رافق هذا الشعار مسيرة حزب الله في العمل المجتمعي، لكنّه تحوّل مع دخول اللبنانيين مرحلة التأزّم الشديد إلى مشروع يوميّ يتولاه الحزب تنظيمًا وأفرادًا. وحين نقول أنّنا نقاتل، فلا شكّ أنّ القتال هو تضافر لجهود وبذل على عدّة مستويّات تتكامل وتتناسق لتوجيه الطاقات كلّها لخوض المعركة الاقتصادية والمعيشية، الصمود خلالها والخروج منها منتصرين.
ومع تعاظم الوجع المعيشي واشتداد الضغط اليومي، كانت المؤسسات الرسمية في الحزب تفعل كلّ ما بوسعها بهدف تخفيف حدّة الأزمة وانعكاساتها على البيوت، فكانت “بطاقة السجاد” المشروع الذي ساهم في تأمين المواد الغذائية بأسعار مقبولة نسبة إلى أسعارها في السّوق والذي حاول تغطية ما أمكنه من المناطق، وبعدها استقدام بواخر المازوت وتقسيم محتوياتها بين قسم خُصّص للمستشفيات ودور العجزة والبلديات البعيدة وقسم آخر بيع في محطات الأمانة.
من جهة أخرى، كانت الهيئة الصحيّة التابعة للحزب تتابع عملها كما قبل الأزمة: تقديم الخدمات والأعمال الطبية بأسعار رمزية، ولكن مع استيعاب لازدياد حجم الضغط بعد أن أصبحت تكلفة زيارة العيادات الخاصة بعيدة عن متناول معظم الناس. يُضاف إلى ذلك الحصص التموينية المخصصة للأسر الأكثر فقرًا.
يعتبر الحزب أن ما يقدّمه في هذا المجال هو واجبه تجاه الناس، ولا سيّما على أرض معركة حقيقية شُنّت بهدف تجويعهم واجبارهم على اتخاذ خيار التخلّي عن فكرة المقاومة وليس فقط عن سلاحها.
ذكرنا في الحلقات السابقة من الملف أن كلّ أسرة واجهت بما تمتلك من أدوات، سواء استفادت من تقديمات الحزب في هذا المجال أو لا. وهذا دليل على أنّ كلّ حديث عن العلاقة بين هذا الحزب وهؤلاء الناس ينبغي أن ينطلق من بديهية أنّهما في هذه المواجهة كيان واحد وليسا كيانين منفصلين بين تنظيم وجمهور.
ساهمت الإعانات التي قدّمها الحزب في تعزيز صمود الناس، الصامدين بقناعاتهم وعقيدتهم، وأشعرتهم أنّهم في الشدّة، مهما زاد ثقلها، ليسوا وحدهم، مهما علت أصوات تشوّش على هذه الحقيقة.
وكما في كلّ موقف، دأب الكثيرون على تحميل حزب الله مسؤولية الانهيار الاقتصادي والأزمة المعيشية التي تعصف في البيوت، متخذين من الوجع والقهر الذي يشعر به أرباب الأسر متراسًا للتصويب على خيارات المقاومة في كلّ الميادين. وأكثر من ذلك، عمل هؤلاء على التسويق لمقولة “بيقبضوا دولار” لبناء سور بين الناس والحزب عبر تصوير المشهد وكأنّ المنتسبين للحزب بعيدون عن الشعور بالأزمة أو حتى مستفيدون منها.
وقد واجه الحزب والناس هذه العواصف وما زالوا بروحية مقاتلة، بوعي الذين يعرفون عدوّهم ويجيدون تمييز أدواته والتعامل معها، وبصبر الذين ولدوا وكبروا في كنف عقيدة توصي بالصبر وتحسبه سلاحًا ثبتت فعاليته في كلّ المعارك.