ما هي تأثيرات الأزمة السياسية على “الجيش الإسرائيلي”؟

ستتوجه “إسرائيل” إلى صناديق الاقتراع هذا العام للمرة الخامسة في أقل من أربع سنوات، وتداعيات ذلك على الجيش هائلة، وحتى لو تم إعطاء الضوء الأخضر لتعيين رئيس الأركان، فقد تؤدي الأزمة السياسية – كما في الأوقات السابقة – إلى إلغاء وتأجيل التدريبات والمناورات وتجميد تعزيز القوة وتأخير تعيين كبار الضباط.

من المتوقع أن تقرر المستشارة القضائية للحكومة “غالي باهراف ميارا” قريباً ما إذا كان وزير الجيش بني غانتس سيكون قادراً على تعيين رئيس أركان “الجيش الإسرائيلي” الثالث والعشرين، الذي سيحل محل أفيف كوخافي، الذي سينهي ولايته في نهاية ديسمبر بعد أربع سنوات، ويطالب الليكود بتأجيل التعيين المهم على أساس أن الحكومة انتقالية ولا تملك سلطة تعيين كبار المسؤولين.

يقوم الجيش بالفعل بوضع علامات على النقاط التي ستضر بفترة رئاسة الأركان التالية، أولاها أنها إذا بدأت متأخرة عدة أشهر وهو السيناريو الأكثر تفاؤلاً، والثانية إذا تم تشكيل حكومة جديدة بعد 60 يوماً من الانتخابات، التي ستعقد في أوائل نوفمبر، وفي مثل هذه الحالة، سيتولى رئيس الأركان المقبل منصبه في فبراير أو مارس على أقرب تقدير، وسيكون عامه الأول الأهم من حيث القدرة على تشكيل الجيش وفقاً لسياساته وأولوياته.

ومن أولى مهام أي رئيس أركان بعد توليه منصبه صياغة خطة متعددة السنوات وفق منهجه والأولويات التي يضعها ووفقاً لموافقة ودعم المستوى السياسي له.

بحلول الوقت الذي يتولى فيه رئيس الأركان التالي منصبه في نهاية الربع الأول من عام 2023، في أحسن الأحوال، سيستغرق الأمر بضعة أشهر أخرى على الأقل من أجل صياغة خطة جديدة متعددة السنوات، قد يضر التأخير في تعيين رئيس الأركان بتعيين ضباط الجيش، حيث يوافق رئيس الأركان على تعيين الضباط كل بضعة أسابيع أو أشهر.

وبدون هوية رئيس الأركان التالي الذي سيشارك كضابط مخضرم في اختيار الضباط الكبار التاليين في الجيش، ستتوقف عمليات التعيين، وبالتالي تخلق ردود فعل سلبية متسلسلة من شأنها أن تؤخر إنهاء خدمة مئات الضباط، وأول من سيتضرر بذلك هو النائب التالي لرئيس الأركان، والذي من المقرر أيضاً انتخابه في الأشهر المقبلة.

من المتوقع أن يعين كوخافي قادة فرق جديدة في “الجيش الإسرائيلي” الأسبوع المقبل، وفي حالة عدم وجود بديل له، سيتعين عليه أن يقرر بنفسه من سيكون قائداً جديداً للفِرق، وإن كان ذلك بعد التشاور مع أعضاء هيئة الأركان العامة.

إن الافتقار إلى ميزانية الدولة بسبب الجولات الانتخابية المستمرة أدى إلى تعطيل عمل كوخافي في التخطيط لتشكيل الجيش وتقويته، خاصة على المدى الطويل، وعلى الرغم من أنه صاغ خطة متعددة السنوات، إلا أنه طبقها جزئياً في أول عامين وبالاعتماد على الميزانية الداخلية في الجيش، وفقط بعد الموافقة على ميزانية الدولة العام الماضي بحكومة دائمة، بدأت الخطة تتحقق بالكامل.

إن غياب الخطة متعددة السنوات يضر بالجيش ويجعله أعرجاً، ويؤدي إلى إيقاف التدريب وإلغاء المناورات، وحتى سلاح الجو كان مستعداً لتخفيف تدريب الطيارين بناءً على ذلك.

ماذا يعني عدم وجود موازنة للدولة لعام 2023 والعودة إلى الموازنة المستمرة حتى تشكيل حكومة دائمة؟

إن عدم تمرير ميزانية الدولة للعام المقبل، سيضر أيضاً ذلك بالجيش ويعيد مشاهد الآلام التي رأيناها في 2019 و2020، فالميزانية في مثل هذه الحالة سيتم اعتمادها بشكل مقتصد من قبل المحاسب العام للخزانة.

