بطريقة إبداعية سلسة وتحت عنوان متقن، وفي سياق الاحتفالات بعيد النصر والمقاومة، تفاعلت مقاومة الاعلام ممثلة بوحدة العلاقات الاعلامية لحزب الله يقودها الحاج محمد عفيف بعقله الراجح وتجربته المتينة المثمرة وبشخصيته الهادئة والجاذبة، المستشار الاعلامي للسيد حسن نصر الله، بتنظيم فعالية اعلامية حربية “لتلازم الحرب بالمدافع مع الحرب بالكلمات وبالوسائط الاعلامية” بكل ما للكلمة من معنى ادت رسالة في غاية الأهمية مكانًا وزمانًا وافعالًا.
فعالية نوعية تنتمي الى ابداعات ومفاجآت المقاومة التي دأبت على تحقيقها، وعلى مراكمة الانتصارات بالحروب وبالجولات والنقاط. فالحرب ليست ولا كل الحروب تحسم بالجولة الاولى وبالضربة القاضية انما مسار تاريخ البشرية اكد ان الشعوب تقاوم وتخوض الحرب الطويلة الامد وتكسبها بالجولات وليس بالضرورة بالقاضية وإن كانت المقاومة ومحورها باتا جاهزين لها وقالها السيد حسن نصر الله؛ ان الحرب الكبرى التي عملنا واستعددينا واعددنا لها منذ اربعين سنة ونيف ستقع واقرب مما نتوقع وهي حربنا لتحرير فلسطين من البحر الى النهر.
مناورة عسكرية فحسب ام مشروع تكتيكي واكبر واثمن من جولة؟ حرب تكسبها المقاومة بالنقاط وبالجولات وتتراكم في سياق حرب تحرير فلسطين.
العنوان فعالية اعلامية بالتعاون بين اللقاء الاعلامي الوطني ووحدة العلاقات الاعلامية لحزب الله، وقد اقرت منذ شهر ونيف وعقدت الاجتماعات التحضيرية دوريًّا لإنجاحها، وليس لتوقيتها علاقة بأحداث محلية او عربية حصلت.
ما يقارب الـ٤٠٠ من الإعلامين العالميين والعرب واللبنانيين، وممثلي كبريات وسائل ووسائط الاعلام العالمي والعربي وشخصيات وممثلي احزاب وفصائل وقوى لبنانية وفلسطينية وعربية وخاصة من اليمن ومن انصار الله.
رتل طويل من الحافلات والسيارات انطلق من بيروت التقته في مسيرته وفود من مختلف المناطق اللبنانية في رحلة ملؤها الشوق لتنشق رائحة ارض البطولات والشهادة ولعطر تراب وأرض جبلت صخورها من دماء الجراح النازفة واطنان العرق والالم والجهد في عرمتى معسكر كسار العروش، فهنا تزهو جبال الجنوب المطلة على الجليل وشمال فلسطين والممهورة بعبق التضحية والرجولة والاباء.
الرحلة ممتعة بصحبة هذا العدد والنوع من الاعلاميين ومن صناع الرأي المصممين على تقديم الصورة الحقيقية والكشف عما يجول في ميادين الاستعداد لتحرير الجليل؛ فتحرير الجليل في الدقائق والساعات الاولى لحرب التحرير الشامل، يحمي لبنان ووحدته ويعظم من قيمته ومن شأن ابنائه ويؤمن مستقبلًا واعدًا للأبناء والاحفاد فهو وعد الشهداء صادق كوعد يا قدس انا قادمون.
الجهد المبذول لنجاح الفاعلية من قبل اللقاء الاعلامي الوطني ومنسقه العام المناضل سمير الحسن ومن وحدة العلاقات الاعلامية، عظيم ومتقن والسيدات والرجال المتطوعون للتنظيم والنجاح عظيم يتقاطع ويتفاعل مع عظمه وقيمة ما بذل في هذا المعسكر وما انجز من تحضيرات واستعدادات وحشد هائل القيمة من الرجال الاعزاء والسلاح والدقيق منه وكل الاعمال التحضيرية التي جرت دقيقة بدقيقة ليل نهار تحت الرقابة والتجسس والتلصص الإسرائيلي وبكل الوسائل المتاحة وبالتقنية العالية والمتقدمة جدًّا.
