‏نصرة محور المقاومة لأهل غزة

ندين النجار – خاص الناشر |

أرسى طوفان السابع من أكتوبر واقعًا جديدًا بأبعاد سياسية وإستراتيجية تظهرُ يومًا بعد يوم. فالمعطيات والحقائق الجديدة التي برزت للعالم، عدا عن أنها أعادت القضية الفلسطينية لتكون الأولى، أكدت على معادلة جديدة وهي أن ما قبل السابع من أكتوبر ليس كما بعده ولكن هذه المرة بتعريفٍ وضعته المقاومة. ظهرت هذه المعادلة بوضوح في المواقف التي عبّر عنها قادة محور المقاومة في خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وفي القمة العربية – الإسلامية “غير العادية” بشأن الحرب الهمجية على غزة.

بين عملية طوفان الأقصى والحرب التي يشنها العدو الإسرائيلي على قطاع غزة بدعم أميركي سخي، استطاع محور المقاومة أن يؤكد مرة جديدة على مدى التناسق والتماهي ووحدة مواقفه وقدراته العسكرية والسياسية في مواجهة العدوان الأميركي-الإسرائيلي والنجاح في تحقيق أهداف إستراتيجية ذات نتائج بعيدة المدى، وهذا ما عبر عنه السيد حسن نصر الله في خطابه عندما قرر “وضع النقاط على الحروف” ووضع الحد “للمزايدات التافهة والخبيثة” تزامنًا مع مواقف بقية أطراف المحور التي تم التعبير عنها في القمة العربية والإسلامية.

على الصعيد السياسي، أكد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي على الثوابت التي يقوم عليها محور المقاومة وفي مقدمتها التصدي للمشاريع الأميركية والإسرائيلية الاستعمارية التوسعية في المنطقة، والالتزام بالمقاومة الفلسطينية على اعتبارها السبيل الوحيد لبناء دولة فلسطينية كاملة من البحر إلى النهر. إضافةً إلى توجيه الدعم والتحية للمقاومة الإسلامية في لبنان مما يُظهر مدى عمق العلاقة مع حزب الله.

جاء الموقف الإيراني متناسقًا مع حديث السيد حسن نصر الله الذي أكد على أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي في “قلب المعركة” من خلال موقفها الراسخ بصفتها الداعم لحركات المقاومة سياسيًا ودبلوماسيًا وعسكريًا وماليًا إلى جانب سورية رغم كل التهديدات والعقوبات التي تتعرض لها.

أما الرئيس السوري بشار الأسد فقد جاءت كلمته في القمة العربية والإسلامية تعبيرًا عن موقف عروبي سوري قوي وصامد في وجه الدول الغربية الاستعمارية القائمة على “قمع ونهب الشعوب” والتي حاولت إخضاع سورية وتدميرها من خلال إدارة الحرب على أرضها لتحقيق مصالح دولية. وهو الموقف الذي يتشارك فيه مع إيران بعد نجاح الثورة الإسلامية الأمر الذي أدى إلى تحالف إستراتيجي جيوسياسي بين البلدين لمواجهة المخططات الأميركية والأوروبية. تحدث الأسد عن أدوات سياسية قوية لردع الاحتلال الإسرائيلي متمثلة بوقف أي مسار سياسي مع الكيان الصهيوني لضمان حقوق الشعب الفلسطيني مستقبلًا على عكس “الوداعة العربية” التي لم تجلب إلا المزيد من “الشراسة الصهيونية”.

وهذا ما يؤكد على عودة الصراع مع الاحتلال إلى الواجهة بدلًا من المشاريع الانهزامية. كما أكد على أولوية القضية الفلسطينية وأهميتها بالنسبة للأمن القومي السوري مشيدًا بالمقاومة الفلسطينية الباسلة” التي فرضت واقعًا جديدًا وهو أن العالم القادم هو عالم فلسطين وذلك من خلال كسر إرادة العدو الإسرائيلي وإظهار حقيقته الوحشية للعالم بصورة أوسع.

