بعد كل مكيدة أميركية… نصر

لم تستسلم الإدارة الأميركية بعد لقوة حزب الله في المنطقة، خصوصاً أن يدها العسكرية “إسرائيل” لم تعد قادرة على الدخول في حرب جديدة كي لا يهتز كيانها وتصبح على شفا حفرة من النار فلا مغيث لها. الإدارة الأميركية اليوم تستعمل الحرب الاقتصادية كوسيلة ضغط على المقاومة لكي تلقى الرفض الشعبي الداخلي من دون أن تجدد الخسارات المادية للخزينة الأميركية-الإسرائيلية. المحطات الأساسية التي بينت قوة حزب اللّه هي الحروب التي خاضها بعد التحرير: حرب تموز، الحرب السورية، وحاليًا الحصار الاقتصادي (الحرب الاقتصادية) في المنطقة.

حرب تموز
الحروب العسكرية التي عوّلت عليها اميركا للقضاء على حزب الله لم تكن كافية للحصول على الأمن الوجودي لإسرائيل بل على العكس كانت ضربة أساسية للدخول بالصراع الوجودي بعد أن كانت إسرائيل معروفة باسم الجيش الذي لا يقهر. انتصار تموز عام 2006 لم يكن انتصارًا وهميًا لحزب الله كما يقول بعض السفهاء، لأن شروط الانتصار لا تقاس بالخسائر والدمار بل تقاس بحسب الهدف المخطط له من قبل العدو وهذا ما نسفه حزب اللّه كليًا بعد الحرب. حرب تموز كانت كفيلة بإثبات أن حزب اللّه ليس مجموعة شباب أرادت دحر الصهيوني من أرضهم وحسب بل أثبتت أنه حزب متكامل قوي وقادر على المواجهة، كما أنه دمر الحلم الأميركي بجعل لبنان “ماريونيت” صهيونية في الشرق الأوسط.

حزب اللّه بعد حرب تموز كان الرقم الصعب الذي دفع العدو الصهيوني للجوء إلى وسائل جديدة لم تكن بالحسبان، فمثلاً مسألة التطبيع مع بعض البلدان العربية بشكل سلمي ليس إلا لتثبيت قواعد الدولة الصهيونية التي زلزلها محور المقاومة بعد أن كانت إسرائيل تخوض حروباً عدوانية من دون أن يردعها أحد. فهل تخلت إسرائيل عن حلم دولة إسرائيل الكبرى في الشرق الأوسط أم أنها فقط مضطرة لأن “تعض على الجرح” كي تستبعد الخطر الإيراني عنها بأي وسيلة خصوصاً أن الحرب على سوريا كانت الدليل الأكبر على أن إيران وحلفاءها لا يستهان بهم وأن الحروب العسكرية لن تكون الحل لنزع السلاح.

بدت حرب تموز وكأنها المسمار الأول الذي دُق في نعش الكيان الصهيوني، ولكن الخطة القادمة لتدمير حزب اللّه سوف تبدأ من دمشق لمحاصرة حزب اللّه والقضاء عليه عبر تجنيد المتطرفين ونقلهم من بلادهم إلى سوريا.

الحرب على سوريا

لكي تكون ثائراً منتفضاً على الظلم، لا بدّ أن تستعمل الشعارات الرنانة كـ”الشعب يريد إسقاط النظام”، “بدنا حرية وديموقراطية” وليس مهماً إذا كانت فعلاً كلمة حق بوجه ظالم أم أنها كلمة حق يراد بها باطل، فهل شعار “المسيحي عبيروت والشيعي عالتابوت” كلمات ثورة صادقة؟ مجدداً، ما لم تستطع أميركا وإسرائيل تدميره عام 2006 راهنوا عليه من جديد في سوريا عبر قطع الشريان المغذي لحزب اللّه عبر تدمير الفكر العقائدي ونزع السلاح بالقوة. الحرب الكونية التي شنت على سوريا من خلال استعمال الجماعات التكفيرية لتدميرها لم تكن كافية أيضاُ لنزع سلاح حزب اللّه وإسقاط بشار الأسد مع أن الحرب كانت من أصعب الحروب.

منذ اشتعال الحرب السورية التي حملت في طياتها آلاف القصص العسكرية والاجتماعية، خرجت العديد من القرى والمدن من تحت سيطرة تنظيم داعش الإرهابي وجبهة النصرة والجيش الحرّ الذين كانوا مدعومين من الكيان الصهيوني مباشرة من دون حياء. وفي خضم هذه الحرب اتبعت المقاومة إستراتيجية المواجهة والتصدي عبر الدفاع المباشر على الأراضي السورية.
أمام كل هذا الضخ والصور المروعة انتصر محور المقاومة على محور الإرهاب فكان قيصر “الحصار الاقتصادي” عقاباً لكل من حاول التصدي لهيمنة القوات الأميركية وحلفائها في الشرق الأوسط، فماذا بعد الحصار؟

الحصار الاقتصادي

” الأميركيّون يهيّئون لفوضى في لبنان”، هكذا عبر السفير الروسي عن قلقه من المخطط الأميركي عام 2019 أي ما قبل ثورة 17 تشرين التي كانت بداية لتكسير صورة المقاومة لدى الجمهور. يعلم الأميركيون جيداً أن حزب اللّه والرئيس بشار الأسد يمتلكان قواعد شعبية متينة خصوصاً بعد مواجهة الإرهاب وحماية الأهالي، ولكن المخطط اليوم أن تتم زعزعة الثقة، وليست هذه سهلة خصوصاً أن حزب اللّه يشارك في الحياة السياسية اللبنانية، فهل سينجح الأميركي بسلخ الجمهور عن القيادة؟

“شبعنا كرامة”، “وين الإنتصار” “ما عندي صبر وبصيرة”، كلمات يرددها بعض الناس محملين حزب اللّه المسؤولية وكأن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق حزب اللّه وحده! أليس هذا ما يريده الأميركي منك أيها الثائر المنتفض؟ أنقذوا لبنان، ولكن ممن؟ عليك أن تعلم أيها اللبناني أنك في حرب اقتصادية، ففك الحصار ليس مكرمة من أحد.

اساسياميركاحربحصار