تطل علينا قيادات مسيحية بين الفينة والأخرى مدعيةً الدفاع عن حقوق المسيحيين، مخترعةً وهمًا تسميه “الاحتلال الإيراني” وهيمنة “محور الممانعة”. الآن وبعد حادثة الاعتداء على كنيسة “حبس المسيح” من قبل مستوطن إسرائيلي يحمل الجنسية الأمريكية، نجد هؤلاء صامتين صمت أهل القبور، فلا بيانات ولا إدانات لما حصل، رغم أن الموضوع يعني كل عربي ومسيحي على وجه الخصوص، كون الاعتداء هو على كنيسة من أهم الكنائس في العالم بالنسبة للمسيحيين.
اقترف بالأمس مستوطن “إسرائيلي” يحمل الجنسية الأمريكية، جريمة نكراء بإقدامه على اقتحام كنيسة “حبس المسيح” في القدس المحتلة وتحطيم بعض محتوياتها وأبرزها تمثال للسيد المسيح عليه السلام، محاولاً احراق الكنيسة، لكن تدخل احد الحراس حال دون ذلك. وهذا السلوكٍ يذكرنا بما قامت به عناصر تنظيم “داعش” الإرهابي في سوريا، من تدمير الكنائس وتحطيم تماثيل الرموز الدينية العائدة لإخوتنا المسيحيين.
لكن الغريب في الموضوع، أنه إلى لحظة كتابة هذه السطور لم نشاهد أحدًا من المتنطحين للدفاع عن حقوق المسيحيين، أمثال حزبي القوات اللبنانية والكتائب والسياسيين وأبرزهم فارس سعيد وإيلي محفوظ، وغيرهم من مدعي الدفاع عن حقوق المسيحيين، قد بادر إلى كتابة أي سطر إدانة للجريمة النكراء. هل لأن مقترفها مستوطن “إسرائيلي”، أم لأنه يحمل الجنسية الأمريكية؟.
هذا السلوك معيب بحق هذه القوى التي لا تريد أن ترى بوضوح من هو العدو الفعلي للمسيحيين والمسلمين على حدٍ سواء، ألا وهو العدو “الإسرائيلي”، الذي لا يميز بين المسلمين والمسيحيين، ولا يتورع عن انتهاك مقدساتهم في القدس، وما جريمة كنيسة “حبس المسيح” إلا شاهدٌ بسيط على ذلك. ومن جهةٍ أخرى الراعي الأمريكي الذي يدعي مراعاته للحريات وحقوق الإنسان، ها هو اليوم مواطن أمريكي يعتدي على كنيس في أقدس بقاع الأرض للمسيحيين كما المسلمين، فهل سيتجرأ هؤلاء على إدانة الحادثة؟. لو كان هذا الاعتداء قد حصل على كنيسة في إيران، فماذا كانت ردة فعلهم لتكون؟
للأسف اعتدنا من هؤلاء الشعارات الجوفاء، والمعارك الوهمية التي يخوضونها بشعارات زائفة، ولكن لم نرهم يوماً إلا حلفاء للعدو “الإسرائيلي”، أكان بالشكل المباشر عبر ارتكاب المجازر، كمجزرة “صبرا وشاتيلا”، أو بشكلٍ غير مباشر عبر الصمت على جرائمه التي يقترفها بحق المسيحيين قبل المسلمين، في أقدس بقاع الأرض، القدس المحتلة.