من بين موسيقى الطرب على أنغام التطبيع العربي الرسمي، ولحن السلام الزائف، ورقصات المستوطنين تجاه القدس العربية لتهويدها، والثغور المبتسمة المسطّرة بألوان النصر في غزة، تشع بنورها لتصل جبل النار وجنين لتشرق من جديد قبتنا الذهبية، لا نرى تلك الخطابات الفاقدة لنيّة الصدقة والعمل النضالي، ولا تسمع آذاننا أيًا من تلك التنديدات العقيمة، بل نسمع بقلوبنا وبأشواق الانتظار على عتبات السجون وأسوارها الشاهقات، خروج الأسير تلو الأسير.
ضمن الإحصائيات لعام 2020 – كانون الأول، فإن عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي بلغ قرابة 4700 أسير، من بينهم 34 أسيرة وأكثر من 180 أسير وأسيرة من القُصّر، وقد تجاوز عدد المعتقلين الإداريين 500 أسير وأسيرة. المقيت في الأمر أن عدد أوامر الاعتقال الإداري بلغ حوالى 96 أمرًا بينهم، 51 أمرًا جديدًا، و45 أمر تمديد.
وفي الإحصائية ذاتها، وصل عدد المعتقلين الفلسطيننين منذ عام 1948 إلى ما يقارب 9000 أسير، من بينهم مئات الأسرى العرب والأجانب الذين انضموا إلى المقاومة، حيث كانت المقاومة الفلسطينية إبّان النكبة والنكسة تعتمد على الدعم الخارجي، وانضم إليها المقاتلون من خارج الحدود إلى داخلها. ومن بين الجنسيات العربية التي ترأست قائمة الأسرى العرب كان النصيب الأكبر للأردن ومن ثم مصر. الدواتن اللتان عقدتا اللتان اتفاقيات سلام مزعوم مع الاحتلال. و رغم عمق العلاقات بينهما وبين الاحتلال. إلا أن ذلك السلام لم يسدِ خيرًا للأسرى، فكان الموقف المصري بعيدًا عن المطالبة بما يقارب 7 أسرى مصريين، حتى أن ملفاتهم في الأروقة المصرية صار يكسوها الغبار والتراب.أما عن الأسرى الأردنيون، فيتجاوز إجمالي عددهم الـ80 أسيرًا أردنيًا، إلا أن الاحتلال يرفض إثبات هذا العدد بحجة أنه يوجد من بينهم حوالي 50 أسيرًا من أصل فلسطيني.
لم يقتصر حجم الإرهاب الصهيوني على اعتقال المدنيين وتعذيبهم داخل السجون، بل إن إجارمه وصل إلى حدّ قتل الأسرى في جولات التحقيق والتعذيب. وقد بلغ العدد الكلي للأسرى الشهداء أكثر من 200، استشهدوا داخل أقبية السجون، منهم 71 أسيرًا استشهدوا تحت التعذيب الملاصق للتحقيق، بينما أكثر من 130 أسيرًا استشهدوا عن طريق الإهمال الطبي واستقصاد تركهم دون دواء أو عناية صحية ليرتقوا شهداء.
إن جلّ ما يقوم به هذا الكيان وأدواته في المنطقة، لم يثنِ عزيمة الفلسطينين في جولاتهم النضالية كل صباح إلى آناء الليل بكل ما أوتوا من عزم وإمكانية، وهُم يسعون في كل الساحات لوطن واحد بعلم واحد وعلى ذات الخريطة الكاملة دون أي تقسيم ودون أي معاهدات وتنسيقات أمنية واهمة بالسلام.