ربّما لم تره ولكنّك حتمًا سترى أثره السّلبيّ المشحون بعبث التّدمير وطغيان التسلّط، حينما يشعر بأنّك تمتلك قوّةً من نوع المواجهة، يسعى ومن دون تردّد إلى سحقك ولو قَدِر لأعدمك.
بعضهم يستطيع أن يصدّق رسوم الأطفال، وأفلام الكارتون، لكنّه لم يقتنع بعد أنّ المشغّلين هدفهم زرع القنابل الموقوتة في اللا وعي الطفولي، ودفعه للاستسلام أمام وهم القوة المزعومة، لأنّ الشبح نفسه يُدرك أن لا إمكانيّة لانتصاره في ساحة الوعي واليقظة.
تخريبٌ هنا وهناك، وفقاقيع ضباب، وضوضاء فكريّة، خيالات وأوهام، ولا تستبعد الإعلام، فبعضه أضحى صدىً للصّوت الرديء، وبأيدٍ هزيلة حيلتها حبّة حلوى مخدِّرة، تعبث بنقاوة فطرتها كعبث السُّكارى.
انظروا يا حماة الحقوق ودعاة الحضارة، أيُّ شبحٍ هزم عزائمكم، وأنتم من يغرّدون ليل نهار، بصباغٍ عفنٍ ونتنٍ من عُصارة فهمكم الدقيق والّذي لا أدقّ منه إلّا بعوضة فما فوقها.
لا تكمن المشكلة في هذه الصّغائر، إلّا إذا احتملها جهل المأخوذين برهبة الشبح الخياليّ، فيعبدون عجلًا لأنّ خواره أصمّ إدراكهم فباتوا معه يصدحون بأفواهٍ بشريّةٍ تتلاعب بأذهان النّاس المفتقرة إلى نور الأمل، فتتلهّى بقشّةٍ زُعِمَ أنّها الحياة والنّعيم المقيم.
لقد اختّصهم خالقهم بالفِكر، وحثّهم على إبقائه يقظًا، وأخبرهم بأنّ العدوّ الأوّل يكمن داخل صدورهم، وأن لا يُسلّموا لجامه لعابث الهوى فيمتطي ظهورهم ويقودهم إلى الحقارة دون مكابح تنفع، فهو قد ترك لهم ليختاروا ويعلموا قدْرَ ما ضيّعوا من رقيٍّ وسموّ.
فترى منهم الغرقى الّذين لن يعترفوا بغرقهم ويسعون لإغراق النّاجين وكلّ همّهم أن يُكسِبوا أهواءهم شرعيّة البقاء والدّيمومة. بالمقابل ترى ربّان السّفينة وطاقم المسعفين يجهدون في انتشال من يطلب النّجدة بقلبٍ احرقته ملوحة بحر الأهواء لكنّه ما زال ينشُد الأمل بعيونٍ مفتوحة وإرادة النّجاة.
ربّما ستكون من الّذين سيسخرون من هذا التوصيف ويقولون “خلّينا عالأرض وبغصصنا اليومية، أكل وشرب وكهربا ومدرسة وطبابة و.. و..” ، وربّما ستكون ممن يؤيّد مقولة “شو أهميّة الجسر إذا كنت عم إعبر عليه بلا كرامة؟”.
سأترك لك حلّ اللّغز: أيّهما الأهمّ الحياة الدنيا وما تعني، أم الكرامة والعزّة بما تعني؟ وتذكّر المقولة الخالدة والّتي لن تموت “هيهات منّا الذّلة”. أمّا ذلك الشبح الهزيل فسيختفي لحظة سطوع نور الحياة الكريمة.