يطول الشرح عن كرم الضيافة وتهذيب المنظمين وحفاوة الطرق والابنية والازقة والحقول الخضراء والغابات الباسمة والتي تزهو بنصر ايار وترقص الاشجار والورود طربًا وفرحًا ترحيبًا بالزائرين المكرمين بالمناسبة.
عند مدخل المعسكر “عرمتى كسار العروش” تحسب الرجال المنتشرين بسلاحهم على المفارق والطرقات كأنهم ثابتون مندمجون مع المكان كالشجر والصخور والزهور الناشرة عطر الشهادة.
شباب ورجال مجتهدون بتأمين الامن والتنظيم وادارة الحشد وجلهم ممن يرتدون الاقنعة الا ان بريق عيونهم يشع بالفرح والبهجة والترحيب الحار.
من النظرة الأولى يقع العشق وترقص القلوب، وفي الخطوات الاولى الراجلة تجول العيون وتخفق القلوب فيما تنشغل العقول فاحصة في الوجوه والأمكنة وتجول على الجبال والوديان والاحراش كما تسترق النظر خلف بوابة المعسكر التي اعدت بهندسة وإتقان تتراءى خلفها ملامح رواية حبكت بإبداعية لتقص حكاية مستقبل آتٍ تجري ساعاته على زمن رجال الله في الميدان.
تفتح البوابة فيدلف الجمع باتجاه ساحة العرض والى المسرح المفتوح في الهواء الطلق لإحياء عرس التحرير والانتصار، فتعزف فرق الموسيقا لحن الاستقبال بطعم الانتصار وكيفما جال بصرك فاحصًا ستجد رجالًا اشداء مشدودي القامة جاهزين مستأسدين وكأنهم على بعد ايام من تحقيق حلم الاجيال والنيل من عدو غادر طال زمنه فتستعجل دنو ساعة الحق ارواح الشهداء وآلام الجرحى ورجاءات الايتام التي ترويها الطبيعة والاشجار والطرقات التي شقت بالأيدي وبالمعدات اليدوية في الايام الاولى لتمركز المقاومة في المنطقة وبناء معسكر كسارة العروش.
كل ما حولك يؤهلك لتشهد ساعتين من زمن العز والكرامة ومن مقدمات انجزت شروطها وظروفها لصناعة فخر الامة والشعوب على مدى الأزمنة والدهور. ثم تستعرض حشدًا من المعدات العسكرية والمحمولات والراجمات والمدافع والرجال منتصبين فوقها او الى جانبها يؤدون التحية وابتسامات الترحيب.
كل شيء اعد بإتقان، المنصة، امكنة الضيوف، والاماكن المخصصة للإعلامين والمصورين والمنبر بمقابل ساحة العرض.
لحظات تقع سريعة تحسبها عمرًا وترغب ان تطول اقامتك هنا، في ارض العزة والفداء. ويبدأ الاستعراض العسكري لمجموعات من فرقة الرضوان التي ان ذكر اسمها ارتجف قادة العدو ومستوطنيه ولو عرفوا ما تخبئه لهم هذه الجبال والوديان بما فوقها وتحتها وفي قلبها لما ناموا ليلهم ولا ارتاحوا نهارهم.
