ظهرت مؤخرًا سلطة جديدة يجب إضافتها إلى السلطات الأربعة السابقة، وهي “سلطة نجوم الفن”، فبات لزامًا علينا دراسة هذه الظاهرة وقياس مدى تأثيرها على القوانين والجمهور والمجتمع ككل، نظرًا لقدرة هذه السلطة على تزييف الحقائق واللعب على القانون والتّحكم بعواطف الجمهور، فلم يعد هناك قاعدة قانونية أو أخلاقية يمكن الاتكاء عليها في ظلّ ما نعيشه من فوضى النجومية على شتى المستويات.
في يومنا هذا أصبح المغتصب والقاتل والمدمن بريئًا رغم إدانته، بفعل جمهور غلبت الغشاوة على عينيه فغُيِّبت القوانين والمبادئ والأخلاق، حتى القانونيون أنفسهم قاموا بتطويع القانون وفقًا لأهواء هؤلاء النّجوم، فبات عاديًا عند فئة من الجمهور العربي أن يكون قدوته من الفنانين شاذًّا، مغتصبًا، مدمنًا على المخدرات، أو حتى قاتلًا!
تلعب وسائل الإعلام ومنها مواقع التواصل الاجتماعي دورًا بارزًا في تشتيت الرأي العام وتكوين صورة مغايرة للواقع، وينقسم جمهور السوشيل ميديا إلى فئة تتبع عواطفها في حب المطرب أو الممثل، وفئة أخرى تهدف إلى تدليس الحقائق وبث العادات الشاذّة.
نبدأ من قضية المطرب “سعد لمجرد ” الذي اتُّهم منذ سنوات بضرب واغتصاب فتاة فرنسية، حيث قضت المحكمة الفرنسية بسجن المجرد ست سنوات، وما أن صدر الحكم حتى هبّت فئة من الجمهور والفنانين والحقوقيين ومنهم المطالبون بحقوق المرأة، للدفاع عن المطرب المغربي “#سعد_لمجرد “، والعذر الذي يقدمه هؤلاء لتبرئته أنه كان تحت تأثير الكحول والكوكايين! عذر أقبح من ذنب، لعل “سعد” كان مسلوب الإرادة عندما تعاطى الكوكايين وشرب الكحول؟! لنفترض أن سعد ليس مغتصبًا فهل أصبح نجمٌ يتعاطى المخدرات ويفقد عقله بشرب الكحول قدوة لنا؟
أما القضية الثانية فهي قضية الممثلة المصرية “منة شلبي” حيث تم ضبط كمية كبيرة من المخدرات في مطار القاهرة بحوزة الممثلة أثناء عودتها من أمريكا، إلّا أن المحكمة حكمت عليها بالسجن لمدة سنة مع إيقاف التنفيذ بحجة أن المخدرات المضبوطة هي للاستعمال الشخصي! وتذكرنا هذه القضية بحادثة المطربة ” #اصالة_نصري ” التي ضبطت كمية من المخدرات بحوزتها منذ سنوات في مطار بيروت، وتم إخلاء سبيلها أيضًا بنفس الحجة ” المخدرات للاستعمال الشخصي”، وكأنه من الطبيعي أن يكون أصحاب الفن مدمنين على المخدرات وتمرّ مخالفاتهم مرور الكرام دون عقاب، فها هي منة شلبي تقدم مسلسلًا ليعرض في شهر الصوم بينما تقدم أصالة الحب والأصالة في أغانيها.
بالعودة إلى الماضي القريب تعتبر قضية المطرب “#فضل_شاكر ” من أبرز القضايا التي سببت انقسامًا في آراء الجمهور، ففي عام 2013 قرر شاكر اعتزال الغناء والانضمام لإحدى التنظيمات الإرهابية في #لبنان ، وشارك بالهجوم على عناصر الجيش اللبناني، ونشر شاكر وقتها فيديو مصوّرًا له يقول فيه بأنه تمكن من قتل عنصرين من الجيش اللبناني. إلّا أن صاحب أغنية “يا غايب” تراجع عن قراره بعد اعتقال قادة المنظمة الإرهابية معتبرًا أن الفيديو الذي نشر له غير صحيح وهو لم يقم بجريمة القتل. وهنا انقسمت آراء الجمهور والفنانين أيضًا بين مدافع عن شاكر وبين مطالبٍ بمحاكمته. رغم إصدار المحكمة العسكرية في لبنان قرارًا بسجن شاكر لمدة 22 عامًا إلّا أن المطرب لا يزال حرًا طليقًا يصدر بعض الأغاني أحيانًا ويقابل عددًا من النجوم حينًا آخر.
على مرّ السنوات سمعنا عن قضايا الكثير من الفنانين ومنها قضايا دعارة وجاسوسية. وقد نال معظمهم العقاب اللازم، ولكن اليوم تبدلت الأحوال وأصبح المتهم بريئًا رغم إدانته دون أية شبهة في الاتهام ومع كفاية الأدلة إلّا أن السوشيل ميديا سمحت لبعض الآراء المنحرفة بإيصال فكرهم القابل للجريمة والتلاعب بعقول فئة من الجمهور.
للأسف عزيزي القارئ هذا ما نحن عليه اليوم، قدوة أبنائنا من الفنانين هم عبارة عن فاسدين يروّجون للمخدرات والشذوذ وغيرها من الأمور المنافية للقانون والأخلاق، والمسؤولية الأكبر تقع على عاتقك عزيزي القارئ في الدفاع عن هؤلاء أو إدانتهم.