استسلم يا سيِّد حسن وسلِّم سلاحك وأعِد أبناء المقاومة إلى بيوتهم، وليتركوا الجبهة للعدو يسرح ويمرح ويعربد، يقضم الأرض ويستبيح السيادة، دعوه يصول ويجول برًّا وجوًّا وبحرًا، لسنا بحاجة لمقاومتك وسلاحها، فالمجتمع الدولي وقرارات الأمم المتحدة تحمينا وتسترجع لنا الحقوق وتحفظ لنا السيادة وأمن اللبنانيين. أنسيت القرار الأممي 425 بعد اجتياح العام 1978م واحتلال نصف الجنوب؟! القرار الذي أخرج العدو الإسرائيلي من لبنان بعد اثنين وعشرين عامًا من الدبلوماسية النشطة في المحافل الدولية؟
استسلم يا سيِّد، ألم يخبروك مرارًا وتكرارًا أننا نحن شعب المقاومة قد تعبنا وما عدنا نحتملُ تقديم التضحيات عن كل اللبنانيين وعلى مختلف الجبهات؟ دعنا نعيش بقية العمر بهدوءٍ وسكينة وبفخرٍ وعنفوان مع أحزاننا على شهدائنا ومعاناة جرحانا ونقضي الليالي نحدِّثُ صور أبنائنا من مفقودي الأثر نبثُّهم أشواقنا ولواعجنا ونُخبرهم عن حُبَّنا لهم والذكريات.
استسلم يا سيِّد، ولنرمِ السِّلاح ولنرفع راية الاستسلام للعدوان ولجبروت الطغيان ولأطماع أمريكا و”إسرائيل” والتكفيريين أتباع الوهابية المقيتة، يقتلون منَّا ما شاؤوا حتى الارتواء وليدمِّروا مدننا وقرانا متى أرادوا، وليهدموا بيوتنا وحاراتنا فوق رؤوسنا دون رد أو عقاب، وليفجِّروا حقدهم في شوارعنا ويقتلوا أحلام أطفالنا وضحكاتهم البريئة ولندفن أجسادهم الندية بصمت.
استسلم يا سيِّد وارمِ عن كاهلك أعباء السيادة والكرامة والأرض والحقوق والثروة الوطنية، وليخفِّف المجاهدون أحمالهم الثقيلة التي أرهقت أكتافهم في المحاور والدساكر وعلى خطوط النار، واجمع صواريخك ومسيّراتك ولنرمها في البحر، ولتهدأ قلوب الأمَّهات القلقة على أبنائها حدَّ القهر، وليغمضن قليلًا ولو لمرة أعينهن التي ما رأت النوم الهنيء منذ عقود.
استسلم يا سيِّد حسن ودع الأمر للسياديين، القدامى منهم والجُدُد، فهم يريدون وطنًا يشبههم ضعيفًا ذليلًا خانعًا مستباحًا مستسلمًا، فبينهم وبين العزة والكرامة عداوة مستفحلة لأنها تفضح صورتهم الحقيقية أقزامًا على أعتاب السفارات، وتغريداتهم على منصات التواصل ومواقفهم الثورية الهزلية على المنابر والشاشات، مضافًا إليها صورهم المضحكة على أدراج الكونغرس الأمريكي تصيب من العدو مقتلًا ورعبًا، وترسم معادلات الردع وتجعله يفكّر ألف مرّة قبل القيام بأي عدوان أو انتهاك للسيادة وحدود الوطن.
استسلم يا سيِّد ولنعتنق يأسهم وجُبنهم وضعفهم ووضاعتهم وثقافة الغير والمختلف وهُم ونحنُ التي لا تشبهنا، ولنرمِ آمالنا وأحلامنا وكل ما عرفناه وأحببناه واعتنقناه من قيمَ محبَّة وأخوة وشراكة وطنية وعيش مشترك وروح الميلاد المجيد، ولنعلن الانتماء إلى مدارسهم العنصرية والعِرق الأرقى عن باقي الأخوة في المواطنية، ولنصطفَّ براغماتيين وديماغوجيين ديموقراطيين أو اشتراكيين، كتائب أحرارًا وكُتلًا وقواتٍ، نوابًا بالصدفة أو غفلةً وتحريريين يناطحون طواحين الاحتلال وأشباحه وجميعهم يسيرون مُطأطئي الرؤوس لعيونك يا طويل العمر نحو المستقبل.
استسلم يا سيِّد ولنبحث لأنفسنا عن وطنٍ بديل بعيدًا عن فينيقيا وعشتار وأرجوانها أو لِنعُد إلى أحيائنا الفقيرة وبيوت الصفيح وأحزمة البؤسِ وضوضائها نروي قُصص الحُبِّ والعزَّة والكرامة لأولادنا وأحفادنا.
استسلم يا سيّد ودعنا من حُبِّك للإنسان والأوطان ولنتركهم في سكينتهم التي على ما يبدو قد أقلقناها بصوت كرامتنا العالي حدَّ السماء.
أعلمُ أنَّ ما نقول هو أضغاث أحلام وأوهام وتململات تضيق بها الصدور مما نرى ونسمع ونقرأ صبيحة كل يوم ومساء. هي آلام وأوجاع نعيشها نحن أهل المقاومة وناسها في هذا الواقع المليء بالأحقاد والضغائن وشحذ السكاكين للطعن في الظهر. تشعرُ وكأنَّ هناك يدًا خفية تجول على غرف نوم الشياطين توقظهم من سباتهم تهزُّهم وتَؤُزُّهُمْ أَزًّا، تستنفر أحقادهم وعصبياتهم المقيتة ومذهبيتهم البغيضة، تستخرج كل ما فيهم من عفنِ الطائفية المعششة في عقول وقلوب ونفوس بقايا اليمين المتطرِّف والانعزالي البائد وملحقًا بها أزلام الوهابية الحاقدة. لذا يا سيَّد بالله عليك لا تساوم ولا تهادن أبدًا وحتمًا أنت ونحنُ معك لسنا كذلك ولن نستسلم لنذبح كالنعاج. يرهبوننا بالموت وأرواحنا على مقابض السِّلاح وأوجاعنا وأحزاننا هي مصدر قوَّتنا وعزَّتنا. ألا يعلمون أنَّ القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشَّهادة وسيِّد شهداء مقاومتنا القائل “اقتلونا فإنَّ شعبنا سيعي أكثر فأكثر؟”.