شهدت الأيام القليلة الماضية حراكًا قطريًا بقي بعيدًا عن الأضواء تزامن مع وصول سفير قطر الجديد إلى لبنان وبدء عمله الدبلوماسي بعيدًا عن صخب ملف انتخاب رئيس جمهورية وتزاحم القضايا، بخاصة أن لقطر أكثر من مصلحة في لبنان وتسعى لدور أكبر يتناسب مع طموحها السياسي والاقتصادي باعتبارها أحد أبرز مصدري الغاز بالشرق ومن اكبر منتجيه ومصنعيه ولها استثمارات بهذا المضمار تجاوزت حدودها الخليجية وصلت إلى لبنان بعد استحواذها على حصة كبيرة في حقل قانا ضمن كونسرتيوم دولي ربما كان هذا من أسباب اندفاعها على الساحة اللبنانية وتمايزها على طاولة الخماسية وانغماسها بملف الانتخابات الرئاسية اللبنانية باندفاعة كبيرة تحاول فيها أن تبقى اللاعب الأبرز بضوء اخضر اميركي ولو كان خافتًا حاليًّا نظرًا لحساسية الداخل اللبناني ومدى تأثر الأطراف به.
ولهذا اولت العلاقة مع رئيس التيار الحر جبران باسيل اهتمامًا كبيرًا باعتبار أنه العقدة التي يمكن حلها بثمن مقدور عليه يوصل قائد الجيش العماد جوزيف عون لسدة الرئاسة، وهذا هدف أميركي ورغبة لم تخفها قطر يومًا وحتى السعودية ترحب بها ولن تبقي نفسها على الحياد مقابل دور فرنسي محدود عملت اطراف الخماسية على تعطيل وضرب مبادرته من الداخل اللبناني بتدخل أميركي مباشر وتأثيره على المعارضة التي تقاطع معها باسيل بتشجيع قطري وجشع رئاسي على انتخاب جهاد ازعور على إثر زيارة قصيرة إلى قطر مارس بعدها نوعًا من الانقلاب السياسي على ثوابت تحالف كان التيار أكبر المستفيدين منه واخرج نفسه منه منقلبًا على مبادئه ليلتحق بمعارضة تعبره أكبر خصومها وهدفًا سياسيًا لها، الا انه سار بركب مشروعها مواجهة الممانعة بقطع طريق مرشحها ولو كلف وصول وزير مالية الإبراء المستحيل في عهد حكومة الرئيس فؤاد السنيورة ودخل لبنان بالمهجول بجو دولي عاصف بالصراعات والمعارك تسعى قطر لتمسك بالورقة اللبنانية بتقاطع أميركي ومصالح سياسية اقتصادية وأهداف تتجاوز الحدود اللبنانية والحرب على سوريا والدور القطري والعلاقة مع تركيا والمصالح الاقتصادية التي تربط الأخيرة مع “إسرائيل” وملف الغاز اللبناني والحقول الواعدة فيه مقرونة بالصراع على هوية لبنان والدور الذي ينتظره من خلال الموقع والنفط والتبعية السياسية للغرب التي يجاهر بها فريق المعارضة ومسعاه الرئيس قادر على مواجهة حزب الله وليس الأزمات الاقتصادية والمالية او سياسة الدولة بظل انهيار الإدارة وكيفية اعادة أموال المودعين ومعالجة كارثة النازحين السوريين وعبء المخيمات الفلسطينة ولائحة تطول من الأزمات ليست ذات أولوية في سجل الاهتمام بل تقف بمواجهة نقاط قوة لبنان المتمثلة بالمقاومة بهدف محاصرتها لأجل السيطرة على القرار السياسي والمالي وإلحاقه بمشروع الشرق الأوسط الأميركي وإدخالها حظيرة التطبيع مع الكيان المؤقت الذي بدأت أولى خطوات انهياره الداخلي وأصبح عاجزا عن حل مشاكله مستوطنيه بعد أن ورط مجتمعه المفكك اصلًا بازمات لا يمكن استمراره معها وهذا تحديدًا يربك الغرب ويلزم الأميركي الراعي بالانغماس اكثر في الملفات والاعتماد على دول تنطق العربية بلغة عبرية لضمان استمراريتها وحفظ دورها وهذا ما ندفع ثمنه في لبنان.