الغرب يشعل وقود “الإسلاموفوبيا” مجددًا

لم تتمكن ديمقراطيات الغرب لغاية هذه اللحظة من إخفاء حقيقة نظرتها للدين الإسلامي والمسلمين ككل، ولم تتمكن أدوات هذه الديمقراطيات من تبيان الواقع الذي يعكس بشكل جلي “كذبة” الديمقراطية التي يتغنى بها هذا الغرب.

أوجه التناقض بين الشعارات والواقع تزداد يومًا بعد يوم، وتظهر معالمها جليّة عند كل حدث أو مشهد يجسد حقد وكراهية ورفض المجتمع الغربي بحكوماته وشعبه للإسلام والأمة الإسلامية عمومًا. والحدث الأخير الذي شهدته السويد من انتهاك لحرمة القرآن الكريم والمسلمين في كل بقاع الأرض، كان خير دليلٍ على الفجوة الكبيرة بين رفع الشعارات وتطبيقها.

الغرب.. أرض الإسلاموفوبيا الخصبة
لم تكن المرة الأولى التي يتعرض فيها المسلمون لإهانة مقدساتهم ومبادئهم في دولة أوروبية وعلى مستوى الأمة الإسلامية ككل، إذ إن هذا العمل المشين تخطى حدود التصرفات الفردية، وبات اليوم يمثل وجهًا لسياسة شيطانية عنصرية يمارسها الغرب ضد المسلمين تمهيدًا لجعلها “ثقافة” في المرحلة القادمة.

وفي هذا الإطار شهدت الأيام والأٍسابيع الأخيرة شواهد وأحداثًا عديدة مرتبطة بظاهرة “الإسلاموفوبيا” في أكثر من دولة أوروبية لا سيما السويد وهولندا، حيث تكررت حادثة إحراق نسخة من المصحف الشريف على يد جماعات يمينية متشددة أبرزها حركة “سترام كورس” التي يقودها اليميني الدنماركي السويدي “راسموسن بالودان”.

“بالودان” قام بنفسه في أكثر من مرة بحرق نسخة من المصحف الشريف عام 2017، وفي عام 2022 وتحديدًا في شهر نيسان قام برفقة أعضاء جماعته المتشددة بحرق نسخة من القرآن الكريم في مدينتين في السويد، ثم في يناير 2023 أحرق نسخة أخرى من المصحف الشريف أمام السفارة التركية في مدينة ستوكهولم السويدية.

هذه الوقائع والتعديات على حرمة ومشاعر المسلمين في العالم توّجت مؤخرًا بقيام أحد المتطرفين السويديين من أصل عراقي بحرق نسخة من القرآن الكريم يوم الأربعاء المنصرم في أول أيام عيد الأضحى المبارك أمام مسجد ستوكهولم المركزي، وذلك بموافقة وتحت أنظار الشرطة السويدية وبقرار قضائي من المحكمة بالموافقة على تنفيذ هذا العمل المخزي والعنصري.

والجدير بالذكر، أن هذه الدولة التي تتغنى بمبادئ الديمقراطية والحريات الدينية والشخصية، تمارس أبشع وأحقر أنواع العنصرية والكراهية للإسلام والمسلمين بمباركة وموافقة حكوماتها المتعاقبة، لا بل تحاول توظيف هذه الحوادث لإيصال رسائل سياسية متطرفة، لا سيما وأن الواقعة الأخيرة نفذها سويدي من أصول عربية، محاولة اغتنام الفرصة لإظهار “اضطهاد ” المجتمعات الإسلامية لأبنائها، في حين أنها شبه عاجزة حتى عن استهداف حركة الشاذين وغيرها من الظواهر الخطيرة المنتشرة.

الواقع يتطلب مواجهة جدية
أصبح من الواضح أن الوقائع التي شهدتها أوروبا والمتمثلة بتصرفات العدائية والكراهية للدين الإسلامي، ما هي سوى دلالة واضحة على توسع ظاهرة الإسلاموفوبيا بشكل غير محدود ضمن هذه المجتمعات، والتقاعس الذي تواجه فيه الحكومات هذه الوقائع هو دليل واضح على تأييدها لما يجري، وفي أحيان عديدة تحريضها على ذلك.

وفي هذا الإطار، لا بد من أن تتجه الأنظار نحو كيفية مواجهة هذه الظاهرة والحد من انتشارها وبالتالي الحد من الإساءة لأكثر من مليار ونصف مليار إنسان مسلم، الأمر الذي يتطلب الكثير من الجهود التي من الضروري أن تتوزع على عدة خطوط واتجاهات أساسية.

في مقدمة هذه الخطوط يأتي دور الإعلام وضمنًا وسائل التواصل الاجتماعي، ودورها في نقل الصورة الحقيقية للدين الإسلامي وعظمة هذا الدين ومبادئه وإنجازاته التاريخية والحالية لا سيما في أوروبا، لا سيما وأن وسائل الإعلام في الغرب تسعى جاهدة لنقل الصورة المغايرة للواقع والقائمة على الحقد والعدائية وإظهار الكره والرفض العلني للجاليات الإسلامية فيها.

من ناحية أخرى يأتـي دور هذه الجاليات في تفعيل وجودها القانوني في الدول الأوروبية، من خلال تعيين محاميين أكفاء قادرين على صد جرائم الكراهية تلك تحت غطاء القانون وباسم القضاء.

ومن جهة ثالثة، لا بد من دعم مشاركة المسلمين في الحياة السياسية للمجتمعات الأوروبية لا سيما وأن المسلمين وفي العديد من الدول الأوروبية ليسوا أقلية، الأمر الذي يتيح لهم الانخراط في الحياة السياسية والدفاع عن حقوقهم وحرياتهم ودعم ممارستهم لطقوسهم الدينية الإسلامية تحت سقف القانون وحمايته.

اساسياسلاموفوبياالاسلامفرنسا