في اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.. كلنا أبناء القضية

لن يكون اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني هذا العام، يومًا تضامنيًا كغيره في السنوات الماضية، لأن ما سطّره هذا الشعب المقاوم الصامد العنيد من انتصارات وإنجازات على امتداد فترة الاحتلال الصهيوني لأرضه، يكاد لا يوازي بأهميته وثقله ما سطرته المقاومة الفلسطينية في الخمسين يومًا الأخيرة من معركة طوفان الأقصى، التي أعادت إلى الشعب الفلسطيني مجده وسيطرته على أرضه بعد أن كبّدت العدو المحتل الغاشم هزيمة دوّت في تاريخه الحافل أساسًا بالهزائم والجرائم، وفي مستقبله المبشّر بالانهيار القريب.

معركة طوفان الأقصى التي ولدت وقبل كل شيء من رحم غزة المقاومة العصيّة على الانكسار والانهزام، جعلت الكيان الغاصب في حالة تخبط وضياع لم يشهد مثلها من قبل، فأصابه الجنون الإجرامي، ولجأ كعادته عند كل هزيمة يصاب بها إلى لغة القتل والإجرام والدمار ظنًا منه أن ذلك سيعيد له بعضًا من هيبته “الكرتونية” الوهمية التي سُحقت عند أقدام أطفال غزة.

حرب العدو التي استمرت لما يقارب الخمسين يومًا قبل خضوعه لهدنة إنسانية فرضها صمود المقاومة، أسفر عنها استشهاد ما يقارب الـ 20.000 شهيد فلسطيني معظمهم من الأطفال والنساء، وسقوط آلاف الجرحى، فضلًا عن تدمير نصف الوحدات السكنية تقريبًا في قطاع غزة المحاصر، وحرمان أهله من كل أشكال المساعدات الغذائية والطبية والخدماتية في محاولة لتنفيذ إبادة جماعية بحق هؤلاء المقاومين الصامدين الصابرين المنتصرين.

هذا الإجرام الوحشي الذي طغى على كل أشكال الإجرام الكوني، تمت مواجهته بحملات واسعة جدًا من التضامن العالمي بكل أشكاله مع غزة وأهلها، لا سيما التضامن الدولي الشعبي الذي حرّك دولًا بأسرها وشكّل بثقله ضغطًا دوليًا أدى إلى تغيير في مواقف بعضها بعد أن كانت في بداية الحرب من الأطراف المؤيدة والشريكة والداعمة للعدو الصهيوني بكل مجازره.

لم يكن التضامن العالمي مع القضية الفلسطينية عبارة عن مناسبة عابرة ولا يمكن أن يكون كذلك، لأن القضية هنا لا ترتبط بمبدأ جدلي قابل للاختلاف أو المساومة، بل على العكس، نحن أمام قضية مصيرية تتعلق بحياة أمة بأكملها وبكل تفاصيلها، بحقوقها وحرياتها وأرضها المغتصبة على مرأى ومسمع العالم كله، والذي على امتداد عقود من الزمن لم يحرك ساكنًا ولم يعط القضية حقها، بل عمل على تهميشها وطمس معالمها على نحو مستمر.

التضامن اليوم يأتي إذًا بشكل أكثر اختلافًا وأشد حاجةً لأن يبقى ويستمر أمام الواقع الجديد الذي رسمته معركة الأيام الأخيرة. ونحن اليوم كأبناء هذه الأمة المؤمنين الداعمين للقضية الفلسطينية، وانطلاقًا من واجبنا المهني الصحفي الرسالي، نؤكد تضامننا الثابت والمتواصل مع هذه القضية، وندعو أبناء الأمة أجمع، وكل إنسان شريف وحر في هذا العالم للمشاركة في حملة التضامن مع الشعب الفلسطيني والتي تستمر من 25 تشرين الثاني الجاري لغاية 2 كانون الأول 2023. وقد حملت الحملة لهذا العام شعار “أنا إنسان، أنا أدعم غزة”.

المشاركة في حملات التضامن هي أقل ما يمكن أن نقدمه من واجب اتجاه القضية الفلسطينية، وهذا الواجب لا يساوي حتى قطرة دم طفل شهيد في غزة، إلا أن المقاومة تبقى واجبًا علينا بكل أشكالها، حتى لا يكون هذا الدم هدرًا، وكي لا تضيع هذه التضحيات المقدسة في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني.

وفي إطار التضامن هذا، لا بد من أن يكون لنا دور فعال وواسع جدًا في كشف إجرام العدو وتبيان الحقائق كما هي، والوقوف في وجه التضليل الإعلامي الذي يمارسه عبر أدواته المختلفة، حيث ينفق في سبيل ذلك ميزانيات هائلة لممارسة تضليله لحقائق الإجرام التي يرتكبها والمجازر الوحشية وممارسات التطهير العرقي بحق غزة وأهلها، ويكون ذلك عبر استنفار الجهود الفردية والجماعية وتفعيلها في الاتجاهات التي تخدم القضية وتضع العدو على نحو مستمر في موقع الدفاع عن نفسه أمام الرأي العام العربي والعالمي.

الأمر في هذا الصدد لا يقتصر فقط على الندوات والوقفات والتحركات التضامنية، بل لا بد من التركيز بشكل عميق وكبير جدًا على الدور الإعلامي وعلى وسائل التواصل الاجتماعي والتي يمكن أن يكون كل فرد منا جنديًا مقاومًا فيها، عبر صوته ومنشوراته ووعيه ورأيه ومواهبه القادر من خلالها على نصرة الشعب الفلسطيني ونقل صوته ومعاناته للعالم كله، مقابل تبيان حقيقة الصهيونية الوحشية وإجرامها الفتاك بحق نساء غزة وأطفالها.

اساسيفلسطين