروح عند البوابة المضاءة بصورة العماد تقف لثانية.. تشهق، تسمّي باسم الله وتتهيأ لدخول الجبل.. يا ربّاه! في هذا الصخر الصلب حّفرت مدينة مقاتلة: سكانها جنود، شوارعها دروب واسعة بوجهة واحدة، النصر.. مبانيها وحدات قتالية متنقلة وجاهزة للانقضاض حيثما شاءت في صدر العدوّ.. والانطباع كهف آمن، والحرارة دم الشهداء، والشّمس فيها عشق واليقين ماء.. من كلّ تفصيل بداخلها عطرٌ يتسرّب إلينا من الشاشة، كأنّه حبق الجنّة يتدفّق في المكان ويهبه هذا الفيض السماويّ الموحي بالطمأنينة وبالأمان..
جبالنا خزائننا، والقلب يجول في زوايا المنشأة، يرجو الكاميرا ألا تنطفىء قبل أن تسقي عينيه بكلّ ما أمكن من المشاهد، وصوت السيد يرافق الصور.. يذكّر الصهاينة بما يتنتظرهم ها هنا.. من هنا..
ويذكّرهم بأنّ عمادًا ذا الرّوح الثورية ما غاب..
وأنّ فؤادًا لم يزل ينبض في صدر المقاومة..
وأن ذو الفقار ما زال سيفًا يقتل كلّ مرحب..
يغمض الناظر عينيه برهة، يستذكر في مليتا زاوية محفورة في صخر ما زال يردّد صوت السيد عباس.. ويفتح عينيه على الشيخ راغب وهو يسقي بذرة المقاومة بضوء عينيه كي تنمو وتصبح منشأة عماد ٤، غصنًا متينًا من ألف غصن والجذع حزب الله..
جبالنا خزائننا.. نحتت فيها يد المقاومة أجمل ما تنحت يد إنسان أعار لله جمجمته وأوقن أنّ يد الله فوق يده، تعينه على إعداد ما استطاع من قوّة ليقاتل بها أعداء الله وينتصر.. جبالنا، التي في كهوفها آوت المقاومين في عاملة الشرف منذ دهور، هي اليوم خزائننا المدهشة التي انتزعت من أعيننا دمع الاعتزاز ونحت نرى، على وقع تمتمات الحمد وشهقات العزّة..
أربع دقائق ونصف من الدّهشة، تنتهي فيخرّ القلب ساجدًا لربّه حامدًا له على نعمة العيش في زمن رجاله.. يرفع رأسه، يهمس بحبّ أن والله لو لا تتسع الجبال لتكون خزائنكم، هذي ضلوعنا ارصفوها خزائنًا واتّخذوا أكتافنا منصات وحبات العيون طلقات.. ينشد واسم العماد منارته: “يا أيها الصّمت الذي هزّ أركان النخب، فليكتب التاريخ أنّ زوالهم فيك انكتب!”