سمع العالم بأسره، والصهاينة خاصة، كلام أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام، وهو ينصح المجتمع الإسرائيلي بالعودة إلى التلمود وذكّرهم بلعنة العقد الثامن. فما هي لعنة العقد الثامن؟ ولماذا استحضرها الآن أبو عبيدة في خطابه الإعلامي وفي ذروة الحرب المفروضة على غزة بعد طوفان الأقصى؟
يكثر الحديث في السنوات القليلة الماضية في الأوساط السياسية والدينية الإسرائيلية عن نبوءة تتعلق بزوال “إسرائيل” عند بلوغها العقد الثامن باعتبارها الدولة الثالثة لليهود تاريخيًا، فالدولة الأولى أسسها الملك داوود وبقيت موحدة 80 عامًا لكنها تفككت بالعام 81 بسبب الصراعات الداخلية وانقسمت إلى مملكة يهودا ومملكة إسرائيل. مملكة الحشمونائيم هي الدولة اليهودية الثانية بقيت 77 عامًا موحدة قبل أن تتمزق في العام 80 وبسبب الاقتتال الداخلي أيضًا.
هذه الصيرورة التاريخية تقلق الصهاينة اليوم كلما اقتربوا عامًا إضافيًا من اكتمال العقد الثامن، أول من استحضر لعنة العقد الثامن كان بينامين نتنياهو الذي يشغل اليوم منصب رئيس وزراء الكيان، ويقود حاليًا الحرب على غزة، فقد ادعى نتنياهو قبل 6 سنوات أن بقاءه رئيسًا سيضمن عدم حدوث هذه اللعنة.
ايهود باراك رئيس حكومة العدو سابقًا، أعرب كذلك عن مخاوفه من قرب زوال “إسرائيل” قبل حلول الذكرى الثمانين لقيامها، فهو يقول “وصلنا إلى العقد الثامن ونحن كمن استحوذ عليهم الهوس، بتجاهل صارخ لتحذيرات التلمود”، معتبرًا أن التهديد يأتي من خطر الانقسام الداخلي، والتهديدات الفلسطينية وإيران.
بينما شدد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في العام 2021 إلى التركيز على عدم الانهيار في الداخل، لأن أشد مايواجه “إسرائيل” هو خطر التفكك الداخلي وبالتالي الاندثار كما حصل بممالك اليهود السابقة.
ولم يتقصر الأمر على السياسين وأصحاب القرار في سلطة الكيان، بل تعداه إلى الحاخامات والسلطة الدينية التي تستند إلى نبوءات تتحدث عن خطر الزوال كالحاخام الأكبر موشيه هيرش ،وشمعون بن يوحاي والمؤرخ الإسرائيلي بيني موريس الذي يرى بحتمية انتهاء الصراع لصالح أهل الأرض الأصليين أي الفلسطينين وحدد أفق زمني بثلاثين أو أربعين سنة من خلال مقابلة أجراها في العام 2019.
هذه الحتمية المستقبلية لوجود هذا الكيان المغتصب للأرض والمعتدي على حقوق أهلها رآها وعبر عنها الامام السيد علي الخامنئي منذ العام 2015 عندما خاطب الصهاينة قائلًا “لن تشهدوا الأعوام الـ٢٥ القادمة. لن يكون هناك بفضل وتوفيق من الله شيءٌ يُدعى الكيان الصهيوني في المنطقة”، وقد أدى هذا التصريح للاستهجان آنذاك والتساؤل حول امكانية زوال “إسرائيل” وفقًا لتوقيت السيّد علي الخامنئي.
وقد أكد على هذا الكلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عندما سئل عن تصريحات الإمام الخامنئي وإمكانية رؤية نهاية “إسرائيل”، فكان الرد، بأن”زوال إسرائيل من الوجود هو أمر قطعي ونتيجة حتمية، قانون تاريخي وسنة إلهية لا مفر منها”.وقد فند السيد نصرالله الأسباب التي يستند عليها في رؤيته لمستقبل هذا الكيان في منطقتنا، وقد ذكر منها احتمالية التفكك الداخلي للمجتمع الإسرائيلي غير المتجانس، وهو ما نراه اليوم في الانقسام حول الحرب على غزة بين مؤيد ومعارض، وأن هذا الكيان لا يشبه باقي الدول من حيث البنية، فهو قاعدة عسكرية تستند بالأساس إلى الجيش الذي صنعت له دولة، وليس العكس كباقي الدول. وكذلك الأمر بهذه الرؤية الاستراتيجية كأن السيد نصرالله يتحدث اليوم عن هزيمة هذا الجيش أمام فصائل المقاومة في فلسطين، وتحديدًا ما حصل يوم السابع من اكتوبر في عملية طوفان الأقصى وما يجري اليوم من عمليات لكتائب القسام وسرايا القدس وهي تسطر حتى كتابة هده الأحرف أروع البطولات.
أمر ثالث ربط فيه السيد نصرالله وجود “إسرائيل” منذ سنتين تقريبًا وهو المناخ الدولي والإرادة الدولية وهو ما نشهد تغيره اليوم بعد المجازر الإسرائيلية بحق أطفال غزة.
نحن إذًا أمام مشهد متكامل يفضي إلى نتيجة واحدة وهي زوال “إسرائيل” في القريب العاجل، سواء بالخوف القادم من داخل الكيان، أو من التهديد الخارجي وإرادة الشعب الفلسطيني مدعومًا بالدعم الكامل من محور المقاومة الذي أثبت اليوم أنه ساحة واحدة في معركة واحدة ستفضي بنتيجة واحدة وهي الصلاة في القدس كما وعدنا صاحب الوعد الصادق.