إلهام كمال عمار – الناشر |
قراءة في مجريات الأحداث الأمنيّة وما واكبها من التّطورات التّصعيديّة في قطاع غزة وعلى الحدود اللبنانية الفلسطينية في ظلّ الحرب الإعلاميّة المرتبطة بوسائل إعلام العدو الكاذبة وما يترتب عن ذلك من تداعيات خطيرة، من ناحية التغطيّة الإعلاميّة المرئيّة والمسموعة الهادفة إلى فبركة الصّورة بشكل مضلّل وإفتراء بغية إستخدامها آداة ضِد الطرف الآخر عبر نقل الصّورة الكاذبة والمشاهد المنآفية للحقيقة المترافقة مع إعلامهم السائد في بثّ الأخبار العارية عن الصحة مع توالي اللعب على المصطلحات بنيّة شيطنة حركة المقاومة الفلسطينية والمقاومة الإسلاميّة من منطلق التشويش الفكريّ والعقائديّ، وما يترافق من التاثير على الرأي العام .
على وجه التحديد، التاثير النفسي والمعنوي، لاسيما وأن هذه الصّورة تؤثر في الحواس الخمس وتثبيتها في الأذهان، نظرًا إلى عملية الأكاذيب والأضاليل وتحريف الحقائق عن مسارها. من شأن ذلك، قيام العدو الوحشي الغاشم وحكومته اليمنيّة المتطرفة الّتي تنتهج سياسة الأرض المحروقة تلميع وتجميل صورته القبيحة، نتيجة ارتكابه بآلة العنف الهمجيّة أفظع الجرائم المرعبة والموصوفة بالجرائم بحق الإنسانيّة، تنفيذًا لمخططه الاستراتيجي في المشاريع الاستعماريّة والاستيطانيّة القائمة على ركيزة نظامه الأساسية من الفصل العنصريّ، التّطهير العرقي، التّرويع، التّدمير، القتل، التنكيل، قضّم الأراضي وبناء المستوطنات.
الجدير ذكره، وفيما يتعلّق بوسائل الإعلام العبري المشار إليها آنفًا، يسيطر عليها اللوبي الصهيوني عبر الإعلام المتطور وتقنية التكنولوجيا المترافق مع الإعلام الغربي الممسوك من ذاك اللوبي الصهيوني تبعًا للغرب الجماعي، فضلًا عن بعض وسائل الإعلام العربية المنحازة والمرتهنة للغرب الهادفة ألى تعتيم الصّورة، الدّالة على الجرائم الصهيونيّة النازية والفاشية بحق الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 .
أمام هذا الواقع، ينبغي بنا أن لا نقاربه أبدًا مع الإعلام العسكري المقاوم الّذي يواكب التّطورات، بحيث ينقل الصّور ومشاهد الأحداث تفسر حجم الكوارث الإنسانيّة في إضاءةٍ منه على أهميّة الصّورة الحقيقية، ظنًا من العاملين في الإعلام الحربي المقاوم، لعل الصّورة تختصر الحكاية وتكون خير تعبير عن المقاومين، الصادقين، الواثقين، المجاهدين، الصابرين والمدافعين عن التّحرر الوطني من رجال الله.
هكذا هم رجال العزائم في وقت المصائب، النوائب والشدائد، مقابل إلحاق المزيد من الهزائم بوجه العدو المتغطرس. للتوضيح أكثر، عملية “طوفان الأقصى” الجرئية في فعلها العسكريّ وخطّتها المدروسة وهدفها الاستراتيجي، طغّت على فشل الجهاز الاستخباراتي والاستطلاعي الإسرائيلي، من عدم تمكنه على الحصول على المعلومات الدقيقة وإحباط خطّتهم البغيضة.
مع هذا كلّه، وبالرغم من جبروت جهاز العدو الاستطلاعي والإعلامي، تمكّن الإعلام المقاوم من مخاطبة الرأي العام بالوعي والإدراك ويحقق الإنجاز المهني والنّوعي، خصوصاً بعد توثيقه عملية “طوفان الأقصى” لئلا كانت المسألة غير فعّالة، تلك المسألة المتطرّقة إلى وحشية الكيان ذات اليمينية المتطرّفة ضِد الشّعب الفلسطيني في غزة بحيث تعكس النتائح المدويّة الّتي أحدثتها ضربات القسام والفصائل الفلسطينية.
على أثر ما تقدّم من التّغطية الإعلاميّة المواكبة إزاء “طوفان الأقصى”، فإن مشهديته تأخذنا بأن حماس وخيار مقاومتها متمسّكة بالقضايا الجوهريّة الحساسة الّتي لها بُعد إنساني، كياني، وجودي، عقائدي، عربي وإسلامي، وفي مقدمتها قضايا التّحرير واسترجاع الأراضي لو جاءت على حسابات مكلفة، بسبب تقديم التّضحيات الجسام وما يتبعها من تحقيق النصر الّذي سطره الشهداء في فلسطين وملاقاتهم مع كوكبة الشهداء على طريق القدس على الحدود اللبنانية الفلسطينية.
في إطار المواكبة الإعلامية لكشف صورة العدو الصهيوني ونذالته وعدوانه الهمجي، يتبين بأن “إسرائيل” كيان هزيل وضعيف”أوهن من بيت العنكبوت” على الرغم من أنّ أميركا تشاركه في عدوانه وتغطيه وتؤيده، وتقدّم له الدعم الاستخباراتي، الأمني، العسكري، الاقتصادي والمالي وهلمّ جرّا .
