قال الرئيس الأميركي جو بايدن إن العلاقات الروسية الأميركية يجب أن تكون مستقرة ويمكن تعزيزها ومعرفة مسيرها والعمل على تطويرها. جاء ذلك في تعليق على المحادثات التي أجريت في يونيو/ حزيران مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين. واضاف “كما أن واشنطن مستعدة للتعاون مع موسكو في عدد من القضايا، بما في ذلك المناخ وموضوع منع انتشار الاسلحة النووية والاتفاقات الاخرى.
يشير بعض الخبراء الى أنه من أجل فوز بايدن في الانتخابات الرئاسية التي جرت، قام الحزب الديمقراطي بنشاط لا مثيل له في التحريض على روسيا داخل المجتمع الأميركي ودق إسفينًا بين الدول المناهضة لسياسات الولايات المتحدة. ويقول محللون إن البيت الأبيض يريد رسم خطوط حمراء في العلاقات مع موسكو تعيد الى الاذهان سياسات الحرب الباردة، التي تم الاعتقاد بأنها رحلت دون عودة لكن يبدو ان واشنطن لا تزال تطمح للهيمنة على العالم.
وعلق رئيس البيت الأبيض على التناقضات بين الولايات المتحدة وروسيا، حيث قال إنه سيتخذ إجراءات انتقامية فيما يتعلق “بهجمات إلكترونية محتملة أو تدخل في الاقتصاد الأميركي” من قبل روسيا.
وأضاف بايدن: “سنرد على الإجراءات الملموسة التي تضر بالمصالح الأميركية”. وقال البيت الأبيض في بيان إن رئيس الولايات المتحدة وقع مرسوما يتيح معاقبة روسيا مجددًا بشكل يؤدي الى “عواقب استراتيجية واقتصادية… إذا واصلت أو شجعت تصعيد أعمالها المزعزعة للاستقرار الدولي”.
كما تحدث وزير الخارجية أنتوني بلينكين عن العلاقات الروسية الأميركية. وفي مقابلة مع صحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية حيث اشار الى ان واشنطن تعول على علاقات أكثر استقرارًا مع روسيا. وأشار إلى أن الرئيس الأميركي سبق أن ناقش هذه المسألة مع نظيره الروسي.
“أخبر الرئيس بايدن الرئيس بوتين أننا نفضل علاقة أكثر استقرارًا ويمكن معرفتها بين الولايات المتحدة وروسيا، وهذا هو المبدأ لأساسي. في الوقت نفسه، لدينا فرص للتعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك، حول قضايا معينة، مثل الاستقرار الاستراتيجي، والحد من التسلح، والفضاء الإلكتروني. وأضاف بيلكين أن هناك أيضًا مشكلات إقليمية، قد يكون حلها المشترك موضع اهتمام الجانبين.
من جهته أشار بافيل فيلدمان، نائب مدير معهد الدراسات والتنبؤات الإستراتيجية بجامعة الصداقة في موسكو، الى إن محادثات واشنطن حول بناء علاقات يمكن التنبؤ بها مع روسيا تشير على الأرجح إلى أن المواجهة بين الولايات المتحدة وروسيا لا تزال قائمة، على الرغم من انخفاض بعض التوترات.
بعد الانتخابات الأميركية، جرى تغيير فريق الخبراء الذي كان مسؤولاً عن العلاقات الروسية في واشنطن، وعادوا إلى الخطاب الذي كان سائداً في زمن الحرب الباردة، ويدعون إلى القدرة على التنبؤ والوضوح والاستقرار. لأنه في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، كانت العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي أيضًا مفهومة ويمكن التعامل معها، ولكنها في الوقت نفسه ظلت تصادمية. واوضح فيلدمان “اننا نعود الآن الى المواجهة ولكن المواجهة الواضحة والمواجهة التي يستحيل فيها وقوع بعض الحوادث المأساوية الخطيرة، وتتم المواجهة وفق قواعد معينة”.
في الوقت نفسه، يقول الخبراء إن الحزب الديمقراطي، الذي وصل إلى السلطة في الولايات المتحدة في أوائل عام 2021، هو الذي دفع الى انهيار العلاقات الروسية الأميركية. ويؤكد فيلتمان أن النخبة السياسية الأميركية لا تدرك أن أفعالها هي التي تسببت في زعزعة الاستقرار في العلاقات الثنائية، لأنه في أميركا تشن حرب لا هوادة فيها قبل الانتخابات بدون أي قواعد على الإطلاق. يُعتقد أنه في إطار هذا العمل، يمكن الإدلاء بأي تصريحات، وهي الأكثر بغضًا واستفزازًا، والهدف الرئيسي هو النصر في الانتخابات.
دعونا نذكركم أنه بناء على اقتراح الحزب الديمقراطي، كان لموسكو الفضل في “التدخل” في العملية الانتخابية الأميركية. بدأت التصريحات الأولى من هذا النوع في الظهور في عام 2016، بعد نشر مراسلات قيادة الحزب الديمقراطي على موقع ويكيليكس. اتضح من المواد أن اللجنة الوطنية للحزب دعمت خلال الانتخابات التمهيدية للحزب ترشيح هيلاري كلينتون ضد مرشح آخر، السناتور بيرني ساندرز.
حتى أعمال الشغب التي وقعت في 6 يناير 2021 في مبنى الكابيتول الأميركي تمت محاولة إلقاء اللوم فيها على موسكو وخصوم خارجيين آخرين.
يقيّم بافيل فيلدمان آفاق العلاقات الروسية الأميركية بتفاؤل كبير. في رأيه، تستند كلمات بايدن وبلينكين حول الحاجة إلى بناء علاقات أكثر قابلية للتعاون مع موسكو إلى مقدمات حقيقية وليس مجرد خطابات سطحية بل المطلوب هو العمل بشكل جدي لتحقيق الاهداف.