النزوح السوري.. أرقام صادمة ومعالجة خائبة

بعد أكثر من عقد من الزمن وأزمة النزوح السوري تكبر كل لحظة ككرة ثلج تحولت عبئًا اجتماعيًا شكّل كارثة وطنية تقود أبعد من ذلك بكثير.

الأمم المتحدة التي تغطي النزوح بمنظماتها ترفض التعاون مع الحكومة اللبنانية وطلباتها. أما الدول الغربية التي تموّل بقاء النازحين فلم تراعِ الأنظمة والمعايير الدولية، بل تصرّ على أن يبقى لبنان أرضًا خصبة للنازحين بما يشكّل خط دفاع أول عن حدودها، بعد أن أغرقت النازحين في البحار ونصبت الأسلاك الشائكة والمكهربة بوجههم.

أما القوى السياسية في لبنان المنقسمة حتى على جنس الملائكة والمتصارعة على السلطة، كان منهم فريق الرابع عشر من آذار، فقد أقامت للنازحين حفلات الاستقبال ونظمت المهرجانات التي أنشد فيها رموزها ألحان حمص وغنوا لدرعا وتوعّدوا لحلب وطالبوا بالثأر لحماه، مهددين ومتوعدين أطياف وطوائف، راهنوا عليهم كقوة عسكرية مدربة محتضَنة دوليًا وممولة عربيًا لاستعمالهم في الداخل اللبناني ورقة قوة في وجه المقاومة والجيش، وربط وجودهم بقرارات أنظمة عربية كانت متورطة في الحرب على سوريا حتى الأمس القريب.

واليوم، بعد التبدّل الساسي الدولي، وتغيّر ميدان الواقع السوري، ظهرت دعوات من قيادات المعارضة السورية تطالب النازحين السوريين بحمل السلاح في وجه الجيش اللبناني للدفاع عن وجودهم وإثبات هويتهم في لبنان الغارق بأزمة سياسية تحولت أزمات، في ظل انهيار مالي كان النزوح السوري مساهمًا فيه، إذ يتنعم النازح بما تغدق عليه الدول والمنظمات وما تؤمن له الجمعيات من خدمات صحية ورعاية اجتماعية وسلة غذائية ودفعة شهرية مع تعليم وتدفئة.

وحتى اليوم، تتضارب أرقام النازحين بين الجانب اللبناني ومفوضية اللاجئين، فتسجيل النازحين توقّف منذ أيار 2015 بطلب من الحكومة اللبنانية آنذاك. وبحسب التقديرات الرسمية للحكومة اللبنانية التي تعتمد على أرقام المنظمات المحليّة والدولية، فإن عدد النازحين السوريين في لبنان يُقدر بمليونين ومائتين وخمسين ألفًا، أما معطيات الأمن العام اللبناني فتفيد بما يزيد عن مليوني نازح سوري في لبنان يبلغ عدد المسجلين منهم لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حتى نهاية آذار الماضي 805،326، يشكلون 187,844عائلة (مع الإشارة الى أنّ المفوضية تواصل اعتماد أعداد اللاجئين المسجَّلين قبل عام 2015).

وبذلك، يشكّل النازحون ثلث سكان لبنان حيث تصل كثافتهم الى 650 نسمة في الكيلومتر المربّع الواحد، بحسب ما أعلن ممثل الحكومة اللبنانية أثناء كلمة لبنان خلال اتعقاد الدورة السادسة من مؤتمر “مستقبل سوريا والمنطقة” في العاصمة البلجيكية – بروكسل العام 2022.

وبحسب المعطيات، يتوزّع النازحون على ما يزيد عن الف بلدة من البلدات اللبنانية البالغة ألفًا وخمسين، معظمهم نزحوا من الأرياف السورية. وتشكل خريطة انتشار المسجّلين منهم حتى 31 آذار كالتالي:

  • منطقة البقاع – محافظة زحلة ومحافظة بعلبك الهرمل تبلغ 38.8 في المئة بعدد 312754 نازحًا.
  • منطقة شمال #لبنان بنسبة 27.9 في المئة بعدد 224541 نازحًا.
  • بيروت الإدارية ومنها جبل لبنان بنسبة 22.2 في المئة بعدد 178651 نازحًا.
  • منطقة جنوب لبنان بنسبة 11.1 في المئة بعدد 89380 نازحًا من أعداد المسجلين في المنظمة حتى عام 2015.
  • يبقى 489389 نازحًا كانوا في لبنان سابقًا قبل الأزمة كعمال واستفادوا من النزوح اللاحق.

أخطر من ذلك، كشفت دراسة أعدها الباحث ربيع الهبر، أن مقابل كل 63 ولادة لبنانية هناك 50 ولادة سورية، وهذا يشكل تهديدًا ديمغرافيًا مستمرًا للمجتمع اللبناني بسبب فتوّة المجتمع السوري. وبحسب المعطيات المتوفرة، فإن الولادات السورية يمكن أن تتضاعف خلال ثلاث سنوات، فهل ثمة من يعير انتباهًا لما يجري؟ أم أن استخدام ورقة النزوح السوري حان وقتها وهي رابحة عند من لا زال يستثمر أزمة لبنان ويراهن على تحسين ظروف التفاوض؟ وهل سيسمح الغرب والأميركي تحديدًا بإنهاء هذا الملف قبل الاستفادة منه؟ وهل حانت اللحظة خصوصًا مع تصريح ممثل الأمم المتحدة في بيروت الذي قال إن النزوح السوري فاقم الأزمة الاقتصادية في لبنان؟

اساسي