كل مَن يترشح لرئاسة الجمهورية في لبنان يعلم أن لديه مهمتين داخلية وخارجية، فمهما كان للمواقف الداخلية من أهمية ومهما يُعمَل على تقديمها وإبرازها يبقى للخارج دور بارز أيضًا. هكذا تريد بعض القوى الداخلية وهذا ما اعتادت عليه في مسيرتها. من هنا نرى الحراك الخارجي للمرشحين كجزء من الحملة أو الترويج لأنفسهم للوصول الى قصر بعبدا، فعندما بدأت المعركة الرئاسية نُصِح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بالبدء بالحراك الخارجي لتأمين الموافقة عليه الى أن تُحل العقد الداخلية.
فإذا قمنا بجولة خارجية نرى أن الفرنسي يتعامل بواقعية، والأميركي لا يُعير الملف اللبناني أهمية باعتبار أن أولوياته حاليًا مختلفة وهو من الممكن أنه يؤسِس لحضور مختلف في الساحة اللبنانية بالمرحلة المقبلة، أما السعودي، فصحيح أن موقفه عدائي وحاد من حزب الله كمسار اعتمده في السنوات الأخيرة وهو مستمر حاليًّا بالموضوع الرئاسي وأعلن أكثر من مرة أنه يرفض أي مرشح يعتبره مرشح الحزب، وهنا نقطة خلافه مع الفرنسي، وانطلاقًا من هذا الموقف نضع علامات استفهام وتعجّب حول موقفه من ترشيح رئيس تيار المردة الذي يُروَّج أن فيه من المرونة مقدمة لتقبّله.
يمكننا رؤية ترشيح فرنجية من وجهتي نظر، الأولى: أنه مرشح حزب الله بالفعل، انتماؤه واضح، علاقاته واضحة، مواقفه واضحة، وهو يمثّل محورًا، فإذا نظرنا له من هذه الزاوية نعتبر أن من البديهي أن يكون هناك فيتو سعودي عليه.
الثانية: أنه ليس مرشح حزب الله وإنما الحزب يعتبره شخصًا يَقبل به ويريده، مرشح ممكن أن يصل الى الرئاسة ولديه حيثيات وتقاطعات، لذا من البداية تم طرحه كمرشح توافقي له حيثيته وخصوصيته وعلاقاته بالإضافة الى بيته التاريخي، أما في الإستراتيجية والسياسة فهو بالدرجة الأولى علاقته قوية بالرئيس السوري بشار الأسد الذي هو اليوم عنوان لتقاطعات مقبلة كبيرة، فزيارة وزير الخارجية الإماراتي بداية “دليل” والذي سيلحق به السعودي، ممكن أن يُشكِّل نقطة تلاقٍ وبالتالي سينعكس إيجابًا على الموقف السعودي حيال فرنجية. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى تمايزت مواقف فرنجية عن حزب الله فهو ليس لديه أي موقف له علاقة باليمن يُزعج السعودية وحتى الوزير الذي كان من حصته في الحكومة عندما حصلت أزمته مع السعودية بسبب موقف قديم له من الحرب على اليمن لم يتمسّك به رئيس تيار المردة لعلّه كان يَحسب حساب هذه اللحظة، حتى عندما اختطفت المملكة رئيس حكومة لبنان سعد الحريري لم يُسجَّل له أي موقف ينتقد فيه السعودية حتى، لذا استطاع أن يُحيّد نفسه فيما يتعلق بتوتر العلاقة بين لبنان والمملكة في الآونة الأخيرة، من هنا يمكننا أن نعتبر أن علاقته بالخليج مقبولة وبالسعودية تحديدًا، فإذا اعتمدنا وجهة النظر الثانية نرى فيها “تخريجة” سعودية بحال وافقت عليه.
إذًا، بانتظار تغيّر ما في الداخل، يحاول فرنجية حصد ما زرعه على مدى سنوات مع المملكة لعلّه ينال رضاها الذي سيُساهم بتحقيق طموحه الرئاسي من ناحية ومن ناحية اخرى يستفيد من علاقته مع سوريا التي على ما يبدو سنشهد عودة تأثيرها على الساحة اللبنانية من البوابة الرئاسية وبرضى خليجي.