هو السبت والسابع من أكتوبر، هو يوم النصر الساحق، والطوفان العظيم الذي اجتاح كيان العدو كموتٍ جارف، وهو يغرقه بالصواريخ من سماء غزة، ويا لجمالها وجند الله يطاولونها، ويحلقون في جوها معلنين البيان الأول لسحق الاحتلال، ليدخلوها فاتحين منتصرين أرضًا وجوًا وبحرًا. فيا لبهاء هذا اليوم المبارك بأمرٍ من المقاومة، النعمة الأعظم التي وهبنا إياها ربي سبحانه وبحمده تبارك اسمه، إذ تجلت في السابع من أكتوبر، اليوم الذي سنمجده ونكرره جيلًا تلو الآخر، ولن نتوقف عن الحلم كل ليلة بأن نستيقظ على ذات النصر الذي طهرنا وشرع بكتابة تاريخ جديد لأمتنا، وعلى رأس الصفحة سنخط فلسطين وسنتلو وصايا رجالها، وقادتها، وشهدائها، بعد الأذان في أذن كل مولود. وسنبقى نمتع أعيننا بالنظر لمشاهد سقوط كيان العدو وتدمير مغتصباته وقواعده العسكرية حيث الجثث ملقاة، وصوت النباح والعويل يعلو، وأجساد جنده المدجج بالسلاح مرتجفة صاغرة، وهي تسقط بدمها النجس على أرضٍ تلعنها فتضاعف رعبها رعبًا، فتهرول للاحتماء خلف ترسانة إرهابها العسكرية تارة، وتارة أخرى داخل حاويات قمامة تشبهها حيث لا يمكن التفريق بينهما.
وبين تلك المشاهد ما جعلنا ننتشي فرحًا، الدم والدم والدم، وهو يسيل من جند العدو وقطعان مستوطنيه، وكيف لا فمنذ خلقنا ونحن نحلم باحتساء دمهم وتسديد الرميات في أفئدتهم فالثأر طويل وعظيم ودمهم جميعهم والله لن يكفينا، ولن يساوي قطرة واحدة من دم شهدائنا الأبرار.
كل هذا وأكثر شهدته الساعات الأخيرة، حيث غلاف غزة تمكنت المقاومة من هزيمة العدو الذي تتوالى الهزائم على جيشه تاريخيًا حتى اللحظة رغم حماية أنظمة عربية ساقطة لأطول خط حدود لكيانه، و”قوته العسكرية الهائلة” بفعل تمويل القوى الاستعمارية والإمبريالية له، التمويل الذي مهما بلغ، لا يُمكنه أن يعلي من شأن جيش ساقط، ولا يصنع قوة لجبان.
حصيلة قتلى العدو لحد لحظة كتابة هذا المقال تجاوزت الـ 900 قتيل وأكثر و2400 مصاب، ناهيك عن عشرات الذين وقعوا في قبضة المقاومة التي تواصل قتالها لليوم الرابع في إطار معركة طوفان الأقصى، وتُكبد العدو خسائر فادحة فقد أعلنت المقاومة في بياناتها المباركة قبل ساعات عن استمرارها في اقتحام عدد من مغتصبات ومواقع العدو في غلاف غزة، ” ودك مطار “بن غريون” وعسقلان برشقات صاروخية كبيرة، وتوجيه ضربة صاروخية بـ 80 صاروخًا لمدينة عسقلان المحتلة، سبقها ضربة صاروخية كبيرة لأسدود وعسقلان بـ120 صاروخًا، كما قصفت القدس المحتلة وتل أبيب برشقات صاروخية إضافة إلى استهداف سربًا من الطائرات المقاتلة من نوع F16i في سماء بحر غزة على عمق 35 كم بصاروخي أرض-جو من طراز “متبِر 3” النموذج المحدث من منظومة “متبِر 1”.
وبالتزامن مع ذلك كان رد المقاومة في لبنان حاضرًا بصواريخ استهدفت مواقع عسكرية للعدو في مزارع شبعا “على طريق تحرير ما تبقى من الأراضي اللبنانية المحتلة، وتضامنًا مع المقاومة الفلسطينية المظفرة، والشعب الفلسطيني المجاهد والصابر” وفقًا لبيان حزب الله الذي أعلن فيه عن “قيام مجموعات الشهيد القائد الحاج عماد مغنية بالهجوم على 3 مواقع للاحتلال الصهيوني في منطقة مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، وهي: موقع الرادار وموقع زبدين وموقع رويسات العلم، بأعداد كبيرة من قذائف المدفعية والصواريخ الموجهة، التي تمكنت من إصابة المواقع بإصابات مباشرة”.
اشتعال الجبهات حول العدو والهزيمة التي ألمّت بكيانه، وعجزه أمام المقاومة، جعلته كعادته ينتقم من المدنيين ويقترف أبشع المجازر بحقهم، فما زال لحد الآن يقصف غزة العزة ويشن غاراته اللعينة عليها، وهو يدمر ويقتل ويغتال، وكأنه يجني على نفسه ويا له من سفيه فلم يدرك للآن مِن وهْل صدمته بأن المعادلة انقلبت بعد السابع من أكتوبر، ولا إفلات من العقاب بعده، وسيدفع هذا الكيان الذي يعتاش على الدماء الثمن أضعاف مضاعفة قبل حرق كيانه ودحر أشلاء جنده ومغتصبيه من كل أراضينا المحتلة.
واليوم وفي حضرة طهارة شهداء طوفان الأقصى، الذين بلغ عددهم منذ اليوم الأول للمعركة حتى ساعات العصر، 560 شهيدًا نقف بإجلال واعتزاز نلقي لهم التحية وهم يحلقون في العنان وأرواحهم تقبض على الزناد، وسط رصاص المقاومة المبارك، فرحين بأن ثمن نصرها كان دمهم العفيف، وهم يملؤون السماء ويقتصون من العدو وكأنهم الجند الذين يؤيد بهم الله رجاله على أرض البلاد التي تحفظ أسمائهم وتعلق حول عنقها قلادة صنعتها مما هو أكثر بريقًا من المعادن النفيسة، في سلاسل لا متناهية لتحمل صورهم جميعهم وتفاخر بهم الأمم فهم أقمارها الأحياء في ضلوعها وفؤادها، ودمهم قبلتها ونصرها.