بات من المعلوم والواضح أن العدو الإسرائيلي يستنفر منذ زمن كل إمكاناته ووسائله المباشرة وغير المباشرة لتكريس وجوده في لبنان عبر عملائه وأدواته، وما عجز عنه في حروبه العسكرية الإجرامية، يسعى لتحقيقه بأشكال المعارك الأخرى.
سياسة التطبيع نهج يسلكه العدو كإحدى هذه الوسائل التي سقطت أمامها كرامة بعض الحكومات العربية، وباعت عندها عروبتها ووجودها، إلا أن العدو يعلم، كما عملاؤه في الداخل، أن لبنان عصي على التطبيع والتآمر، وأن كل وسيلة أو سبيل للتطبيع بكل أشكاله سيتم استئصالها ومقاومتها، وما فعلته وتفعله “حملة مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان” نموذج حيّ عن هذه المقاومة.
مكافحة التطبيع مجددًا.. لا للبضائع الإسرائيلية
في إطار متابعتها لدورها ومهامها في مقاومة سياسة التطبيع مع العدو الإسرائيلي، رصدت “حملة مقاطعة داعمي “إسرائيل” في لبنان” مؤخرًا واحدة من الحالات التي قد تشكل نموذجًا من نماذج التطبيع الاقتصادي والتجاري مع العدو الإسرائيلي.
موقع الناشر وفي اتصال له مع الأستاذة بتول غداف، وهي عضو في “حملة مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان”، تمكن من معرفة تفاصيل أكثر عن هذه الحالة وحالات مشابهة، تمت متابعتها مباشرة من قبل الحملة واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع حدوثها أو انتشارها.
أفادت الأستاذة بتول غداف أن المنتج المسمى “sudocrem” هو في الأساس تابع لشركة إيرلندية، لكن شركة إسرائيلية تسمى “Teva” قامت بشرائها لاحقًا، وقد منع القانون اللبناني منذ ذلك الوقت (ما يقارب العشر سنوات) دخول هذا المنتج إلى لبنان.
وأضافت أنه رغم ذلك إلى أن هذا المنتج لا زال متوفر في بعض الصيدليات اللبنانية بطريقة غير قانونية، مما دفع الحملة للتواصل مع رئيس نقابة الصيادلة، الذي أفاد بدوره أنه سيتابع الأمر ويقوم بتبليغ كافة الصيدليات للتحقق من هذا المنتج والامتناع عن بيعه واستحواذه. والجدير بالذكر أنه ثمة حالات مشابهة يتم رصدها بهذا السياق تتعلق بمنتجات أخرى كالثياب مثلًا، وتقوم الحملة عند التبليغ أو رصد أي حالة بالتحقق منها ومتابعتها وفق الأصول.
التطبيع الفني.. إلى الواجهة مجددًا
لم تكن الدعوة إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية وحدها محط اهتمام “حملة مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان”، بل كانت مقاومة “التطبيع الفني” بكافة أشكاله جزءًا من اهتماماتها ودورها ضمن مكافحة سياسة التطبيع ككل.
في هذا السياق تتحدث الأستاذ بتول غداف عن حادثة إقامة الفنانة التونسية ” أمال المثلوثي” لحفلات لها في فلسطين المحتلة، واعتبار هذا الأمر نموذجًا واضحًا للتطبيع الفني مع الكيان الصهيوني، لأن “دخولها إلى الضفة الغربية لإحياء الحفلات يحتاج إلى تصريح من العدو الإسرائيلي، وهي بذلك تعطي شرعية لهذا العدو”. وقد سبق وأعلنت الفنانة التونسية أيضًا عن “عزمها القيام بإحياء حفلة فنية أخرى في حيفا”.
الحملة في لبنان وتونس اعتبرت الحدث بمثابة تطبيع مباشر مع العدو الصهيوني، على خلاف ممثلي الحملة في البلدان الأخرى، والذين ينتهجون معايير أقل صرامة ودقة بهذا الشأن، إلا أن المعايير المعتمدة من قبل الحملة في لبنان كانت واضحة وصريحة وحاسمة دون أي استثناء أو تساهل بهذا الصدد.
الحملة دعت بدورها إلى مقاطعة الفنانة التونسية، وأوضحت الأستاذة غداف أنه سبق وتعاملت الحملة مع مواقف مشابهة، قامت على إثرها بالتواصل مع الفنانين العرب والأجانب وإطلاق حملات للفت انتباههم وتحذيرهم من القيام بخطوات كهذه داعمة لعملية التطبيع، مقدمة أفكارًا بديلة قادرة على خدمة الشعب الفلسطيني لا العدو الإسرائيلي.
وفي الختام، وجهت الأستاذة غداف باسم الحملة رسالة للرأي العام، دعت خلالها إلى ضرورة التنبه والحرص اتجاه كل ما يتم تسريبه لنا، لا سيما في ظل الأزمة الحالية ومع غياب الرقابة والمتابعة من الجهات المعنية، تصديًا للعدو ودفاعًا عن مبدأ رفض التطبيع بكل أشكاله.