كوكا الجندرة.. جون موني المجرم

كوكا وحش من التراث البرازيلي، وهو ساحر برأس تمساح يأكل الأطفال بعد خطفهم وإرعابهم، وتقول الاسطورة إن كوكا يبقى على اسطح المنازل يراقب تصرفات الاولاد غير المهذبين.

الرمزية التي يشكلها كوكا في الموضوع الذي سنطرحه، وهو الآن يشغل العالم، بالغة الدقة لجهة تصور الوحش الذي يراقب الاطفال لينقض عليهم ويخطفهم ومن ثم يلتهمهم ويرميهم في أتون شبكة امعائه الداخلية المليئة بالنتن والدمار والوسخ، مع لحاظ الفارق أن كوكا الاصلي يستهدف غير المهذبين، بخلاف كوكا الجندرة الذي لا يميز بين الخبيث والطيب، وإن كنا نعتقد أن كل الاولاد طيبون، والكبار هم من يشوهون فطرتهم وطيبتهم، وليس أي كبار، اولئك السيئون وبنسب مختلفة حتى يصلوا الى درك يصبح فيه التسافل من قبيل الترف.

ولأن قضية الجندرة تأخذ حيزًا خطيرًا في النقاش العالمي، ومع تحول دول بأسرها نحو تشريع هذا الامر، وإن كان ثمة قضايا اهم بكثير، بل لا تقاس بها قضية الجندرة كظاهرة النينو والاحتباس الحراري، الذي يكوي الارض هذه الايام، بات من الضروري فتح ملفاتها وخباياها لنفهم الديماغوجيا التي رافقتها منذ عام 1967 مع كوكاها.

الوحش جون موني، المتخصص في علم نفس الجنس، وصاحب النظرية الجندرية القائلة بأن الجنس البيولوجي هو مغاير للنوع الاجتماعي؛ فالأخير تحدده التربية والبيئة، وأن الذكر لن يكون بالضرورة ذكرًا الا إذا تعاطت معه البيئة اللصيقة والمحيطة على أنه ذكر، وهذا يرتب أن اي شخص يستطيع تقرير نوعه الاجتماعي وإن خالف جنسه البيولوجي، كأن يكون أنثى وإن ولد ذكرًا.

والقصة التي تكاد تكون من الخيال العلمي، وهي حقيقية على أي حال، تتلخص في ما يلي من أسطر:
عام 1965 رزقت عائلة ريمر الكندية بتوأم ذكور، أسموهما بروس وبراين، وما إن بلغا الاشهر الثمانية، حتى اصابهما مرض الشبم (phimosis)، أي تضيّق القلفة، وقد تتطلب الامر إجراء عملية ختان لهما، ولكن الطبيب المعالج ارتكب خطأ اثناء إجراء عملية بروس وشوّه عضوه الذكري، فأوقف العملية، واعتذر من الوالدين اللذين اصيبا بالخيبة. وفي عام 1967 شاهد الوالدان برنامجًا على التلفاز استضاف الدكتور جون موني الاميركي المتخصص في علم النفس الجنسي، فأُعجبا به وبكلامه، فراجعاه ليستشيراه في قضية بروس، وهنا بدأت الكارثة.

نصح جون موني والدي بروس، وهي نصيحة كانت ليثبت نظريته المذكورة اعلاه، باستئصال العضو الذكري والخصيتين من بروس، وفتح له فتحة في اسفل البطن ليتبول منها، وحقنه بالأستروجين بعد فترة لتحويله الى انثى، وهذا ما حصل فعلًا، ونفذا كل توجيهاته، وتركا له اتخاذ كل التدابير، ففعل ما يريد دون الالتزام بأي معايير اخلاقية، فكان تسلسل إجراءاته الجرمية كالآتي:

