السيد نصر الله وتثبيت المعادلة والتحولات

محمود موالدي – خاص الناشر |

بكثير من الهدوء وبنبرة ثابتة راسخة أطل سماحة السيد حسن نصر الله في عيد المقاومة والتحرير، مطلقًا سماحته العديد العناوين ومكرسًا كل التراكمات والمكتسبات التي حققتها مقاومة الشعوب العربية منذ ظهور التآمر الغربي على الأرض المقدسة وهيمنتها ثم ما تلاها من توطين للصهاينة وإنشاء هذا الكيان المؤقت.

لقد حدد السيد حفظه الله، نقاط القوة في المقاومة ومحورها والتي شكلت قبة التاج الذهبي في تركيبة المقاومة وأساسًا ثابتًا في بنيانها، من نوع المقاتل وتحفيزه العقائدي إلى العدد ثم العدة والتمدد الجغرافي. كما أثار سماحته نقاط ضعف الكيان في ظل التحولات المستجدة على الساحتين الإقليمية والدولية، وما تشهده أجيال الصهاينة من وهن في العقيدة وانكفاء بالانتماء، وخوف ناتج عن ضعف الإيمان بالسلاح والقضية.

لقد كرست المقاومة في لبنان بعدًا جديدًا لمفهوم الصراع وراكمت إنجازاتها لتتحول من متأثر بالأخير إلى صانعة حية للخبر والمعادلة والكثير من التحولات السياسية في المنطقة، ليبقى شرف الانتماء لهذه المقاومة ملهمًا للكثيرين من الشباب العربي والمؤمنين بالحرية والعدالة ومناهضة الاستبداد والاستعمار.

فبعد تثبيت معادلات الردع القائمة وفي ظل الضمور الملحوظ للدور الأمريكي في عالم يعيش مخاض مرحلة جديدة عنوانها تعدد المصالح بتعدد الأقطاب، نشهد اضمحلالًا لمفهوم التطبيع الذي أخذ شكل (كامب ديفيد)، بمعنى أنظمة دون شعوب، وليكسب محور المقاومة حيزًا شعبيًّا عربيًّا كبيرًا بعد التكلس بالمفهوم القومي الشمولي والذهاب نحو (الوطنية) العميقة، فتحولت المقاومة ومحورها لحالة أممية إنسانية لا يحول عنها شيء ولا تزول بفعل سياسي أو حيز جغرافي ولا مانع قومي. إنها واسعة الأفق بقدر اتساع التفكير الحي لقيادتها وعميقة بعمق تجذر عقيدتها. إن دماء الشهداء وآلام الجرحى ودموع الثكالى وآهات المعذبين والمستضعفين كانت الدافع الكبير في خلق ناتج مقاوم ليصبح نبراسًا يحتذى ونموذجًا فريدًا في المقاومة والتحرير، فمن وحي هذه المناسبة كانت مواقف السيد حسن نصر الله حفظه الله في مختلف القضايا داخليًّا وإقليميًّا ودوليًّا، تعبر عن حكمة سياسية فريدة وواقعية في الخطاب المتوائم مع الثوابت الإيمانية، فكل عيد للمقاومة والتحرير والمقاومة الإسلامية في لبنان وشعبها وجمهورها بألف نصر وفتح مبين.

اساسي