رشّحت المعارضة جهاد أزعور، وهو وزير المال في حكومة الرئيس الأسبق فؤاد السنيورة، ومستشاره لسنوات منذ أن تولى الأخير وزارة الدولة للشؤون المالية مع بداية عهد الحريرية السياسية، كما أنه أكاديمي مصرفي يشغل حاليًا موقعًا متقدمًا في صندوق النقد الدولي.
وقد طالت أزعور اتهمات وشبهات فساد وهدر وثّق فصولها “الإبراء المستحيل”، كتاب التيار الوطني الحر المقدّس، درّة تاج مسيرة الإصلاح والتغيير، التي انطلقت بعد انتخابات العام 2005 مع عودة العماد ميشال عون من منفاه الباريسي ونجاحه في تحقيق كتلة من عشرين عضوًا، قال إثرها البطريرك الراحل صفير: “أصبح للمسحيين زعيم “، بعد أن كان وصفه الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط، بالتسونامي، وسعى مع المكونات السياسية لمحاصرته بالحلف الرباعي الذي تحول خماسيًا بانضمام القوات اللبنانية إليه.
مسيرة التيار شهدت نقطة تحول في شباط عام 2006، بعد توقيع وثيقة مار مخايل مع حزب الله، والتي نقلت التيار من حالة التقوقع والمحاصرة التي مارستها قوى الرابع عشر من آذار في عز ما عرف بثورة الأرز، وسقط للتيار فيها ضحايا ومقعدين في مواجهة انقلاب “الثورة” وتفردها بالحكم بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية اميل لحود، واستقالة سبعة أعضاء من الحكومة، حيث مارست الحكومة حينها البلطجة بكل ما للكلمة من معنى، مستندة على دعم دولي غربي عربي، وتهديد المحكمة الدولية الذي رافق الانقلاب السياسي على رئيس الجمهورية.
وانتهت تلك الفترة باتفاق الدوحة، الذي أوصل قائد الجيش آنذاك ميشال سليمان إلى بعبدا، بمخالفة دستورية، وانتهى بأزمة النزوح والإرهاب وعجز في ميزان المدفوعات لا مثيل له بسب الفساد والهدر وسياسة الاستدانة، وثّق فصولها التيار الوطني الحر بكتابه “الإبراء المستحيل”، وثيقة التيار وكتابه المقدس في إطار مشروع الإصلاح والتغيير، كان فيه للمرشح أزعور حصة الأسد، حصل معها على منافع والتزامات وصولًا إلى اتهامه بيع برامج وزارة المالية إلى حكومة كردستان في العراق.
فما الذي ألزم زعيم التيار جبران باسيل بتبني خيار ترشيح أزعور، والانقلاب على مبادئ التيار الموثقة ورمي الشعارات واللحاق بركب المعارضة المسيحية التي تتعامل معه بكل حذر وبعيدًا عن الثقة، وهو يعلم حقيقة ما تضمره القوات بشخص رئيسها المأزوم حاليًا بعد اتفاق بكين، وتطبيع العلاقات بين طهران والرياض وعودة سوريا إلى موقعها العربي من بوابة جدة الإجماع العربي الذي قادته المملكة العربية السعودية وانفتاحها على جميع الأطراف في الداخل اللبناني، وإبداء إيجابية اتجاه ترشيح الوزير سليمان فرنجية، لم تستطيع القوات ومعها المعارضة المسيحية تأمينها لمرشحها السابق ميشال معوض، خصوصًا من السعودية التي أكد أنها تلتزم باتفاق باريس وعقلانيتها بالتعاطي مع ترشيح فرنجية.
تبني باسيل لترشيح أزعور خلق بلبلة داخل صفوف التيار وكتلته النيابية، ما دفع باسيل إلى الاستعانة بعمّه الرئيس ميشال عون محذرًا متوعدًا المتململين، وادّعى باسيل أنه يسعى لتبني ترشيح شخصيتين توافقيتين، وليس أزعور فقط، وفي ذلك هروب وتهرب ومناورة يحاول فيها باسيل الخروج من مأزق حاول فيه ان يستخدم المعارضة لقطع الطريق على الوزير فرنجية فسقط في فخ المواجهة مع حزب الله التي يريدها رئيس القوات ومعه زعيم المختارة الذي لم يحسم خياره الجدي بعد، وهو صاحب المواقف المتقلبة.
وبخصوص حنبلاط، يتساءل البعض عمّا إذا كان يجرؤ على أن يكون حنجرًا في خاصرة الثنائي الوطني، خصوصًا بحجمه الداخلي المحدود ودوره الإقليمي المنعدم. هذا الأمر، أقلق البطريرك الراعي، بحسب مصادر عليمة قالت إنه على الأثر أوفد المطران عبد الساتر حاملًا رسالة إلى سماحة السيد حسن نصرالله، بعد أن ناقش الموضوع مع الرئيس نبيه بري، أمس، باتصال هاتفي، أكد فيه الأخير أن لا تراجع عن ترشيح سليمان فرنجية، متسائلًا: هل الشراكة تعني كسر فريق لمصلحة فريق تحكمه الكيدية والتناقض ولا يجمعه أي مشروع سوى رفض الآخر.
وعُلم أيضًا أن كلام السيد نصرالله لموفده المنسي، أكد ما قاله الرئيس بري باتصاله مع البطريرك، الذي يتحضر لإطلاق جملة من المشاورات مع قيادات مسيحية بهدف الخروج من الأزمة، وإلا دخل لبنان مرحلة فراغ طويل، لن تنتهي بانتخاب رئيس بالطرق التقليدية.