جمال شعيب* – خاص الناشر |
المقاومة في مناورة “عيد المقاومة والتحرير” لم تستعرض سلاحها، نعم، ليس في الأمر تلاعب بالمفردات ولا مبالغة، بل توصيف دقيق لفعاليات مناورة عيد المقاومة والتحرير التي نفذتها المقاومة الاسلامية في موقع “كسارة العروش” (موقع عسكري كان يشغله جيش الاحتلال الاسرائيلي قبل التحرير).
فالمقاومة الاسلامية استعرضت في هذه المناورة “مقاتليها” و”روحهم القتالية” ومهاراتهم العالية، وكفاءتهم وانضباطهم ودقة تنفيذهم للمهام المطلوبة منهم.
من هم هؤلاء المقاتلون؟
قد يكون مقاتلو “الرضوان” (الوحدة أو القوة أو الفرقة) هم الأكثر شهرة بين التشكيلات التي شاركت أمس في المناورة، نظراً لصيتهم الذائع محليًّا ودوليًّا بعد مشاركتهم في معركة الدفاع عن #سوريا من جهة وانتشارهم على حدود فلسطين من جهة أخرى.
لكن كان الى جانبهم في هذه المناورة تشكيلان آخران، أحدهما يتبع لمدرسة “المهارات” في حزب الله، وتشكيل من “المتدربين الجدد” الذين اجتازوا مرحلة عسكرية معينة، وهنا يكمن سر آخر وأمر لافت اضافي، كون المشاركين من مستويات تدريبية وقتالية مختلفة، وتشكيلات عسكرية مختلفة، خبرةً وتجربةً.
الميزة المشتركة
بالإضافة للانضباط وحسن التنفيذ والأداء الاستعراضي المميز، قدم المشاركون صورة رائعة للروح القتالية العالية التي يتمتع بها مقاتلو #حزبالله، وهي الميزة التي لطالما رافقت مقاتليه سواء في عملياتهم العسكرية ضد الاحتلال الاسرائيلي أو خلال مشاركاتهم في الدفاع عن سوريا. هذه الروح القتالية التي عبر عنها القائد الجهادي الكبير الشهيد الحاج #عمادمغنية بقوله “اللي بتقاتل فينا هي الروح”، هي الوصف الأدق والأكثر التصاقًا بمختلف تشكيلات حزب الله العسكرية من “التعبئة” الى “الرضوان” وما بينهما.
ولا شك أن كل من شاهد المناورة حضوريًّا، قد عاين ولمس هذه الروحية وبالتحديد من تعني له، فقد كانت تسبق الوجوه الى العين، والرصاص الى الهدف، وتحملنا على متابعة حركة المقاتلين وادائهم دون أن ترمش أعيننا أو يتشتت انتباهنا بصوت انفجار هنا أو أزيز رصاصة هناك، لا بل يمكن القول إن هذه “الروح” قد طافت فوق رؤوسنا ومسحت على قلوبنا وجعلتنا “أسرى” صفائها من بداية المناورة الى نهايتها (لقد انشغلت عن التدخين وللمرة الأولى في مكان مفتوح لساعات) لدرجة كنتَ إذا ناداك زميل أو همس شيئًا في اذنك تسأله إعادة كلامه وتجيبه قبل أن تعود لتتفيأ “ظلال المقاومين”.
الدقة والتنظيم والانضباط
“لم أكن أتوقع أن يكون حزب الله بهذا التنظيم الدقيق”، تقول إعلامية أميركية لمراسل قناة المنار اللبنانية. ويعبر صحفي آخر عن “اندهاشه” بمشاهد “الحركة والنار” واستخدام الذخيرة الحية في مناورة يحضرها حشد من المدنيين والإعلاميين على مسافة لا تزيد عن ٥٠ مترًا، دون أن ترتد رصاصة “سكترما” من قناص أو شظية من انفجارات تتالى على الهضبة المقابلة أو اسفلها، لا سيما خلال عمليات استهداف وتفجير سيارتي دفع رباعي خلال مناورة “عملية الأسر” التي نفذت أمام الحضور.
الحركة ومروحة النيران
عبوة، صاروخ، قذيفة مدفعية، ومقذوف من طائرة مسيرة، سمفونية مروحة النيران التي استخدمت في المناورة رافقها عزف منفرد من قناصة “المقاومة”، بمديات مختلفة، وصلت الى ٦٠٠ متر، كان اللافت فيها مشهدية الحمم النارية المتساقطة على الموقع المفترض لـ “مستوطنة” صهيونية، حيث كان من الواضح تعمد “منظمي المناورة” وراسمي سيناريوهاتها، إضفاء طابع “ملحمي” عليها من خلال كثافة استخدام النيران المتعددة الوسائط، والانفجارات المتتابعة والمتلاحقة في بقعة جغرافية صغيرة، تعكس قدرات “السيطرة وإدارة النيران” الفائقة الدقة إلى درجة تشعر معها أن كل قذيفة وما يليها تكمل “حياكة” يد ماهرة لسيل من الحمم البركانية المتدفقة.
ختامًا وبالعودة لعنوان المقالة، لم يستعرض حزب الله في مناورة عيد المقاومة والتحرير أي سلاح لم يظهر سابقًا في مشاهد الاعلام الحربي الرسمية أو العروض العلنية أو ما سرب عن “عرض القصير” سابقًا، ولعل الاستثناء الوحيد في هذه المناورة كان سلاحًا محمولًا مخصصًا لإسقاط “المسيرات” لا تملكه سوى بعض الجيوش في العالم، وكما أكد السيد صفي الدين في كلمته، بقيت صواريخ حزب الله الدقيقة في أماكنها، والعدو يعلم بوجودها لكنه لن يراها إلا حين تتساقط على “كيانه المؤقت”، وباقي الأسلحة والآليات التي عرضت تصنف بأغلبها أسلحة وآليات تكتيكية لا استراتيجية، والسلاح الاستراتيجي الوحيد الذي شاهدناه في هذه المناورة كان “روح شباب حزب الله المقاتلة”.
*إعلامي لبناني