بعد سنوات من العقوبات الغربية ضد طهران، لا تزال #الصين أكبر مشترٍ للخام الإيراني، حيث وصلت قيمتها إلى 38 مليار دولار منذ تسلم الرئيس الأميركي جو بايدن سدة الحكم. وعلى الرغم من سياسة “الضغوط القصوى” التي تبناها الرئيس الأميركي السابق دونالد #ترامب ، والعقوبات التي فرضتها الإدارة الأميركية الحالية ضد شركات صينية لديها تعاملات تجارية مع #ايران في شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، تشير تقديرات غربية إلى أن بكين زادت حجم وارداتها من النفط الإيراني خلال الأشهر الماضية حيث بلغت 1.2 مليون برميل يوميًا، بعدما بقيت دون المليون برميل بين عامي 2018 و 2022.
وبخصوص التعاون في إطار مبادرة “الحزام والطريق” الرامية إلى تعزيز شبكة النقل بين الصين والأسواق العالمية، بما يعنيه ذلك من توفير للمال، والوقت، تشير صحيفة “نيويورك تايمز” إلى أنّ الشركات الصينية الحكومية تعمل في جميع أنحاء إيران، على بناء شبكة واسعة من الطرق السريعة، إضافة إلى دخولها في استثمارات في قطاعي التعدين والمناجم، مضيفة أن السوق الإيرانية باتت تعجّ بالمنتجات الصينية، بخاصة السيارات، بفضل تفعيل المبادرة المشار إليها.
وفي سياق حديثها عن تنامي اهتمام المستثمرين الصينيين بالعمل داخل إيران، تستعرض الصحيفة الأميركية تجربة رجل الأعمال الصيني زيورو لين، إذ يشير إلى الفرص الواعدة للاستثمار هناك، انطلاقًا من التسهيلات التي باتت تقدمها حكومتا البلدين على هذا الصعيد، سواء لناحية تقديم قروض بفوائد منخفضة، أو توفير إعفاءات ضريبية. الرجل، الذي يعد أحد رواد الأعمال الصينيين، بنى سلسلة من المصانع القريبة من خطوط السكك الحديدية والطرق البرية بين #الصين وإيران، مراهنًا على ما سوف يوفره “طريق الحرير” مستقبلًا من فرص للتجارة، وتكاليف شحن أقل عبر تلك الخطوط فور إتمام عملية ربطها بأوروبا. يقول لين، في حديثه إلى الصحيفة، مشيرًا إلى مدى تردّده قبل أن يحسم قراره بالدخول إلى السوق الإيرانية عام 2002: “ثمة العديد من الدول التي تقع على مقربة من هنا، حتى دول أوروبا نفسها. إن إيران عقدة مواصلات رئيسية للوصول إلى أي مكان في العالم”. ويتابع: “أتوقع (فور اكتمال مشروع الحزام والطريق) زيادة بنسبة 50 في المئة في حجم الإيرادات… إن الاقتصاد الإيراني سيسجّل معدلات نمو أيضًا. كما أن الصين ستتوسع، وتصبح أقوى (تجاريًا واقتصاديًا)”. وبشيء لا يخلو من مشاعر الزهو بما أنجزه، بعد حصوله على قرض حكومي بحوالي 1.6 مليار دولار، يؤكد لين لجوء العديد من المسؤولين الصينيين المعنيين بتطوير العلاقات الاقتصادية مع طهران، ومن بينهم السفير الصيني لدى الأخيرة، إلى الاستعانة بخبراته وتجربته على هذا الصعيد، معقبًا: “لقد كنت رائدًا (في فهم الفرص الاستثمارية الواعدة في إيران)، يمكن القول إنني كنت أمتلك رؤية أعمق من بعض سياسيي بلادي”.
وبحسب الصحيفة الأميركية، فإن الخطط الصينية أو ما بات يُعرف بـ “طريق الحرير”، ترمي إلى استكمال تطوير خطوط السكك الحديدية والجسور والطرق في شرق إيران، بهدف ربط طهران بتركمانستان وأفغانستان، وباقي دول آسيا الوسطى، بالتزامن مع ورشة أخرى مشابهة تدور غرب البلاد، لتسريع وتيرة ربط الصين بإيران وصولًا إلى الأراضي التركية في أوروبا، إلى جانب العمل على تدشين خط بري آخر يمر وسط البلاد، بحيث يربط العاصمة طهران بمدينة مشهد شمالًا، من ناحية وموانئ البلاد جنوبًا، من ناحية أخرى.
وفي هذا الصدد، تشرح صحيفة “تشاينا دايلي” الصينية أن المشاريع المذكورة، تشكل أحد أجزاء المخطط الأوسع لخط سكك حديدية، يبلغ طوله ألفي ميل، يمتد من إقليم شينغ يانغ غرب الصين، إلى إيران ودول آسيا الوسطى. ومن أبرز مشاريع الربط البري بين الصين وإيران، هو خط السكك الحديدية الواصل بين ميناء شنغهاي في شرق الصين وطهران، والذي يقلّص زمن شحن البضائع عبر الخط المذكور إلى 12 يومًا، مقارنة بـ 30 يومًا عن طريق الشحن البحري، وهو خط جرى افتتاحه عام 2016. هذا، وتتفاوت النظرة داخل إيران، بين من ينظر إلى الاستثمارات الصينية الهائلة في مشروعات البنية التحتية في إيران بعين الريبة، من باب الخشية من الوقوع تحت تأثير قوة خارجية، هي الصين، بما يخالف التقاليد السياسية للبلاد المستندة إلى مبادئ الاستقلال ورفض التبعية، وبين من يشير إلى أهميتها من باب التعويل على فائدتها ليس على صعيد توسيع التبادل التجاري بين البلدين وحسب، وإنما على صعيد النهوض بالبنية التحتية والتنظيم المدني واستقطاب الاستثمارات، ناهيك عن تنشيط السياحة ودعم الصادرات الإيرانية نحو الأسواق الخارجية، بخاصة الآسيوية منها.