رجال بعمر الورد بقامات باسقات كالأسود المتحفزة، يقدمون العروض على وقع انفجارات واعمدة نار ودخان، عرض للقوة البدنية للمقاتلين، وعرض للقتال بالأسلحة البيضاء، وعرض لعبور وتجاوز الحواجز والمعيقات والتسلق على الحبال والقناصة من مسافة ٦٠٠ متر يحققون الاصابة الدقيقة ١٠٠% وفي الاجواء عرض للطيران المسير ومنها المسلحة التكتيكية والقادرة على تحقيق اهدافها بدقة متناهية وقد عادت احداها بعد ان نفذت المهمة ودمرت بصواريخها موقعًا مفترضًا لجنود العدو، تستعرض عضلاتها وصواريخها تتراقص زهوًا في مواجهة المنصة على ارتفاع امتار لتقرأ العيون في تفاصيلها ما تشي به هذه المسيرة واخواتها من وعد؛ سنبلي حسنًا في الحرب الكبرى سيان استمرت بالجولات او دنت لحظتها الحاسمة والضربة القاضية.
وفي احدى رسائل المناورة الاكبر والاهم من جولة ومن تحقيق مكاسب بالنقاط كان رجال الدراجات النارية الاشاوس العلامة الواسمة للمناورة والاكثر حضورًا ومشاركة، فقد ابهرونا بقدراتهم الخارقة في تجاوز المطبات والمعيقات وساروا بدراجاتهم بين الحفر والكتل الترابية، بثبات واتزان كأنها ترقص على الحبل المشدود. جالوا يتبخترون في الارض الوعرة وبين الصخور وقدموا عرضًا شيقًا يلقط الانفاس في كمين مطاردة السيارة المسلحة والاستيلاء عليها، وفي عملية اسر جنود صهاينة في ارض فلسطين. والفتيان الاشاوس قادرون على اطلاق النار عن ظهور دراجاتهم، ويتبادلون القيادة والرماية ومهاراتهم مبهرة.
ومن الابداعات والعراضة الاكثر ابهارا العربات الخفيفة من فئة الدراجات الرباعية الـatv التي جرى تعديلها واعدت وجهزت لتكون منصات رماية صواريخ الكورنيت ومضادات الدروع والمجهزة برشاشات متوسطة والقادرة على تسلق الجبال وقهر الارض الوعرة وكان لرجالها الدور المحوري في الهجوم تحت النار والقصف وبلوغ الهدف بإنجاز مهمة تحرير مستوطنة وطرح العلم الاسرائيلي ورفع علم المقاومة بديلًا عنه.
وقد رغب المنظمون عن سبق وعي ومعرفة ومهارات صناعة الرسالة ربما الاهم والاعمق تأثيرًا ودلالة في المناورة الاكبر من جولة في حرب التحرير الجارية، فاختتمت المناورة بتفجير مجسم الجدار الاسمنتي الذي افترض الإسرائيلي انه يشكل حماية وضمانة تطمين لمستوطنيه المرتجفين والمذعورين من مجرد مشاهدة الاعلام ترفرف على الجدار والشريط الشائك ومن صوت وقع الأقدام بالقرب من الحدود. بلمحة بصر نسف مجسم الجدار الاسمنتي وفتحت فيه الثغرات ليتدفق سيل من المقاتلين الاشداء عبرها ولينتظموا صفًّا مرصوصًا في مقابل المنصة بأجسادهم الممشوقة والعيون الشاخصة الى الجليل والى ما بعد بعد حيفا الى كل فلسطين. لم تنل من اجسادهم ومن ارواحهم وحماستهم جهود الايام في الاستعداد للمناورة ولا ساعات الاستعراض والمناورة الطويلة والمرهقة بدقتها واحترافيتها في تنفيذ الخطط والاوامر فارتسمت لوحة تكامل وتفاعل بين الاعلام المقاوم ورجال المقاومة واصطف المشاركون من المجاهدين في مختلف صنوف الاسلحة كالبنيان المرصوص يملؤون الساحة، ويهتفون لفلسطين وللسيد حسن نصر الله. وتقدمت الراجمات والسيارات المجهزة بمختلف اصناف الاسلحة المحمولة، وعاد الدراجون يستعرضون المهارات والسيارات الخفيفة والدراجات النارية المدولبة “atv” يعتليها رماة الصواريخ المضادة للدروع والصواريخ المحمولة المضادة للطائرات، ورجال وتجهيزات الحرب الالكترونية والسيبرانية، والقناصون بقناصاتهم. وظهر لأول مرة سلاح السيطرة الالكترونية واسقاط المسيرات.
