محمد شمس الدين – الناشر |
آخر ما تمت متابعته من قبل وسائل الإعلام حول التطورات الميدانية التي شهدها قطاع غزة ليل الجمعة – السبت، من عمليات قصف غير مسبوق تركز بشكل كبير على شمال وشرق القطاع المحاصر، سبق ذلك قطع كل الاتصالات ما أعاق القدرة على الإطلاع على مجريات الأمور، إضافة إلى تأثير ذلك على عمليات الطواقم الطبية وإبلاغ سيارات الإسعاف بأولويات تحركها لنقل الجرحى والمصابين.
ترافق ذلك التصعيد الصهيوني المجرم والبشع مع إعلان للمتحدث العسكري الإسرائيلي حول بدء تحرك بري ليتوقف بعدها معرفة ما يجري، ما خلا بعض المعلومات المستقلة من مصادر مختلفة، فيما التزم الإعلام الصهيوني بالروايات الرسمية بطلب من الرقابة العسكرية.
كل المؤشرات والإجراءات الصهيونية، بحسب الخبراء، تدل على أن تحركًا ميدانيًا لقوات الإحتلال قد بدأ باتجاه غزة من محاور محددة، إلا أن طبيعتها لم تعرف بسبب التعتيم الكامل الذي جرى.
التحرك البري الجاري “مبدئيًا”، يصنف على أنه “تجريبي”، فيما سبق ذلك عملية “تجريبيبة” أخرى تحدثت بعض المعلومات أنها منيت بالفشل بفعل تصدي المقاومة الفلسطينية لها.
لكن يبدو أن إسرائيل ما زالت مصرًة على الإمعان بعمليات القتل غير آبهة بشيء وهي تتحدث عن “حرب لشهور”، متجازة أي رد فعل شعبي أو رسمي محتمل، في حين أنه لا يزال خجولًا أمام هول الجرائم التي تركتبها “الدولة العبرية” بحق الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية.
السؤال هنا هو إلى ماذا تستند “إسرائيل” بعنادها؟ وهي تعلم أن محاولات “ضبط النفس” الجارية من قبل محور المقاومة لا ينم عن ضعف، كما لا يقف عند التهديدات التي يطلقها المسؤولون الصهاينة في المستويين العسكري والسياسي، وأيضًا لا يستجيب للتهديدات الدولية التي يتولاها الجانب الأميركي التي تنشط قنواته الدبلوماسية وغيرها وعلى كافة المستويات بإجراء الاتصالات ونقل الرسائل إلى إيران وبعض الجهات من حلفائها لتحذيرها من جهة، وإعلان عدم رغبتها بتوسيع دائرة الصراع، في حين أن “اللعبة” التي تمارسها الإدارة الأميركية مكشوفة وهي إعطاء الكيان الصهيوني الوقت الكافي والمدى الزمني الأطول لتنفيذ مخطط يهدف إلى إجراء تحول جيوسياسي على مستوى المنطقة.
ربما يمارس محور المقاومة “الصبر الإستراتيجي” طالما أن المقاومة الفلسطينية لم تفقد زمام المبادرة لا سيّما في إطلاق الرشقات الصاروخية على الأراضي المحتلة والعمق الصهيوني، وهي تحقق عملية الردع الكبرى من خلال عدم قدرة الجيش الصهيوني على تنفيذ الهجوم البري خشية الفشل والخسائر الكبيرة المتوقعة.
لكن محور المقاومة يبدو جاهزًا في أكثر من محور، وهو يؤكد على ذلك من خلال مواجهات حزب الله في جنوب لبنان على جبهة شمال فلسطين المحتلة.
ويرصد هذا المحور بكل مستوياته تطورات الأوضاع التي على أساسها يحدد خطواته وحجمها وبينها حجم المأزق الإسرائيلي والطريقة التي ستلجأ إليها حكومة العدو تمهيدًا للخروج منه أو الذهاب بعيدًا في خيار توسيع دائرة الحرب مستفيدة من الدعم الدولي الحاصل والمشاركة الأميركية المباشرة بوجود عديدها وعتادها في المنطقة حاليًا.