ريما فارس – خاص الناشر |
كنا دائمًا نسعى في أحلامنا إلى أن نغيّر واقعنا من حالٍ إلى حال أفضل مما نحن عليه، لكن المفاجآت طغت على مستقبلنا وأصبحت الآمال كوابيس ترافق أيامنا.
هذه المفاجآت صارت تطبع خططنا وتعرقل مساعينا، خصوصًا إذا ما أضيف إليها التشاؤم المسيطر حيال أي ردّة فعل من قبل السلطات المعنية، من شأنها أن تواجه المدّ السلبي المسيطر على المشهد.
العجز الحكومي، والانسداد السياسي الذي تعانيه البلاد، رشّح غالبية الناس في لبنان إلى أن يكونوا في عداد العاجزين عن تأمين حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية، بحسب “هيومن رايتس ووتش”، التي قالت في تقرير لها نهاية العام الماضي، إنه وسط أزمة اقتصادية متفاقمة تتحمل الأسر ذات الدخل المحدود العبء الأكبر، داعية الحكومة اللبنانية و”البنك الدولي” إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للاستثمار في نظام حماية اجتماعية قائم على الحقوق ويضمن مستوًى معيشيًا لائقًا للجميع.
تحدّيات وسط استجابة عاجزة
ووسط المستويات المقلقة للفقر وانعدام الأمن الغذائي في #لبنان بسبب تراجع النشاط الاقتصادي، وعدم الاستقرار السياسي، وارتفاع تكاليف المعيشة، فإن استجابة السلطات المعنية لا تضمن حق كل فرد في مستوى معيشي لائق، بما في ذلك الحق في الغذاء.
وفي هذا الصدد، قالت “هيومن رايتس ووتش”، إن الحماية الاجتماعية الشاملة التي تؤمّن الحقّ في الضمان الاجتماعي لكل فرد في لبنان، يمكن أن تساعد في تخفيف الصدمات الاقتصادية وضمان مستوى معيشي لائق، بما يشمل أوقات الأزمات. لكن نظام الحماية الاجتماعية في لبنان مجزّأ للغاية، ما يترك معظم العمّال غير الرسميين، والمسنّين، والأطفال دون أي حماية، ويعزز انعدام المساواة الاجتماعية والاقتصادية.
وفي هذا السياق، أكدت مصادر حكومية أن لبنان يواجه 7 استحقاقات اقتصاديّة خلال 2023م، هي:
1- تعزيز الإيرادات
2- المفاوضات مع صندوق النقد
3- تعديل سعر صرف الدولار
4- الارتفاع الإضافي بأسعار السلع
5- إعادة هيكلة القطاع المصرفي
6- زيادة أسعار الطاقة الكهربائية
7- البدء بالتنقيب عن الغاز
يأتي ذلك فيما أصبح لبنان مرهقًا ماليًا، على وقع المزيد من التضخّم، إذ أكد خبراء اقتصاديون أن نسبة التضخّم في البلاد بلغت أكثر من 1400% منذ بداية الأزمة الاقتصادية عام 2019، بينما لا تزال الليرة اللبنانية تسجّل هبوطًا قياسيًا مقابل الدولار.
حِلْم أو عِلْم؟
وعلى وقع هذه المعطيات، ارتفعت الأسعار بشكل جنوني، وأصبحنا نرى الأشياء كأننا في حلم وليس في علم، من دولار بـ 1500 إلى دولار تخطى الـ80 ألفًا، والحبل عالجرّار. وفيما يواصل التجّار احتكار البضائع والتلاعب بأسعارها، يصاب المواطن بالهلع والتوتر، ويرهقه التفكير في كيفية تأمين قوت يومه. أما الطبابة والاستشفاء، فهما “مصيبة أخرى” تُنهك جيب المواطن وتُرهب تفكيره، الذي بات يتساءل باستمرار: إلى أي مستوى وصلت بنا الحال؟ هل سنستطيع الحفاظ على الستر والاستمرارية؟
وجعنا الجسدي لم يعد مؤلمًا، لأن وجع الروح طغى عليه. الفقر والذّل أصعب من ألم الجسد الذي يمكن للأدوية، رغم غلائها وندرتها، أن تداويه، بينما الجوع لا دواء له. كل هذا، والدولة غائبة، وغيابها لم يعد محمولًا ولا مقبولًا أو مفهومًا، فالمسؤولون يحطّون من قدْر شعبهم، ولا يعلمون أن الشعوب هي التي تصنع الأوطان.
الوطن يجب أن يكون مأمنًا وملجأ، وليس غابة للتكالب على المواطن. دعونا نجتمع على محبة أهل الوطن وناسه حتى نستطيع بناءه. لم يعد بمقدورنا المداراة، فالصبر شارف على النفاد.
وختامًا، إن أجمل ما في الأيام الماضية أنّها مضت، وأجمل ما في الأيام الحاضرة أنّها ستمضي، وأجمل ما في الأيام التي ستأتي أنّها لم تأتِ بعد، وأجمل ما في الحياة أنّ هناك أملًا يتجدّد ولا ينتهي.