أما آن الأوان لأن تحزِم حقيبتك الّتي أتيت بها وتترك كلّ شيء غصبته عنوةً وترحل؟ أم أنّ تلك الضّفائر المتدليّة على ضفّتي عقلك المليء بالشّرور تمنعك من تقبّل حقيقة زوالك وزوال فكرك الهمجي؟
إن كان لا يزال نبضك يرتجي إسعافه بإعانة الحكومات الرّاضخة والمطبّعة، حكومات الذّل في بلاد ما بين البحار، فيجب أن تدرك أنّ بأس الأحرار والمقاومين أينما كانوا، أشدّ ملوحة من مياه البحر، ولا تنتظر وهمًا قد يصْعُب عليكَ تقبّل زهوقه الّذي لا بدّ أنّه المصير الحتميّ لكلّ باطل.
كلّ ذرّةٍ في فلسطين عليك منها لعنة، وكلّ من باع حقّها يثمنٍ بخسٍ خان الدّم والإنسانية، فهو لا يجب أن يكون حاكمًا لشعبٍ حرٍّ، فكيف إذا ما كان من أصحاب الملك العضوض.
حقيقةً كلّهم من سلالة شيطان الهوى كما أسلاف لهم، ينعقون مع كلّ ريحٍ لشهوة مُلك، ويجبنون في ساحة مقاومة النّفس والعدوّ، فيقتلون ويسلبون ويتّبعون الباطل المحض، كرمى لأصنام جاهليّتهم المتجذّرة.
هل عرفتَ الآن يا ابن صهيون، ومعك كلّ مضلَّل، من يُشبهك؟ إنّها الحقيقة الّتي ما جهلناها يومًا، فالتاريخ الّذي لم يحرفه المستثمرون يُخبرنا حقيقة العِرق والرّوابط والأطماع والعداوات، وإن كان الجهابذة اليوم يريدون تصوير المشهد بجماليّةٍ مُزيّفةٍ، فهذا لن يُثمر إلّا المزيد من التشويه والتأكيد على ضلالتهم وسوء المنشأ.
لا فرق إن كانوا عربًا أم غيرهم، فكلّ خائنٍ كمُشغّله لا يملك حقّ الهويّة والانتماء، ففلسطين بوصلة الإنسانيّة، ومن فيه دمٌّ حيّ لا يمكن أن يبيع إنسانيّته مقابل حفنةٍ من وعودٍ وعهودٍ مسلوبة.
أنت منهم وهم منك، وكما يجب أن تزول أنت يجب أن يندثروا هم، لأنّ للمستقبل أرضٌ لا تحتضن سفلة العقول وتنبِذ الشّرّ وأهله، ولكلّ زوال بداية، فارتقِب.
إن كانت لا تزال أبواق التعمية تُجعجع هنا وهناك، وتُدين الحقّ والباطل لا يُدان، فليس ذلك لأكثر من جُبن أصحاب النفوذ والسّلطة، وإنّ صرخة الحقّ إذا ما صدحت من قلوب الصّابرين والمنتظرين فليس ذلك ببعيد، حينها سيُهزم الجمع ويولّون الدُّبُر.
حرائق الخصوم بين متزعّميك ستُلهب كيانك وجهاد وصبر أبناء فلسطين والمقاومة سيقلعه من الجذور، حتّى تعود الأرض إلى أهلها، فستشهد ذلك عبر الإعلام العالمي إن قرّرت النجاة ورحلت قبل ذروة العاصفة، وسيكتُب التاريخ أن كلّ بقعة من أرض فلسطين سُقيَت بماء الحياة في زمنٍ دَحَر فيه الشرفاء قذارة السّفّاح.