  1. طلب موني من والدي بروس التعاطي معه كفتاة، وإلباسه لباسها في عمر اقل من السنتين بقليل.
  2. بعدها طلب تسميته باسم فتاة، فكان اسمها براندا.
  3. البدء بإطالة شعره، وتعليمه التبرج ووضع المساحيق.
  4. إهداؤه العابًا مخصصة للبنات، وتوجيهه ليلعب معهن.
  5. التعامل معه كبنت في المدرسة، وتقديمه كفتاة لمجتمعه المدرسي.
  6. عندما بلغ الولدان عمر السبع سنوات تقريبًا، طلب موني من الوالدين ان يجلباهما الى العيادة وتركهما عنده ليقوم ببعض الاجراءات التوجيهية، فكان يأمرهما بخلع ملابسهما بالقوة ويمارسان حركات جنسية يتخذ فيها براين دور الصبي وبراندا دور البنت.
  7. اصدر جون موني في هذه الفترة المذكورة آنفًا، كتابًا تحت عنوان “رجل وامرأة، فتى وفتاة”، يحكي فيه كذبًا عن نجاح التجربة والتي اسماها تجربة جون – جوان.
    8.بعمر 13 سنة طلب من أبوي برندا (بروس) إجراء عملية معينة لتصبح براندا فتاة بالكامل.

كيف كانت ردة فعل بروس إزاء إجراءات جون موني؟

  1. كان بروس يمزق ثياب البنات عندما تحاول امه إلباسه اياها، علمًا أنه لم يكن يعلم أنه فتاة.
  2. لم يهتم للمساحيق وكان يرفض وضعها، ولا يمشي مشية الفتيات علمًا أن امه كانت تجهد لتعليمه اياها.
  3. في المدرسة لم ينسجم مع البنات، حيث إن شعوره الداخلي كان يدفعه للتصرف كصبي، ولم يستطع اللعب مع الفتية لتنمرهم عليه، حيث وصفوه بامرأة الكهف، حتى في دخوله الى المرحاض كان يُطرد من مراحيض الفتيات والصبيان، ولطالما قضى حاجته في موقف السيارات.
  4. لم يتقبل أالعاب الفتيات، وكان يكسرها، ويتجه ليلعب كالفتيان، وعانى ما عاناه جراء هذا الامر.
  5. لطالما رفض بروس خلع ملابسه وتنفيذ ما يطلبه موني في عيادته مع اخيه براين، إلا أن موني كان يهدده وأخاه بالضرب، مما سبب للاثنين أزمة نفسية حادة، أدت فيما بعد الى كارثة.
  6. عندما طلب موني من والدي بروس إجراء عملية ليكون فتاة بالكامل، هرب بروس الى سطح المستشفى، وهدد والديه بالانتحار إن اعاداه الى هذا المعالج، وكان له ما اراد.

اعترف والدا بروس بالحقيقة، وطلبا منه المسامحة، فبدأ الصبي رحلة استعادة الذات، وأول ما فعله تغيير اسمه الى دايفد، وأجرى عمليات معينة للرجوع الى حقيقته، مع إجراءات مختلفة، ولكن وللأسف ما حصل معه ومع اخيه لم يكن بالأمر السهل، فالأزمة النفسية كانت عميقة جدًا، وما فعله موني بهما أخذ مداه، حتى أوصلهما الى الانتحار.

وبعد فترة لا بأس بها، أفشى بروس (برندا .. دايفد) سره، وأملى سيرته الذاتية في كتاب لجون كولابينتو “كما صنعته الطبيعة، الصبي الذي نشأ كفتاة”، وأجرى مقابلات تلفزيونية مع قناتي BBC و CNN، والتقته اوبرا وينفري عام 2000 في إحدى حلقاتها، والتي هي موثقة، وتكلم عن معاناته الكارثية.

المشكلة التي اراها اكبر من هذه الكارثة، برغم توحشها وتوحش مرتكبها، هي إصرار الامم المتحدة على تقديم جون موني وسيمون دي بوفوار (ولنا كلام حولها في القادم من الايام) على انهما، وغيرهما من اصحاب النظريات والتجارب المدمرة، من رواد الحريات وعالم الجندرة التقدمي، وهو عالم تحكمه الرذيلة والتردي الذي سيأخذ هذه البشرية الى الفناء والموت والدمار، حيث العمل على ضرب النواة الاساسية لتكوّن المجتمع السوي والمتوازن، وهي الاسرة.

اساسي