ضج عالم التواصل الاجتماعي منذ أيام قليلة بتطبيق “ثريدز” الذي أطلقته شركة “ميتا” المالكة لكل من فيسبوك وإنستغرام. وبحسب مواصفات التطبيق فمن الواضح أنه نسخة أخرى عن تطبيق “تويتر” من حيث الاستخدام والغاية.
التطبيق الذي يعتبر الأحدث في عالم المنصات الاجتماعية، جاء وبشكل صريح لمنافسة تطبيق “تويتر” المملوك من قبل الملياردير إيلون ماسك، بعد أن قام الأخير بشرائه وإدخال تعديلات عديدة عليه، ليكون العالم اليوم على موعد مع معركة جديدة من التصادم التكنولوجي-المعلوماتي في سبيل الوصول إلى أكبر كم من المعلومات والبيانات الشخصية الخاصة بالمستخدمين.
ثريدز.. إقبال هائل يهدد عرش تويتر
ما هي إلا ساعات قليلة على إطلاق شركة “ميتا” لتطبيق ثريدز، حتى قام أكثر من 30 مليون مستخدم حول العالم بفتح حسابات فيه خلال أقل من 18 ساعة على إطلاقه، ليتصدر بذلك التطبيقات المجانية على متجر (آب ستور) الخاص بآبل في بريطانيا والولايات المتحدة يوم الخميس المنصرم. ومع هذه الانطلاقة، لقب ثريدز بـ “قاتل تويتر”، وقد بدأت معالم المنافسة الحقيقية بين الشركتين تظهر فعلًا، لا سيما مع تهديد شركة تويتر بمقاضاة شركة ميتا.
وفي سياق الحديث عن المنافسة بين الطرفين، يذكر أن التطبيق يشبه تويتر إلى حد بعيد، فهو يتيح نشر نصوص قصيرة يمكن للمستخدمين الإعجاب بها وإعادة نشرها والرد عليها، ويمكن أن يصل المنشور إلى 500 حرف وأن يشمل روابط وصورًا ومقاطع مصورة تصل مدتها إلى خمس دقائق.
بالمقابل ثمة اختلافات أيضًا بين التطبيقين، إذ يشير المتخصصون إلى أن ثريدز “يختلف عن تويتر في أنه لا توجد فيه وسوم وكلمات بحث مفتاحية، وهو ما يعني أن المستخدمين لا يمكنهم متابعة أحداث مباشرة مثلما يسعهم على منصة إيلون ماسك.”
كذلك “ليس فيه حتى الآن خاصية التراسل المباشر ويفتقر لنسخة يمكن تنزيلها على أجهزة الكمبيوتر الشخصية التي يعتمد عليها مستخدمون معينون مثل الشركات، علمًا أن التطبيق متاح في أكثر من 100 دولة على متجري آب ستور وغوغل بلاي.”
وعلى الرغم من وجود فروقات بين التطبيقين، إلا أن ما يسعى” زوكربيرغ” -الرئيس التنفيذي لشركة ميتا- إلى تحقيقه هو وصول التطبيق إلى المليار مستخدم. ويلاحظ عدم وجود إعلانات حاليًا في التطبيق. وقد كتب “زوكربيرغ ” عبر ثريدز” أعتقد أنه يجب أن يكون هناك تطبيق للمحادثات العامة فيه أكثر من مليار شخص. لقد حظي تويتر بفرصة للقيام بذلك ولكنه لم ينجح. آمل أن ننجح نحن”.
ومن جهتها، أفادت وكالة “رويترز” بأن شركة “تويتر” هددت يوم الخميس بمقاضاة “ميتا” بسبب تطبيق “ثريدز”، وقالت الشركة في رسالة من تويتر لـ “ميتا”: “نحذركم من أي معلومات سرية يمكن أن ينقلها موظفونا”، وفي السياق نفسه أفاد موقع” سيمافور” الإخباري نقلًا عن رسالة أوصلها أحد محامي” تويتر” إلى زوكربيرغ بأن موقع التدوينات القصيرة يهدد بمقاضاة “ميتا”.
“حرب البيانات” وراء المنافسة الشرسة
لا يخفى على أحد أننا نعيش اليوم في صلب حرب كونية تتحكم فيها أدوات التكنولوجيا والمعلوماتية، حيث تسعى الأطراف المتصارعة فيما بينها لوضع يدها هذه المرة على أكبر كم ممكن من البيانات الخاصة بالمستخدمين، بيانات متعددة المصادر وتختلف في مدى دقتها وبالتالي حساسيتها وارتباطها بخصوصية المستخدم.
شراسة هذه المنافسة تأتي من أهمية البيانات التي تستحوذ عليها هذه الشركات، من خلال جذبها للمستخدمين وطلب مجموعة من المعلومات الشخصية تسمح لهم من خلالها بفتح حسابات شخصية في كل منها، لتبدأ من بعدها عمليات التتبع وجمع بيانات أخرى، لتقوم وتستثمر أطنانًا منها تعود عليها بالأرباح الطائلة.
وبالعودة إلى كل من “ثريدز” و”تويتر” يشير الخبراء إلى أن” ثريدز” يجمع كمًّا هائلّا من البيانات الشخصية بناء على المعلومات المتاحة على حساب آبل الخاص بالمستخدم سواء سجلات الشراء أو التصفح، كما يحصل على “معلومات حساسة” مثل العرق والميول الجنسية وحالة الحمل والدين والبيانات البيومترية.
بالإضافة إلى ذلك، يقوم “ثريدز” بجمع بيانات أخرى تشمل سجل المشتريات وبيانات مالية ومعلومات الاتصال (مثل العنوان الفعلي والبريد الإلكتروني والاسم ورقم الهاتف)، بجانب الصور ومقاطع الفيديو ومحتوى الألعاب ومواد أخرى على جهاز المستخدم. ومن بين هذا النوع من البيانات أيضًا سجل البحث والتصفح ومعلومات حول تفاعل المستخدم مع الإعلانات.
من جهة أخرى يُعنى “تويتر” أيضًا -كما “ثريدز”- بجمع بيانات هائلة بينها معلومات لتتبعك مثل سجل المشتريات وتحركاتك وبيانات الاتصال مثل البريد الإلكتروني ومحتوى هواتف المستخدم وتاريخ البحث، كما يفعل نفس الأمر فيما يتعلق بالإعلانات والتسويق وتحليل بياناتك لهذا الغرض، لكنه لا يقوم بتحليل محتويات البريد الإلكتروني الخاص بك والرسائل النصية.
أمام هذا الواقع، فإن الصراع على كسب العدد الأكبر من المستخدمين لكل من الشركتين، يبقى الهدف الأول لهما، لارتباط الغايات الأخرى به، الأمر الذي يدفع المالكين لخلق أي وسائل أو طرق وإجراء التغييرات والتعديلات اللازمة التي تحقق مبتغاهم وبالتالي تخدم مصالحهم الكبرى، ما يجعلهم في حالة تأهب واستعداد دائم لخوض معارك قانونية ولوجستية ومعلوماتية على نحو مستمر.