يعاني “ديفيد شينكر” كثيرًا هذه الأيام بسبب فشله المتكرر في السياسة اللبنانية وضعف تأثيراته وهزالة مواقفه المعادية والمتحيّزة على المستوى الداخلي اللبناني والتي تأتي في إطار السياسات المعادية التي مارستها الإدارات الأمريكية المتعاقبة في خصومتها وعداوتها لحركات التحرر والمقاومة حول العالم وبالخصوص في لبنان وفلسطين المحتلة ودول المحور تلك التي تتصدّى لهيمنة أمريكا ولعدوانية الصهيونية وعنصريتها وإجرامها.
“ديفيد شينكر” شخصية تجمعُ ما بين العُجُب بالنَّفسِ مع استكبار وهُزءٍ بالآخرين واستخفاف بهم مرفقة بابتسامة خبيثة ماكرة تذكرك بذاك “اليانكي” الإمبريالي البشع. عمِل سابقًا مساعدًا لوزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، وعادة يتم تعريفه بـ”مؤيد قوي لـ”إسرائيل””. كما تولّى أيضًا في السابق منصب مدير “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى” وهو معهد أبحاث معروف بموالاته لـ”إسرائيل”، هذا “الشيءُ النَّكِر – ويعني كلُّ قولٍ أو فعلٍ تحكمُ العقولُ الصَّحيحةُ بقُبحِهِ” يُصِرُّ على أن يحشر أنفه الكريه في الشأن اللبناني كلَّما سنحت له فرصة أو منصَّة يضخّ منها سمومه التحريضية بين اللبنانيين موزِّعًا الأكاذيب والاتهامات الباطلة وممعنًا في تزوير الحقائق والوقائع على الرغم من تسليمه بالعجز الخارجي على التغيير في لبنان (طبعًا عجز أمريكا وفشلها بالدرجة الأولى) وفشل سياسة العقوبات والتهديدات، يعينهُ في ذلك مجموعة من “الشَّناكر” اللبنانيين المتسوِّلين على أبواب السفارات من إعلامٍ سفيه وإعلاميين مرتزِقة وجمعيَّات “أهلية” مشبوهة الأهداف والبرامج وبعض حديثي النعمة في السياسة ممن يعيشون عقدة الأمريكي المتفوِّق والمهيمن في تماهٍ مع سياساته بمواقف مدفوعة الثمن تؤمنها وكالات الاستخبارات الأمريكية وأذرعها “التنموية” الخبيثة عبر سفارتها في عوكر.
وآخر تلك الخبائث والسّموم قام بنشرها عبر منصّة “إعلامية لبنانية” حيث إنَّك وفي جردةٍ للائحة الكتبة في تلك المنصَّة تعرف مستوى الموقف المعادي للمقاومة وبيئتها على صفحاتها الصفراء والتي هي ترجمة لتمويل “شينكر” واليهودي “جورج سوروس” الذي كان قد دخل وبقوة على ساحة التحريض على الفوضى وضرب المؤسسات العامّة والخاصّة وتخريبها ونهبها إبَّان ما سُمِّيَ بـ”ثورة 17 تشرين” من خلال تمويل العديد من منظمات “المجتمع المدني” الغوغائية الفوضوية والتخريبية تحت عناوين ومسمَّيات شتَّى ما بين منصَّاتٍ إعلامية و “قانونية” والتدريب على “المواطنة” وديموقراطية الانتخابات وصولًا إلى “حقوق” المثليين والشَّواذ، حيث تجاوز التمويل لهذه المجموعات العام الماضي 2022 ووفقًا لبعض التقارير الـ50 مليون دولار أمريكي.
في العودة إلى “شينكر” وفي لقاءٍ بالصوت والصورة على منصة “This is Beirut” ونشره موقع “هنا لبنان” أدلى بدلوه في الخيارات السياسية اللبنانية الداخلية مبديًا رأيه فيها ومقدّمًا تصوّره الخاص لشخصية رئيس الجمهورية القادم والمواصفات المطلوب أن تتوافر فيه مؤكِّدًا وبصريح العبارة على أن لا لـ”سليمان فرنجية” كجزء من “المنظومة” وكشخصٍ ضعيف لا حضور له وغير قادر على الإصلاح. صفاتٌ يرى عكسها لدى قائد الجيش “جوزيف عون” ومسوِّقًا له وفقًا لرغبات وآمال الإدارة الأمريكية معلنًا وحسب رأيه مقبوليته من الجميع مع العلم أنه غير واضح وفقًا لأي دراسات أو أبحاث أو استطلاعات رأي أجراها وأعطته هذه النتائج، وتلاقيه في هذا أصواتٌ وتصريحات متناغمة في الرأي والتمنيات والأوهام.
“شينكر” في هذا اللقاء وكعادته ضخَّ جرعةً مقيتةً من التحريض على المقاومة وحلفائها وتحميلها مسؤولية التردّي في الواقع اللبناني والهيمنة على المشهد السياسي بل ذهب بعيدًا في اتهاماته للمقاومة بتصفية معارضيها فوضع نفسه موضع المدَّعي والقاضي والجلّاد ولم ينسَ ما يعانيه من عقدة “القرض الحسن” الذي بقي خارج تأثيراتهم في الضغط على بيئة المقاومة اجتماعيا واقتصاديًا وماليًّا ومقِرًّا في حديثٍ صحفي سابق عن تسبب الإدارة الأمريكية بانهيار النظام المالي اللبناني، مستتبعًا ذلك بالتباكي على ما آلت إليه أحوال الكيان الغاصب في فلسطين وانقساماته العمودية وأزماته وضعفه وظواهر التفكّك والتمرُّد والعصيان ورفض الخدمة العسكرية والتي أدَّت إلى الوهن في القرار السياسي والعسكري وتراجع القدرة والردع لديه على العدوان ومقِرًّا ضمنًا بقدرة المقاومة على فرض معادلاتها.
الملفِتُ في هذه المقابلة نظرة الحسرة والخيبة على وجه “شينكر” ومهما حاول إخفاءها خلف ابتسامة صفراء تراها ممزوجة بألم الفشل على سياساتٍ وخططٍ أنفقت عليها مئات الملايين من الدولارات وأحبطتها إرادة المقاومة في لبنان والمنطقة بصبرٍ استثنائي وبصيرة نافذةٍ، ومحمِّلًا النُخب اللبنانية عدم المسؤولية في التوافق والبدء بالإصلاح، وهنا لم نعرف من هي تلك النخب اللبنانية المقصودة بكلامه والتي اتهمها “شينكر” بأنها لا تشعر بالمسؤولية تجاه الشعب اللبناني وهل أنَّ “النُّخبَ” التي تدور بفلكهم وتأتمر بأوامر سفارتهم وتوجيهات سفيرتهم تنطبق عليها أيضًا هذه التهمة، أم أنه يعتبرهم من الثوريين ومناضلي الشعوب؟
ستبقى معاناة “ديفيد شينكر” لسنواتٍ عديدة ومواقفه وتصريحاته لا تعدو كونها فقاعات صوتية وأزيز ذُباب يتلاشى ويندثر في الهواء دون أي أثر، فهو مسؤولٌ سابق لا طعم لمواقفه ولا لون لها ولا وزن، وظهوره الموسمي وتصريحاته الممجوجة إنما هو لشدِّ عصب أزلامه المهزومين في لبنان وبيع أوهامٍ وسرابٍ لهم.