كما في دروس ومفاجآت المناورة التي هي اقرب الى مشروع تكتيكي، ونتائجها الاهم من جولة مواجهة مع العدو، كانت كلمة راعي الحفل السيد صفي الدين الذي تكاملت عباراته ومقاصدها مع مقاصد المناورة وقدمت رسالة شفافة واضحة صادقة للخارج والداخل تطمئن وتصادر الحملات وتجزم بأن هذه الاسلحة والاكثر قيمة واهمية هؤلاء الرجال رجال الله اخوة وابناء واحفاد الشهداء ومن صلبهم وطينتهم وطبائعهم وقيمهم والتزامهم هم رجال لبنان وشعبه وكل ابنائه، وكما انجزوا انتصارين وتحريرين وامنوا السيادة والكرامة وفرضوا حقوق لبنان في الثروات وفي السيادة على البر والبحر وقريبًا في الجو هم اليوم في مهمة والتزامات تامين لبنان واستقراره وحمايته وتجهيزه ليلعب دورًا محوريًّا في حقبة اعادة تشكيل العرب والاقليم على ما يستحقه الشعب اللبناني بكافة اطيافه وتلاوينه؛ فالمناورة، وكلمة الراعي، وتكامل الجهد الاعلامي بين وحدة العلاقات الاعلامية لحزب الله بقيادة الحاج محمد عفيف ورجال الميدان ومع اللقاء الاعلامي الوطني وقادة الرأي ورجال المنابر والسياسة في الاعلام وفي حزب الله صبت في اتجاه وانتظمت في سياق واحد تجسد في سبيل لبنان الى العزة والكرامة والسيادة وكل هذه تتحقق عبر مسار ان يحزم اللبنانيون امرهم وان ينجزوا استحقاقاتهم وأن ينتخبوا رئيسا ويشكلوا حكومتهم وأن يطلقوا الجهد لاحتواء الازمة واعادة تفعيل الدولة واجهزتها والسعي لمعالجة الازمات والانخراط هجوميا وقياديا في حقبة اعادة صياغة العلاقات العربية والاسلامية والإقليمية؛ فلبنان بشعبه واطيافه وبما انجزته ثلاثيته الذهبية يستحق ان يكون فاعلًا كما كانت المقاومة وكما غدت وكما اصبح محورها فاعلًا مؤسسًا في مستقبل العرب والاقليم.
ماذا عن الاصوات التي ثارت في حملاتها الاعلامية والتضليلية وبافتراءاتها وعزفت على وتر التساؤل اين الدولة واين الجيش ولماذا انجزت المقاومة مناورتها الجولة الرابحة في حرب لجم إسرائيل وكسب الحرب الكبرى؟ فكثير الظن انها صارت اصواتًا لا تسمع الا نفسها، ولا يقع خطابها الا على مقابر الاموات ويوصف خطابها بخطاب المرتهبين من الغد وتحولاته والخائفين ان يباعوا في سوق النخاسة بعد ان تحققت المصالحات العربية والاسلامية وشهدت قمة جدة على مكانة المحور التي تجسدت بصلابة وبكلمات الاسد الاشبه بالصواريخ العابرات دقيقة الاصابة.
هنيئًا للبنان بمقاومته وبرجالها الاشداء وباللقاء الاعلامي الوطني ومناضليه من سيوف الكلمة الصادقة تشهر الحق ومعطيات الواقع. والى المزيد من الجولات والمكاسب فتحرير فلسطين من البحر الى النهر وعد مستحق وزمنه جار وكل التحولات تصب المياه في طاحونته.