إجابات مقترحة عن سؤال ساقط…

انتشرت يوم أمس صورة لأحد الأسئلة المطروحة ضمن امتحانات كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال، في مقرّر حقوق الإنسان.

تتحدّث مقدّمة السؤال عن المطبّعة الكويتية، فجر السعيد، المحتقرة في بلادها بسبب تطبيعها العلنيّ مع العدوّ الإسرائيلي، والتي لم يُسمح لها بدخول الأراضي اللبنانية تطبيقًا للقوانين اللبنانية المرعية الإجراء.

يصوّر واضع السؤال المشهد بشكل تضليليّ واضح، بشكل يُبعد كلّ احتمالات أن يكون قد وقع في اشتباه حول الحادثة المذكورة أو تورّط في صياغة تضليلية حمّالة أوجه دون قصد. وفي مسألة كهذه، وقع التضليل الوقح في محلّ اتّهام جهة أمنية رسمية هي الأمن العام اللبناني بعدم السماح للمطبّعة السعيد بدخول لبنان بسبب مواقف وآراء سياسية، مما يشكل اعتداء صريحًا على المؤسسة عبر وضعها في محل الشكّ بخلفيات قرار المنع ومشروعيّته.

نسج واضع السؤال إذًا مظلومية كاذبة وادّعاء بانتهاك حقوق الإنسان وحريّة التعبير حول حادثة هي إجراء قانوني طبيعيّ لا يستهدف شخص الزائرة المتباهية بالختم “الإسرائيلي” على جواز سفرها، ولا يعطي قيمة لكلّ آرائها الخاصة بلبنان، فالأمن العام لا شأن له بالآراء، للأسف، ولذلك يشهد مطار بيروت في كلّ يوم دخول الكثير من اللبنانيين والعرب والأجانب الذين يصلون ليلهم بنهارهم بغية التعبير عن آرائهم المسيئة بشكل صريح إلى لبنان وكلّ أهله.

لو كلّف واضع السؤال نفسه عناء الإطلاع على القانون اللبناني، ولا سيّما ما يعرف باسم “قانون مقاطعة إسرائيل ” المؤلف من ثلاث عشرة مادة، والسّاري حتى السّاعة، لما سقط بهذا الشكل المدوي في امتحان الاعتبارات الوطنية والأخلاقية والأكاديمية. (يمكن الاطلاع بسهولة على نص هذا القانون عبر الصفحة الاكترونية الخاصة بـ”مركز المعلوماتية القانونية في الجامعة اللبنانية”).

إنّ المغالطات الواردة في مقدّمة هذه المجموعة من الأسئلة هي تسويق للضلال الذي حاول فريق المتصهينين في لبنان بثّه بعد منع زميلتهم السعيد من دخول البلد.

بكلّ الأحوال، قد يكون من بين الطلاب من وجد نفسه ملزمًا بالإجابة عن سؤال مضلّل، وبالتالي يكون قد منح محتوى السؤال نوعًا من الإقرار بصدقه، تجنّبًا للرسوب في المادة. لذلك، نقترح على حضراتكم الإجابات التالية، فيما لو شاء واضع السؤال تكرار طرحه هذا في الدورة الثانية، أو في امتحانات مقرّر حقوق الإنسان الإلزامي في غالبية كليّات الجامعة اللبنانية.

السؤال الأوّل:
حريّة التعبير هي حقّ يكفله الدّستور اللبناني الذي يتبنّى في مقدّمته التزام لبنان مواثيق جامعة الدول العربية كما مواثيق الأمم المتّحدة والإعلان العالمي لشرعة حقوق الإنسان، والتي تتضمّن جميعها نصوصًا متعلّقة بحرية الرأي والتعبير.

كرّس العديد من المواثيق الدّولية حرّية الفرد أو المجموعة في التعبير عن آرائها وأفكارها دون قيد إلا تلك التي يفرضها احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم أو حماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.

بالنظر إلى ما تقدّم، لا صلة بين موضوع مجموعة الأسئلة وبين التعريف بحرية التعبير على ضوء القانون اللبناني لأن المطبّعة المذكورة خالفت بكل الأحوال كلّ النصوص القانونية التي تربط الحق بحرية التعبير باحترام حقوق الآخر، أي تعدّت حدود حقّها بالتعبير. ورغم ذلك، لم يكن هذا الأمر بالذات سبب منعها من دخول لبنان. مرّة ثانية، يرجى مراجعة “قانون مقاطعة إسرائيل”.

السؤال الثاني:
حرية التنقل هي حقّ قانونيّ لكلّ فرد، ما لم يرتكب ما يمنعه من ذلك، كأن يكون موقوفًا أو محكومًا بالسجن أو بالإقامة الجبرية أو ممنوعًا من دخول بعض المناطق أو البلاد، وفق القوانين المرعية الإجراء.

كذلك، لا يحق لأي شخصية حقيقية أو معنوية دخول أو زيارة الكيان العدو في أي ظرف ويعتبر تجاوز هذا الحدّ القانوني تطبيعًا مع العدو، وبالتالي فإن قرار عدم السماح بدخول لبنان لمطبّع مع العدو الاسرائيلي هو حق قانوني ينبغي للسلطات اللبنانية الحرص على منع اختراقه، وهذا ما حدث بالضبط مع المطبعة الكويتية فجر السعيد، إذ نفّذ الأمن العام اللبناني القانون ومنعها من الدخول.

السؤال الثالث:
إن ما ارتكبته المطبعة فجر السعيد يتعارض مع حقوق الإنسان في النقاط التالية:

  • جاهرت السعيد بالتطبيع رغم “وجود قانون مقاطعة إسرائيل” المرعيّ الإجراء في الدول العربية التي لم تعقد اتفاقيات سلام أو تطبيع مع العدو.
  • زارت السعيد كيان الاحتلال ونسقّت معه متجاهلة الطبيعة العدوانية لهذا الكيان وارتكاباته الوحشية بحقّ أهل الأرض في فلسطين ولبنان وسوريا.
  • كذبت السعيد بشأن سبب منعها من دخول لبنان إذ صرحت بأنّه جاء على خلفية آرائها السياسية المعادية لحزب الله، وهذا الكذب هو اعتداء صريح على المؤسسات الأمنية التي ترعى تنفيذ القانون في لبنان وفي مطار بيروت وعلى رأسها الأمن العام اللبناني.
  • تعرّضت السعيد لفئة كبيرة من اللبنانيين بالاعتداء اللفظي وإظهار قلة الاحترام تجاههم وتجاه الشخصيّات التي تمثّلهم.

بناء على ذلك، إن ما حدث مع فجر السعيد في مطار بيروت هو تطبيق مشروع وضروري للقوانين التي ترعى حقوق الإنسان، واللافت في الأمر أن صدى ما حدث كان إيجابيًا جدًا في الكويت حيث عبّر الكويتيون عن احترامهم للقرار وأثنوا على جهود الأمن العام اللبناني في حماية لبنان عبر منع دخول أمثال فجر السعيد إليه.

اساسيالكويتفجر السعيدلبنان