شارف الأسبوع الثاني من الحرب على الانقضاء بعد الزلزال المدوي في السابع من تشرين الأول الحالي، والذي ضرب بعق المنظومة الغربية برمتها قبل أن يصيب كيان العدو بمقتل. كان من الواضح لكل مراقب أن مسار العمليات العسكرية في غزة وعلى الجبهات آخذ بالتصاعد بوتيرة مضبوطه وفقاً لمتطلبات الميدان دون الانجرار بشكل دراماتيكي الى حرب واسعة غير محسوبة النتائج. لكن الكثير حصل خلال الساعات الأربعة والعشرين الماضية، فماذا قال محور المقاومة فيها والى من حُملت هذه الرسائل الملتهبة على عجل؟
من الواضح بدايةً أن المقاومة الفلسطينية في غزة لم تتأثر بشلال النار المسكوب فوق رؤوس سكان القطاع رغم وحشية العدو وحجم المجازر، فالقدرة النارية واللوجستية للفصائل حافظت على الحد الاقصى من الجهوزية والعملانية بحيث يستمر إطلاق الصواريخ بالوتيرة والنوعية التي بدأت في الحرب وهو ما يحسب لحماس والجهاد أنهم أعدوا العدة بشكل لافت تحسبًا لاطالة أمد الحرب وتوسع رقعتها. وهذا بحد ذاته انجاز أول يحسب في ميزان تسجيل النقاط.
أما في الشمال فقد كانت الجبهة مع جنوب لبنان بمثابة القلق الأكبر لكيان العدو نظرًا لإمكانات حزب الله الهائلة ومعرفة جيش العدو بما تمتلكه المقاومة من إمكانات وخوفه مما لا يعلم مما في جعبتها من مفاجآت. تسخين الجبهة الشمالية بدى حذرًا بين الجانبين ووفق قواعد الاشتباك السابقة، لكن المقاومة بدأت بتكريس معادلات اضافية انطلاقًا من الاستهداف اليومي والكثيف لكل مواقع العدو على طول الحدود الجنوبية من رأس الناقورة الى شعبا وكفرشوبا المحتلتين، فضلًا عن فقء عين العدو باستهداف كل كاميرات المراقبة والتنصت وغيرها على طول الحدود والذي حاول جيش العدو تعويض جزء من خسارته باستخدام المسيرات بشكل مكثف. ولعل ما يعرفه العدو وربما ما لا يعرفه عن استراتيجيات المقاومة في الارتقاء بالتصعيد جعل من إخلاء المستوطنات على طول الحدود وبعمق يصل إلى 5 كلم إجراء ضروري تحسبًا لتطور المعركة وازدياد عمق الاستهداف، وهو ما أكده الناطق باسم جيش العدو بقوله إن إخلاء مستوطنة كريات شمونه يسمح بتوسيع العمليات ضد حزب الله.
إما على صعيد باقي الجبهات فقد حملت الساعات الأربعة وعشرين الماضية تطورًا لافتًا على مختلف الجبهات، حيث استهدفت “المقاومة الإسلامية في العراق” بالقذائف والطائرات المسيّرة قاعدة التنف على المثلث الحدودي بين سوريا والعراق والأردن. وأعلنت عن شنّ هجوم بطائرة مسيّرة على قاعدة “عين الأسد” غرب بغداد، بعد يومين من تعرّض القاعدة نفسها لهجوم مماثل بطائرات مسيّرة، بالتزامن مع هجوم آخر على قاعدة “حرير” شمال العراق، كما دوّى صوت انفجارات في حقل العمر النفطي مساء أمس. إضافة إلى تفجير خط الغاز الواصل إلى معمل “كونيكو” للغاز الطبيعي الذي يسيطر عليه الأميركيون في الريف الشمالي لدير الزور شرق سوريا.
التطور الآخر والذي لا يقل أهمية وربما يحمل ما هو أخطر في أبعاده السياسية والأمنية هو تدفق آلاف العراقيين إلى الحدود الأردنية بهدف مساندة المقاومة الفلسطينية وهو ما استدعى تحشيدًا عسكريًا إسرائيليًا على حدود الأردن، وفي المعلومات أن عدد المقاتلين العراقيين قد يتخطى عشرات آلاف خلال فترة وجيزة ووفقاً لتطور المعركة. كما جاء الكلام الأميركي عن إسقاط بارجة حربية أميركية مقابل سواحل اليمن لعدد من الصواريخ كالصاعقة على كيان العدو، الذي علق لاحقًا الناطق باسم جيش العدو أن الصواريخ كانت متوجهة نحو الكيان في تطور غير مسبوق على صعيد الجبهات كافة.
غرفة العمليات المشتركة لمحور المقاومة بدأت بالتحرك على خط توجيه اللكمات التحذيرية على كل ميادين محور المقاومة، إلى الأميركيين الذين يتولون إدارة المعركة ضد المقاومة الفلسطينية. لكمات قد تزداد قوتها وهو ما بات مرجحًا بحسب تطور المعركة في غزة مقرونة بالحديث اليومي لجيش العدو عن الجهوزية للدخول البري الى القطاع.
الأكيد في الأمر أن غزة لن تترك وحدها، وما كان يعرف بوحدة الساحات بات اليوم نموذجًا حيًا وعملًا مشتركًا وميدانًا واحدًا من اليمن إلى العراق فسوريا ولبنان. المرحلة الثانية من المعركة قد بدأت قوامها كباش بين الدفع الأميركي اللامتناهي للعملية الإسرائيلية – رغم الضبط والإدارة لأسقف العملية – وفق اما اعتبرها محور المقاومة عالية يجب كسرها، وبين وحدة الساحات التي بدأت بالتموضع بشكل سريع وفعال بهدف لجم جماع الغرب بقيادة الولايات المتحدة وكسر هدف العدو “بسحق حماس” كما يدعي.
الأيام المقبلة حبلى بما هو جديد وقد تتخذ شكلًا عنيفًا وواسعًا من الاشتباك مدنيًا وعسكريًا مع المنطومة الغربية المتمثلة بكيان العدو ومصالحه في كل مكان من العالم، هو الصراع الأخير أم غير ذلك لا فرق، لكن الأكيد أن التداعي الغربي والهرولة المسرعه لنجدة الكيان ودعمه يشير بشكل واضح إلى قناعة راسخة في وجدان المنظومة الغربية أن وقود بقاء الكيان قد نفذ وما يعمل عليه هو محاولة الانعاش لساعات قليلة ليس إلا.