انطلاقًا من هذا الموضوع، لا بد من تسليط الضوء على المجريات والأحداث الأمنيّة، تظلّلها عدة روايات كاذبة ومضلّلة وترجمتها في السطوة الأميركية والإعلام الغربي الصهيوني المليء بالأكاذيب والإشاعات المغرضة، تؤول إلى الهجمات البّربريّة الّتي تفوق التّصور. في هذا الصدد، يبدو جليًا بأن الإعلام العبري والغربي يُتصف بإعلام عنصري غير إنساني، ويضعنا في موقع الاستفزاز الّذي يستفز الجمهور بأعمق المشاعر وجعًا وألمًا. يلي ذلك، شنّ الحرب النفسية لزعزعة المجتمع المدني وجعله تحت ضغط عصبي ونفسي مستمر.
ضمن هذا النطاق، يُعمل بقاعدة وزير الإعلام الالماني وعبقري غسيل الأدمغة في الحرب العالمية الثانية Joseph Goebbels الّذي كان يقول: أعطني إعلامًا بلا ضمير، أعطيك شعبًا بلا وعي! وفقًا لمقولته المشهورة “إكذب إكذب حتى يصدقك النّاس”. مع ذلك، المراد من هذا الأمر استهداف الإعلام المقاوم على غِرار الإعلام الحرّ . بالتّالي، إسكات الصحافيين الّذين ينقلون بالصّوت والصّورة ويعرضون المشاهد التوثيقيّة والتبيينيّة المتضمّنة جرائم العدو الوحشيّة، الّتي تعتبر انتهاكًا صارخًا للقوانين، المواثيق والأعراف الدّوليّة. مع العلم أن المنظمات الدّوليّة هي جزء من الإمبريالية الغربية وصعوبتها في هذا الأمر بأنها تمارس إزداوجية المعايير وتقلب الحق باطل والباطل حقّ! كأنها تعتمد الحرب الناعمة إلى جانب الحرب العسرية والأمنية.
الجدير ذكره، وفيما يتعلّق بالضبط بعمل “إسرائيل” المقرون بالنازية ووزير دعايتها المذكور أعلاه Joesph Goebbles الّذي أشار إلى تكرار الكذبة.. إذا كررت الكذبة أكثر فأكثر ستصبح حقيقة. بذلك، “إسرائيل” تصنع الكذبة – مشاهير العالم تكررها – رؤساء الدّول تؤكدها – الصحف تنشرها وتصل للملايين. بعدها، يعترفون أنها كذبة. إلا أنّ هذا التكرار المستمر والإصرار على الأكاذيب يهدف إلى تشويه القضية الفلسطينية. الغريب في الأمر، أن أكثرية الناس في عقلها الساذج تصدقها. علماً بأن “إسرائيل” ومن معها من الإعلام الغربي بحاجة دائماً إلى الكذب، تُضيفه إلى سلاحها الفّتاك.
إلى ذلك، النقطة الرئيسيّة في هذا السياق تشير إلى أنّ “إسرائيل” تحاول أن تعمل من يوم 7 أكتوبر يوم 11 سبتمبر الجديد. في حقيقة الأمر، “إسرائيل” لا يُمكنها أن تُوقف آلة حربها اللعينة، لكي تبقى في استمراريتها والتعويل على الكذب، لأن الكذب يصّب في قالبها الدنيء والنقيص، بالأخص وأن الكذب هو سلاح المجرم، القاتل، المنهزم، المحتل، الحاقد، الجبان والخائن.
بطبيعة الحال، “إسرائيل” وقالبها المليء بالشوائب والأكاذيب يعكس تمامًا صدقية أصحاب الأرض وكفاحهم النابع من فدائهم. هذا الأمر إنّ دلّ على شيء فإنه يدلّ على عملية التّرويج والضّخّ الإعلامي للكذب المكثف الّذي يوصل إلى أنّ حماس تقطع رؤوس الأطفال والنساء عبر إرسال فيديوهات موجودة، أحدها وصل لأكثر من 7.6 مليون مشاهد. قصّة في غاية الحقارة والنّفاق. من جانب آخر، تعمل “إسرائيل” ومن يُغطيها على تغيير الوقائع على الأرض من خلال الرواية الّتي حاكتها بكذبها الشرير، بغرض التغطية على هول الكوارث الإنسانيّة المصحوبة بالإبادة الجماعيّة والمجازر المرعبة والمذابح المروعة على إثر استهداف مستشفى المعمداني في غزة، نجم عنها آلاف الشهداء والجرحى.
حِيال ذلك، حاول العدو الإسرائيلي الّذي لا يرحم البشر ولا الحجر لاستخدامه آلة القتل التّدميريّة المتحصنة بمواقف أوروبية داعمة وترسانة أميركية ضخمة (إشارة هنا إلى أنّ كلاهما من نفس الفصيلة الإرهابيّة) التّنصل من المسؤوليّة وإلصاق التهمة وتحميلها إلى الجانب الآخر (الجهاد الإسلامي) أيضاً إلقاء اللوم عليه بذريعة وجود القيادة المركزيّة لحماس في الأسفل كونها تستخدم مرضى المستشفى دروعًا بشريّة.