أيها اللبنانيون.. الكهرباء ممنوعة والقرار أميركي

لم تترك السياسة الأميركية ملفًا لبنانيًا داخليًا أو خارجيًا إلا وتدخلت فيه، تاركةً بصمة عار وذل لأدواتها وعملائها في الداخل اللبناني، ومزيدًا من الضغط والقهر والظلم لشعبٍ أطبقت السياسة أنفاسه وأنهك الفساد روحه.
وفي بلد كل شيء فيه متاح، التدخل والظلم والفساد والتبعية، ما زال المواطن اللبناني هو الخاسر الأكبر فيه والأكثر مظلومية، لا سيما وأن الضغوطات الأميركية هذه المرة لم تكن عادية، بل كانت أكثر قباحةً وظلمًا وحقارة من أي وقت مضى، ولعل آخرها ” الفيتو” الذي فرضته أميركا على ملف الكهرباء في لبنان، وتحديدًا الهبة الإيرانية التي ما زالت ممنوعة علينا بقرار أميركي.

ملف الكهرباء فاسد منذ عقود
لم تكن مشكلة الكهرباء في لبنان جديدة، بل هي من أقدم المشاكل التي ضربت القطاعات الحياتية في هذا البلد منذ أكثر من ثلاثة عقود تقريبًا، وهي في تعثر مستمر، ومن واقع صعب إلى واقع أصعب على الدوام، إذ بعد أن كانت ساعات التقنين قد وصلت إلى 12 ساعة يوميًا تقريبًا، تخلت الدولة اللبنانية عن هذا النظام، واستبدلت به العتمة الدائمة، لأنها لم تعد قادرة على تأمين الفيول بعد أن نهب سياسيوها ثرواتها، وتحكموا بقراراتها.

وقبل الحديث عن الواقع الذي نعيشه اليوم، لا بد من الإشارة إلى أن تكلفة إنتاج الكهرباء في لبنان هي من بين الأعلى عالميًا، إذ وصلت تكلفة إنتاج كل 1ميغاواط/الساعة في لبنان الى 255 ألف ليرة، 75 بالمئة منها تكلفة فيول في الوقت الذي تتراوح فيه هذه التكلفة عالميًا ما بين 1600 ليرة و 50000 ليرة لكل 1 ميغاواط/ الساعة.

زد على ذلك، فإن لقطاع الكهرباء كما هو معروف تأثيره الكبير على كافة القطاعات الأخرى في البلد، مما يجعل الأمور أكثر تعقيدًا، ويعزز معاناة الناس اقتصاديًّا واجتماعيًّا، ويجعل الوضع المعيشي أكثر مأساةً، إذ ان متوسط فاتورة الكهرباء للأسرة في لبنان يقدر بأكثر من 1200 دولار سنويا، تدفع أكثر من ثلثيها للمولدات الخاصة التي تنتج بدورها 40% من الطاقة التي يحتاجها المواطنون.

“عبيد الخارج” يمنعون الحلول المؤقتة.. بقرار “أميركي”
رغم الانهيار والفساد والأزمات التي نعيشها، لا سيما في ملف الكهرباء، إلا أن ثمة حلولًا جدية لهذه المشكلة منذ بدئها ولغاية هذه الساعة، ربما كان بعضها حلولًا جذرية، تحتاج إلى بعض الوقت والدراسات، إلا أن الحلول المؤقتة الفعالة هي بالفعل جاهزة ولا تحتاج سوى إلى “قرار” لتنفذ.

في مقدمة هذه الحلول وعلى رأسها، يأتي موضوع الهبة الإيرانية التي تقدمت بها الجمهورية الإسلامية في إيران لصالح لبنان، بهدف مساعدته والتخفيف من معاناة شعبه. وهذا العرض ليس جديدًا أبدًا، إذ إن الجمهورية الإسلامية أبدت استعدادها منذ عام 2006 للمساهمة في حل أزمة الكهرباء في لبنان دون أي شروط مطروحة، وتكرر العرض لأكثر من 5 مرات على مدار الفترة الممتدة من عام 2006 لغاية اليوم، إلا أن العراقيل كانت دائمًا موجودة وجاهزة، وبالطبع أميركا ومن معها من عبيدها كانوا دائمًا خلف هذه العراقيل.

وفي مواجهة هذا الواقع، طرح سماحة الأمين العام لحزب الله (دام ظله) في خطابه الأخير معادلة جديدة لهؤلاء “العبيد”، وقالها حرفيًا “الفيول علينا والاستثناء الأميركي عليكم”، في رسالة للسياسيين المعارضين والرافضين للمساعدة الإيرانية، مفادها أن الهبة والعروض لا زلت قائمة، وأنتم إن كنتم فعلًا تريدون مصلحة البلد، اضغطوا على سيدكم الأميركي أن لا يمنع لبنان من الاستفادة من هذا العرض، لأنه سيساهم بشكل كبير في وضع ملف الكهرباء على سكة الحل.

وبذلك، فإن الكرة الآن في ملعب جبهة الفيتو الأميركي، التي ضيعت سابقًا على لبنان وشعبه ولا زالت الكثير من الحلول والفرص التي من شأنها تخفيف أعباء الحياة والعيش على هذا الشعب، وإنعاشه وتحسين ظروف حياته مع الوقت، على أمل أن يكونوا يومًا أصحاب رأي وموقف حر، وأن يكفّوا بذلك شرّهم وشر أسيادهم عن لبنان وشعبه.

اساسيلبنان