“سورية في الموقع الطبيعي والمنطقي في المواجهة” هذا ما وصف به الأمين العام لحزب الله الموقف السوري الثابت والداعم للمقاومة، فالدولة السورية التي تعاني من حرب دولية واقتصادية على مدار 12 عامًا، تحتضن المقاومين وحركات المقاومة مما يدل على وحدة ساحات محور المقاومة، وتأتي الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على مواقع مختلفة في سورية وآخرها الاعتداء الذي أدى إلى ارتقاء سبعة شهداء من حزب الله ردًا على الطائرة المسيرة التي أطلقت نحو إيلات من جهة لم يستطع العدو تحديدها خيرُ دليل على تحمل سوريا تبعات الضياع والضعف الإسرائيلي وعلى أدائها لدورها ضمن المحور لمساندة المقاومة الفلسطينية في ظل تأهب الجيش العربي السوري من البادية السورية إلى ريف اللاذقية لمواجهة هجمات الجماعات الإرهابية وتنظيم داعش كجزء من المواجهة للاحتلال الأميركي الداعم للعدو الإسرائيلي في المنطقة.

على الصعيد الميداني والعسكري وإلى جانب الساحات الفلسطينية واللبنانية والسورية، يأتي دور اليمن لرسم معادلات جديدة مع العدو الإسرائيلي، فإلى جانب الجرأة والشجاعة التي عبرت عنها الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة، ايمانًا بالقضية الفلسطينية ودعمًا لغزة، أدت الضربات اليمنية إلى تطور العداء السياسي مع العدو الإسرائيلي عبر استخدام القوة مما يؤثر بدوره على مسار التطبيع السعودي-الإسرائيلي الذي كان يتم الحديث عنه قبل الحرب على غزة. وقد اعتبر الأمين العام لحزب الله أن الموقف اليمني ألزم العدو بتحويل عدد من بطاريات القبة الحديدية والدفاعات الجوية باتجاه إيلات بوصفها منطقة غير آمنة للمستوطنين بحيث يشكل النزوح ضغطًا على الحكومة الإسرائيلية الأمر الذي يُعد من الإنجازات التي أدت إلى إلحاق الضرر على المدى البعيد بالكيان الإسرائيلي.

أما معادلة إيقاف العدوان الإسرائيلي على غزة مقابل عدم حصول حرب إقليمية التي وضعها أمين عام حزب الله فتجسدها الجبهتان العراقية واللبنانية. ففي العراق تستهدف المقاومة العراقية القواعد الأميركية في العراق وسورية باعتبارها المسؤول الأول عن المجازر والقتل وفي إطار التضامن مع غزة كما يعبر عن هدف المقاومة العراقية بتحرير البلاد من القواعد الأميركية الاستعمارية. وتشكل جبهة الجنوب اللبناني الضغط الأكبر على العدو الإسرائيلي مع تصعيد يومي في مستوى العمليات العسكرية على الرغم من تزايد عدد الشهداء في الجنوب يوميًا.

إن التكامل والتنسيق بين جبهات محور المقاومة تصب كلها ضمن هدف واحد وهو نصرة أهل غزة ودعم المقاومة الفلسطينية ومساندتها في معركة التحرر الوطني التي تقوم بها، فيوم السابع من أكتوبر الذي ألحق أكبر هزيمة بالكيان الإسرائيلي على المدى البعيد وجوديًا وإستراتيجيا أكد على ازدياد إيمان شعوب المنطقة بالمقاومة على الرغم من كل المحاولات الوحشية للعدو الإسرائيلي لليأس من الحركات المقاومة.

ومن المعركة الدائرة يمكن استخلاص النتيجة التالية، وهي أهمية وجود محور المقاومة لإفشال المخطط الأميركي الذي يهدف إلى تثبيت النفوذ الإسرائيلي في المشرق العربي وفق المشروع الصهيوني الذي ينظر للمنطقة على أنها مجال حيوي له ومن هنا يأتي دور التحالف الجيوسياسي العالي المستوى بين إيران وسورية وحزب الله والحركات المقاومة.

اساسيالسيد نصر اللهحزب اللهطوفان الاقصىغزةفلسطين