هل هناك آفاق ستنفتح في أروقة السياسة؟ أم هناك عمل ميداني سيحدث تغييرًا جذريًا على الصعيد العسكري؟ أو هو انفراج مرتقب على الواقع الاقتصادي وما يتعلق به من رفع الحصار وإعادة الإعمار؟
كل هذه التساؤلات وغيرها تطرح نفسها بقوة في وعي المواطن السوري وكذلك المهتمين بالشأن السوري. انطلاقًا من نقطة جوهرية في الصراع مع العدو أقول: صحيح أن الانتخابات الرئاسية السورية شكلت تحولًا كبيرًا في سياسة بعض دول المنطقة ليس فقط مع سورية بل ومع محور المقاومة أيضًا، وصحيح أن نجاحها يعتبر نصرًا مهمًّا يسجل لصالح سورية وحلفائها ولكن السؤال الأدق الذي يجيب عن كل التساؤلات السابقة: هل استسلم العدو؟ هل وصل إلى نقطة العجز عن إنتاج أي مشروع جديد في مساره للهيمنة على المنطقة والسيطرة على خيراتها ومقدراتها؟
علينا أن نعي كمقاومين أن العدو متى توقف عن عدوانه فَقَدَ سبب وجوده. إن تلك الساعة التي يعلن فيها العدو عجزه عن إنتاج مشاريعه المختلفة من احتلال مباشر وغير مباشر ومحاولات الهيمنة وانتزاع السيادة والتقسيم والغزو الفكري والثقافي والاديولوجي والحرب الناعمة والبيولوجية فهذه الساعة حتمًا هي ساعة وفاته، فهل تلك الانتصارات التي حققتها المقاومة سواء في سورية أو في فلسطين ولبنان وإيران واليمن جعلت العدو يحتضر؟
أعتقد أنها أصابته إصابة كبيرة ومباشرة أوجعته في الصميم وغيرت الموازين والمعادلات ولكن من المبكر القول إنها أنهكت قوى العدو، فما زالت أمريكا تنهب النفط السوري في الشمال وتحرم منه الشعب السوري في محاولة منها لتجويعه وخنقه ومحاربته في لقمة عيشه لإخضاعه لأهدافها التي تخدم مصالحها وسياستها الاستكبارية. وما زالت الرياض رغم ما كثر الحديث عنه في الآونة الأخيرة حول تقارب بينها وبين دمشق أو بينها وبين طهران إلا أن أبواقها الإعلامية ما زالت تنعق بضرب جذور وحدة الصف ووحدة الكلمة نحو التحريض الطائفي، وما زالت مستمرة في حربها على اليمن ناهيك عن كونها دولة لا يمكن الاعتماد عليها بتغيير سياساتها لأنها غير مستقلة عن التبعية الأميركية ولا يمكن فصل سورية عن باقي دول المحور؛ فالعداء الذي تمارسه السعودية أو أي دولة أخرى على اليمن بطبيعة الحال يعني عداء ضد سورية وضد كامل المحور.
فبعد إفشال كل مشروع من مشاريع الدول الاستكبارية علينا بالقدر نفسه الذي نعلن فيه بشائر النصر أن نتهيأ بكامل قدراتنا وتحصيناتنا نحو التصدي للمشروع الذي سيولد من جديد خلفًا لسابقه.
أعلم أن الجميع يتساءل مستنكرًا لماذا علينا أن نبقى في جبهة الدفاع دون أن نفكر في أن ننتقل إلى مرحلة الهجوم؟! لا أظن أن البقاء في جبهة الدفاع أمر سيئ لأن الثبات فيه بحد ذاته هجوم، فالعدو لن يقدر أن يطرح مشاريع شيطانية جديدة إلى ما لا نهاية، سيصل لمرحلة إعادة تدوير مشاريعه القديمة البالية وهنا علينا أن نكون ملمين جدًا بدراسة التاريخ. وهنا أيضًا يمكننا القول أصبحنا في جبهة الهجوم حيث أصبح جسد المقاومة يمتلك المناعة الكافية ضد كل أشكال التآمر والتعدي عليه ما يمكّنه من امتلاك زمام المبادرة ليصبح القوة الأساسية في المنطقة.