دول الطوق، هي الدول الأربع المحيطة بفلسطين (لبنان، سوريا، الأردن، مصر). وهو مصطلح أطلقه الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر على هذه الدول. والتسمية لم تأتِ من فراغ، فالطوق يعني تضييق الخناق على المستهدف حتى يُحاصر ريثما يتم القضاء عليه والتخلص منه نهائيًّا.
وبالنظر إلى ما يجري اليوم من مجازر يومية في الشعب الفلسطيني ومحارق ليلية بالقذائف الفوسفورية للنساء والأطفال… ماذا تفعل دول الطوق؟
على الجبهة الشمالية يتولى حزب الله قيادة المعركة من خلال القصف المتبادل يوميًا مع العدو الاسرائيلي وإشغال جيش الاحتلال من خلال فتح الجبهة واحتماليات التوسع والقلق الذي يسيطر على قيادة العمليات العسكرية في الشمال والداخل الاسرائيلي، وبعيدًا عن الجدوى العسكرية والتحليلات السياسية التي لها خبراؤها، تبقى هذه الجبهة هي الجبهة الوحيدة المفتوحة من دول الطوق، مع الجبهة السورية من خلال بعض العمليات بين الحين والآخر.
أما الجبهتان الأردنية والمصرية فما تزالان ساكنتين، رغم اللهب الشعبي الذي يردد الهتافات المطالبة بفتح المعابر في كلتا الدولتين.
نسي الشعب الفلسطيني مصطلح الطوق، لأن الطوق قد فتح سفارات للعدو على أرضه بدلًا من احكام القبضة والخناق.
لم يعد هناك فلسطينيٌّ يصرخ أغيثونا يا عرب، أين أنت يا مصر، الغيرة الغيرة يا أهل الأردن.
قالها أبو عبيدة في آخر خطابٍ له: لا نطلب منكم أن تحركوا الجيوش لا سمح الله، لكن هل بلغ فيكم العجز حدًّا لا تستطيعون فيه ارسال سيارة مساعدات انسانية لشعبٍ عربي شقيق لا يمتلك أدنى مقومات الحياة تحت حرب إبادة جماعية؟!
على الرغم من هذه الصورة القاتمة، يظهر شابٌّ مصري من الجيش وهو يناشد دولته أن تفتح لهم الحدود له ولرفاقه من الشبان المصري الذين لا تزال رمال سيناء شاهدة على بطولات سطرها أجدادهم وهم يدافعون عن فلسطين ضد الغاصب المحتل.
يقول هذا الشاب بصدق: “لا نريد سلاح، لا تعطينا سلاح يا عم، بس افتح الحدود واحنا نقاتل بدون سلاح، إنتو دربتونا على كده، والله حتلاقي آلاف الشباب حتروح وتناصر اخواننا في غزة”.
بهدوء وبكسرة خاطر وبحرقة يتحدث هذا الشاب عن شعب كامل يقف بدهشة، مكبل اليدين أمام ما يجري والطوق أصبح حول عنقه من اتفاقية كامب ديفيد إلى اليوم.
ماذا لو فُتح معبر رفح؟ هل ستمر منه فقط قوافل الإغاثة؟ ماذا لو تحركت دبابات الجيش المصري كما حذر مستشار البنتاغون السابق دوغلاس ماكغريغور، تحت الضغط الشعبي والاسلامي، ودخل حزب الله من الشمال وفي الداخل القسام والقدس تسطر ملاحم في جيش بات جيش هزائم كما أسماه بالأمس أبو حمزة المتحدث العسكري باسم سرايا القدس، وهو يتحدى وزير الحرب الاسرائيلي يوآف غالانت، ورئيس الأركان هرتسي هاليفي، أن يخبروا العالم ماذا حصل لهم غرب بيت لاهيا وشرق خانيونس وفي بيت حانون.
ما الذي يحصل لو أن الأردن تخلى عن إرث الملك حسين، وترك للشعب الأردني حرية المقاومة الشعبية على الحدود، وسمح لفلسطينيي الشتات أن يعودوا للأرض التي طُردوا منها؟
الشاب العراقي الذي خيم على الحدود معتصمًا لا يمكن للنخوة أن تدعه إلا وهي تفتح له طريقًا للقدس، وهو الذي يناصر أخاه الفلسطيني بضرب القواعد الأمريكية في العراق ردًا على الدعم الكامل وقيادة الحرب على غزة.
يقول العقيد الأمريكي السابق دوغلاس ماكغريغور جملة مهمة والخوف يسيطر على كلامه: “لقد فعلت “اسرائيل” شيئًا لا أعتقد أن أحدًا يمكنه أن يفعله، فهي وحدت السنة والشيعة ضدها، لذلك يجب إنقاذ “اسرائيل” من نفسها”. اليوم لم تعد دول الطوق هي المعنية وحدها بالصراع، بل كل العالم الإسلامي، وهذه “اسرائيل” تلفظ أنفاسها الأخيرة، وتتخبط سياسيًا وعسكريًا واجتماعيًا، والفرصة اليوم أمام الجميع لاتخاذ موقف تاريخي ينهي معاناة الشعب الفلسطيني الذي يذبح كل يوم مئات المرات وهو يعض على الجراح ويخرج من تحت النبض حياة ليقاوم ويخرج منتصرًا. فمن أراد نصيبًا من الفتح فليدخل في محور المقاومة أفواجًا لأن نصر الله قد جاء.