المعنى الفعلي: سيتم تجميد تدريبات السرايا، وسيتم الموافقة عليها جزئياً فقط قبل حوالي شهر واحد من تنفيذها وستتوقف أو تلغى الأوامر الجارية لرحلات الجنود للتدريب، وشراء الوقود للدبابات وقطع الغيار، وتكاليف تدريبات الكتيبة واللواء.

ستكون الأولوية في مثل هذه الحالة مرة أخرى، كما هو الحال في عام 2019 لتدريب القوات النظامية، وستكون بشكل ضئيل، ومن يدفع الثمن الرئيسي مرة أخرى هم فرق الاحتياط، والذين سيتم تخفيض تدريبهم في حالة عدم وجود ميزانية ثابتة.

توقفت فرق الاحتياط عن التدريب بشكل شبه كامل في السنوات الثلاث الماضية بسبب عدم وجود ميزانية ثابتة، حيث استخدم “الجيش الإسرائيلي” وباء كورونا كذريعة أو غطاء لإلغاء التدريب، في العام الماضي بدأ التعافي وعودة قوات الاحتياط، التي لا تزال تشكل معظم قوة القوات البرية، إلى التدريب.

النتيجة الفعلية: ألوية مشاة ومدرعات وفرق هندسية ذات قدرة قتالية منخفضة في أي معركة إذا ما اندلعت خاصة في الساحة الشمالية ضد حزب الله.

وبخلاف الأضرار اليومية “للجيش الإسرائيلي”، تأجيل تعيين رئيس الأركان، سيضر مرة أخرى بكفاءة “الجيش الإسرائيلي” على المدى الطويل.

إن مشاريع تعزيز القوة الرئيسية مثل الاستحواذ الإضافي على مخزون صواريخ القبة الحديدية، وسرب قتالي آخر في الخطة، والإغلاق النهائي لصفقة شراء طائرة التزود بالوقود وحتى الانتهاء من شراء طائرات سوبر يسعور لصالح إنشاء سرب كامل، كل ذلك معرض للتجميد الخطير مرة أخرى.

قال سلاح الجو العام الماضي إنهم وصولوا إلى حالة الانهيار خلال العامين بسبب الأزمة السياسية وعدم وجود ميزانية الدولة.

من هم على رأس “الجيش الإسرائيلي” اعترفوا وأوضحوا أن عدم الاستقرار السياسي طويل الأمد، بدون حكومة دائمة، سيضر بشكل مباشر ببناء قوة “الجيش الإسرائيلي استراتيجياً، ولعقود، وهذا يضعف “دولة إسرائيل” من الناحية الأمنية في السنوات القادمة.

تم التوقيع من حيث المبدأ على شراء طائرة Boeing KC-46 للتزود بالوقود، لكن عقود الإنتاج لم يتم الانتهاء منها بعد، ويجب العلم أن طائرات F-15 التي تعتبر قاذفات “الجيش الإسرائيلي” الوحيدة وصلت إلى هنا في أواخر السبعينيات.

وتمتلك البحرية سفن صواريخ من نماذج قديمة على وشك التفكك وأخطر مثال على ذلك هو مروحيات يسعور التي وصلت إلى هنا في أواخر الستينيات، والأزمة الحالية قد تضر أيضاً وتؤخر استكمال شراء مروحيات سوبر ياسعور الإضافية، لتأسيس سرب جديد وكامل، بدلاً من سرب يسعور القديم.

المشروع الذي قد يتأثر أكثر بالأزمة هو مشروع منظومة الليزر لاعتراض الصواريخ، والذي أثبت هذا العام أنه جاهز للعمل، وهو الأول من نوعه في العالم.

تم بالفعل وضع ميزانية للبحث والتطوير وتنفيذه، لكن شراء وإنتاج وتجهيز القوات الجوية بالدفاعات لم يتم تمويلها بعد بمليارات الشواكل، لذلك من المتوقع أيضاً أن يعاني هذا المشروع الاستراتيجي من التأخير والتأجيل.

وأوضح مصدر أمني لـصحيفة يديعوت أحرونوت أنه “حتى المشاريع الأصغر مثل استكمال إصلاح الثغرات في خط التماس أو تعزيز الجدار العازل على الحدود الشمالية كجزء من خطط متعددة المراحل، قد يتم تأجيلها”، ويضاف إلى ذلك احتمال زيادة الأسعار، ولهذا عليك أن تجد مصدر ميزانية من الجيش، على حساب شيء آخر، “أقل أهمية”.

تجدد الأزمة السياسية وتأجيل تعيين رئيس الأركان سيجعل الجيش يعمل في حالة شلل عملياتي بسبب تأخير اتخاذ القرار بشأنه، ورغم أنه يقوم بنشاطاته العملياتية إلا أنه سيبقى في الحدود الدنيا من مستويات التدريب وبناء القوة.

يوآف زيتون – يديعوت أحرنوت
ترجمة الهدهد

اساسياسرائيلالجيش الاسرائيليالكيان المؤقت