لم تكن المرة الأولى التي تثمر فيها تحركات وجهود “حملة مقاطعة داعمي “إسرائيل” في لبنان” انتصارات محسومة لناحية منع أي شكل من أشكال التطبيع مع العدو الإسرائيلي في لبنان. وما شهده تاريخ هذه الحملة من تسجيل لإنجازات عدّة على حساب مشاريع التطبيع المخزي، يعد خير دليل على دورها الكبير والفاعل في هذه القضية.
آخر تلك الإنجازات، كان منع إحدى دور السينما اللبنانية من عرض فيلم بعنوان “Black Lotus”، بعد أن تبين أن بطلة الفيلم Rona-Lee Shimone”” تحمل الجنسية الإسرائيلية، حيث قامت بعض صالات السينما بعرض منشورات ترويجية له، وقد أتى قرار منع العرض بعد متابعة حثيثة مع الجهات المعنية من قبل أعضاء الحملة.
فيلم Black Lotus لم يكن الأول
فور إعلان بعض صالات السينما في لبنان عن رغبتها في عرض فيلم Black Lotus، تحركت حملة “مقاطعة داعمي “إسرائيل” في لبنان” وأجرت أبحاثها المعتادة حول أي نوع من الأعمال الفنية والسينمائية التي قد تدخل إلى لبنان، ليتبيّن لاحقًا أن بطلة الفيلم هي ممثلة إسرائيلية، سبق وأن شاركت في المسلسل الإسرائيلي “فوضى” الذي يعرض على “Netflix”.
تحركت الحملة مباشرة وقدمت بلاغًا لمكتب المقاطعة في وزارة الاقتصاد في الحكومة اللبنانية، لتقوم الوزارة بعدها بالتواصل مع الأمن العام الذي منع بدوره عرض الفيلم في صالات السينما، حيث كان من المقرر أن يبدأ العرض في العشرين من تموز الحالي.
في هذا الإطار، وضمن قراءة لأبرز المواقف المانعة للتطبيع، سجلت “حملة مقاطعة داعمي “إسرائيل” في لبنان” إنجازات عدة سابقة في منع أعمال التطبيع الثقافي والفني، إذ لم يكن هذا الفيلم هو الأول الذي منع من العرض، حيث كان للحملة تحركات سابقة لمنع عرض أكثر من فيلم أو عمل سينمائي.
الأعمال السابقة كانت تتضمن ممثلين إسرائيليين بأدوار رئيسية وثانوية، بالإضافة إلى بعض الأعمال التي قد يكون المخرج فيها أو المنتج إسرائيلي الجنسية، أو أنه يظهر إعلاميًا بجنسية أميركية لكنه يحمل أيضًا الجنسية الإسرائيلية.
وفي هذا السياق فإن الحملة لم توجه تحركاتها فقط لمنع التطبيع الفني أو الثقافي، بل كان لها حضورها ودورها الكبير في ممانعة كافة أشكال التطبيع الأخرى، لا سيما الاقتصادي والرياضي وحتى السياسي، وتأتي جهودها كمساندة ودعم للتطبيق العملي والفعلي لقانون المقاطعة الصادر عن جامعة الدول العربية عام 1955 والذي تبناه لبنان طبعًا، بالإضافة إلى المادة 285 من قانون العقوبات اللبناني والتي تتناول الصلات غير المشروعة مع العدو وعقوباتها.
المطلوب وعي وتنبه الرأي العام
لا شكّ أن العدو الإسرائيلي بات يحاول اليوم بكل الطرق والإمكانات تكريس فكرة التطبيع لدى الشعب العربي عمومًا، رغم أنه نجح للأسف في إقناع بعض الحكومات العربية بممارسة التطبيع بكل أشكاله دون أدنى خجل أو مسؤولية إنسانية وقومية.
وأمام هذه الوقائع الخطيرة جدًا، فإن الضغوطات والأساليب التي تمارس لجذب الرأي العام وإقناعه تستوجب المزيد من الوعي والتنبّه لكل ما يحدث ويروّج له، فكريًا وثقافيًا ورياضيًا واقتصاديًا، لأن العدو يسعى لإحداث أي ثغرة في جدار الممانعة لتسريب مشروعه والعمل على تطبيقه.
إن ما عجزت “إسرائيل” عن تحقيقه يومًا بالحرب العسكرية، تسعى لأخذه بأدواتها الأخرى، ولعل مشروع التطبيع الذي تبنته أميركا ومن خلفها “إسرائيل” هو أحد أبرز الوسائل الفعالة لتحقيق أهدافها في لبنان والمنطقة.
“حملة مقاطعة داعمي “إسرائيل” في لبنان” دعت بدورها الرأي العام اللبناني والعربي إلى مقاطعة كل أشكال التطبيع مع العدو الإسرائيلي لا سيما الثقافي، وإلى الحذر والوعي من كل ما يبث من قبل العدو لنا، وكل ما يستهلكه الرأي العام من أعمال فنية ومهرجانات موسيقية وثقافية فضلًا عن ضرورة الاطلاع على العناوين التي يجب مقاطعتها ومعايير المقاطعة وأسبابها.
حادثة فيلم “Black Lotus” لن تكون الأخيرة في ملف التطبيع مع العدو الإسرائيلي، لكنها تكرّس بدورها إخفاقًا جديدًا للعدو في تمرير مخططاته المغلفة بقوالب عدّة، وتسجلّ بالمقابل إنجازًا جديدًا للرأي العام اللبناني والعربي في التصدي لكل محاولات التطبيع الثقافي والفني.