ياسر رحال – خاص الناشر |
عند كل استحقاق وطني يخرج علينا اللوبي الصهيوني في لبنان بعراضات “إنسانية” وتحقيقات “تنبيهية” من هول ما سيجري في حال شنت “إسرائيل” حربًا على لبنان، وما هي عواقب مقاومة رغبة أسياده في ما يسمّى المجتمع الدُّوَليّ، وتاليًا المجلس الحربي الصهيوني المصغر، وما هي نقاط الاستهداف أو بنك الأهداف الذي وضعه العدو. البداية كانت مع مقال مكتوم القيد في صحيفة “التيليغراف” البريطانية (قواعد تجسسها في قبرص باتت مفضوحة ومكشوفة للعالم كله) المكسورة ماليًّا، والتي كانت “النهار العربي” نشرت قبل يومين فقط غسيلها الوسخ على صنوبر بيروت، وتحت عنوان “التّلغراف البريطانيّة… إلى أين؟” كتب عمار الجنديّ “عادت مجموعة “التلغراف” البريطانية إلى الواجهة مع إعلانها أخيرًا عن خسائر تكبدتها العام الماضي بسبب قروض بقيمة 277.6 مليون جنيه استرليني (نحو 35 3 مليون دولار) حصل عليها مالكوها، ومن المرجح ألا تستعيدها الشركة. وأوضحت شركة المحاسبة التي راجعت سجلات المجموعة المالية منذ 2004، حين استحوذ عليها الشقيقان التوأم المليارديران ديفيد وفريديك باركلي، أن ثمة “مخالفات” ممكنة. ولم تستبعد حصول “مطالبات محتملة في المستقبل ضدّ الشركة” بسبب التعاملات غير النظامية.
“ديلي تل أبيب”، هكذا كانت تلقب، صنعت دعاية قاتمة أكثر من سواد ليلة غاب فيها القمر، وعلى لسان أشخاص يمكن لأي هاوي صحافة أن يكتب نصوصًا لهم، ويوحي بأنهم يعملون في مناطق حساسة من مطار رفيق الحريري الدولي، بل ربما يشرفون على فحص البضائع والشحنات القادمة إليه، ليظهر كذب كلّ ما ورد في المقال المفبرك مع الزيارة التي تمت إلى المطار، وحضر فيها أكثر من 20 دبلوماسيًا عربيًا وأجنبيًا، وتحت عدسات وكالات الأخبار العالمية والإعلام المحلي والعربي.
لن نقف طويلًا عند هذا الإعلام الأجنبي المعروف الدفع المسبق، والهوى الإسرائيلي، لكن ما يدفعنا للشك أن أصل الحكاية ليس أجنبيًّا هو استمرار الحملة من قبل قناة المرّ، ولكن هذه المرة من زاوية أخرى وهي منطقة الناعمة وأنفاق الناعمة، والتي لطالما تعايش أهلها مع العابرين في تلك الأنفاق التي لم تعد تشكّل أي خطر عليهم.
وكي لا ينقل الكلام حرفيًّا عن لسان رئيس بلديّة النّاعمة وحارة النّاعمة السّابق شربل مطر؛ لأنه سيحمله مسؤوليات، جاء في تقرير نشر على موقع القناة “المرّة” أنه كان “مُبديًا موافقته على توصيف الأرض بأنّها مُحتلّة، ولا خلاف على هذا الأمر”.
ويستطرد التقرير “هل المنطقة مُهدّدة بالقصف؟ يؤكّد مطر أنّ النّاعمة وحارة النّاعمة لطالما كانتا تتعرّضان للقصف، ومن ثم، لا شيء يضمن عدم استهداف المنطقة من قبل العدوّ الإسرائيليّ، بسبب الوُجود الفلسطينيّ، وهناك خوف يوميّ لدى الأهالي بشأن هذا الموضوع”.
ويختم التقرير نقلًا عن المصدر نفسه في تحريض على مواجهة بين الطرفين “لماذا لا يزيل الجيش اللّبنانيّ هذه المواقع العسكريّة؟ فالوجود الفلسطينيّ فيها يؤثّر سلبًا على المنطقة، وقد تكون عرضةً للقصف في حال حصول حرب شاملة”.
وكي لا نطيل، إن لم تنجح الخُطَّة في المطار، فهل المطلوب إعادة لبنان إلى زمن الحرب الأهلية عبر نفس الأدوات، والتحريض مجدّدًا على “الغريب”.. عبر أنفاق الناعمة؟
بنفس السياق تستمر قناة “آل أبو رغال” “العربية” في الترويج لمقال “التيليغراف” الذي نفت من وضع اسمها عليه ككاتبتها أن تكون خطت حرفًا واحدًا فيه، بل والأخطر أنه لم تعد ومنذ مدة من الزمن تعمل لصالح تلك الجريدة.
فلماذا الصبر على هكذا إعلام، بل لماذا نمنحه حق التواجد على الأرض اللبنانية؟ اللوبي الصهيوني وإعلامه في لبنان والعالم العربي يجب أن يحاكم.
“للصبر حدود” مع هؤلاء، وعلى كلّ من يدعي أنه حريص على البلد أن يتقدّم بشكوى أمام القضاء المحلي على الأفراد بشكل شخصي كونهم يتسببون بإيذاء المواطنين من جرّاءِ إخباراتهم الكاذبة، وعليهم بشكل مشترك لتشكيلهم منظمة تروج للعدو ودعايته المغرضة.
لا يكفي القول إنه لا يوجد صواريخ في مطار بيروت، ولا يكفي القول إن أنفاق الناعمة مخلاة منذ زمن. ما يجب فعله هو فضح هؤلاء على رؤوس الأشهاد وزجهم في السجون كي نفقأ عين الفتنة التي يحضرون الأرضية لها.