ايتمار بن غفير هو الصهيونية. ربما هو تعبير قاسي وفظ لها، لكن مواقفه هي مواقفها. عندما يكون بن غفير مع طرد العرب والموت للإرهابيين والتفوق اليهودي وتهجير الفلسطينيين، فانه يمثل مواقف الصهيونية على حقيقتها. المسافة بين دافيد بن غوريون وايتمار بن غفير هي اقل مما قالوا لنا وأقل مما نتخيل. بن غفير هو الصهيونية وصهيونية 2022 هي بن غفير. يصعب الاعتراف بذلك ولكن لا يمكن انكار ذلك.
ما الذي هو غير صهيوني في بن غفير؟ منذ فجرها والصهيونية تتحدث، وبالأساس تعمل، كـ بن غفيرية، منذ اعلنت عن احتلال العمل في بداية القرن العشرين، قبل فترة طويلة من الكارثة والبعث، تحدثت بلغة بن غفير: ابعاد العمال الفلسطينيين وادخال اليهود الى العمل يوجد بالضبط في عالم قيم بن غفير. طرد صهيوني أول من مدرسة الوزير المكلف، الذي والديه لم يكونا قد ولدا بعد في حينه. عندما سمح بن غوريون بالتطهير العرقي لأجزاء كبيرة في البلاد، بصمت أو بأمر، ويغئال الون لم يترك أي قرية فلسطينية قائمة بين يافا وغزة، وعندما نحو 700 ألف فلسطيني من ابناء هذه البلاد الذين عاشوا فيها لأجيال تم طردهم أو اضطروا الى الهرب من بلادهم، كل ذلك كان بلغة بن غفير. النكبة هي الصهيونية والنكبة هي بن غفير.
عندما لاحقت اسرائيل “المتسللين”، وهم نفس الفلاحين الفلسطينيين الذين فقدوا كل ممتلكاتهم وحلموا بالعودة الى اراضيهم، أو على الاقل اخراج منها ما بقي من الممتلكات، هذا كان بصورة بن غفيرية دارجة. وعمليات الانتقام في الخمسينيات هي نفس عمليات الانتقام من الابرياء، مع جرائم حرب وعقاب جماعي على الاغلب، هي بالضبط ما يطمح بن غفير الى فعله الآن في وزارة الامن القومي. عندها صفقت اسرائيل للجرائم وللمجرمين، هم كانوا ابناء كيبوتسات وموشافات لطفاء، لم يظهروا مثل بن غفير، وفقط كما يبدو لم يتصرفوا مثله.
هل الحكم العسكري في المدن والقرى العربية الذي استمر من 1948 وحتى 1966 لم يكن التجسيد لحلم بن غفير الذي يمكن أن يتحقق مرة اخرى في اطار تطبيق “النظام في القطاع العربي”؟، الحروب الاختيارية التي شنتها اسرائيل في غزة ولبنان، المستوطنات والاحتلال، تفوق اليهود والأبرتهايد، محو الخط الاخضر والضم الفعلي، الاعتقالات الادارية والادارة المدنية، جرائم الحرب واليد الخفيفة على الزناد، قانون العودة وقانون القومية – كل ذلك بروح بن غفير وكل ذلك صهيوني.
الكلمات السامية في وثيقة الاستقلال التي تتحدث عن “المساواة الكاملة في الحقوق الاجتماعية والسياسية لكل مواطني الدولة بدون تمييز في الدين والعرق والجنسي”، هي بالتأكيد ليست بلغة بن غفير، لكنها ايضا بالتأكيد لم تطبق في أي يوم. هذه ايضا تتجاهل، بحكم الظروف، ملايين الرعايا الفلسطينيين الذين لا يمكنهم أن يكونوا مواطني الدولة التي تحكمهم منذ 55 سنة وهم يعيشون تحت حذاءها، الذين بالنسبة لهم كلمة مساواة هي كلمة ميتة والصهيونية هي كلمة المفتاح لكارثتهم. صحيح أن الخطاب الصهيوني كان ذات مرة أكثر ليونة ونعومة على الاذن من خطاب بن غفير، ولكن بماذا يزيد هذا أو ينقص.
من السهل رسم صورة بن غفير كشخص مشاغب يخرق القانون، أزعر وفظ الروح، قلب بسطات الفلسطينيين في الخليل. ولكن هذه هي روح الصهيونية. الفرق هو في الغلاف. عندما اريئيل شارون وشلومو باوم قاما بإلقاء القنابل على بيوت سكان قبية وقتلوا 60 شخص، معظمهم من النساء والاطفال، وهدموا 45 منزل، فانهما بذلك فعلا ما فعله باروخ غولديشتاين واعتبرا ابطال. بن غفير يظهر كأزعر خطير على الديمقراطية لأنه قام بقلب البسطات. “أيها الشباب، أنا أريد تهنئتكم على عملكم المبارك”، قال بن غفير لقادة العملية الاجرامية، التي هي ايضا تم اخفاءها في البداية عن الجمهور على اعتبار أنها عملية ديمقراطية متنورة خلافا لما يقول بن غفير الفظيع بأنه سيفرضه علينا.
ربما بسبب ذلك فان الاسرائيليين الليبراليين جدا يخشون منه، لأن بن غفير يمكن أن يعرض عليهم وجوههم الحقيقية.
جدعون ليفي – هآرتس
ترجمة أطلس