“الجيش الاسرائيلي” استخدم “الحرب الكيماوية” في العدوان الأخير على غزة

خلال العدوان الأخير على قطاع غزة قبل عام، أشعلت “القذائف الإسرائيلية” خمسين طناً من المواد الخطرة والمبيدات الحشرية والبذور والأسمدة والمواد الكيميائية الأخرى والنايلون والأغطية البلاستيكية والأنابيب البلاستيكية في مستودع في بلدة بيت لاهيا شمال غزة.

في الساعات التي أعقبت القصف، انتشر دخان كريه الرائحة على مساحة 5.7 كيلومترات مربع (2.2 ميل مربع)، بما في ذلك المناطق الزراعية في بيت لاهيا ومخيم جباليا المزدحم للاجئين، وبحسب خبير ديناميكيات الموائع، فإن المواد الخطرة في الهواء تجاوزت مستويات التعرض المسموح بها، كما يقول إن العديد من الانبعاثات السامة لديها القدرة على تضخيم تأثيرات بعضها بعضا.

تم تضمين هذه النتائج في دراسة أجرتها منظمة الحق الفلسطينية، المجموعة الرائدة التي تقدم معلومات إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بشأن جرائم “الحرب الإسرائيلية” والجرائم ضد الإنسانية.

التحقيق الذي استمر خمسة أشهر، أجرته وحدة تحقيق جديدة في مؤسسة الحق تلقت مساعدة من مركز الطب الشرعي في جامعة لندن، بإدارة “الأستاذ الإسرائيلي” إيال وايزمان، ويحقق المركز متعدد التخصصات في الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان والعنف المؤسسي في جميع أنحاء العالم.

المستودع بعد القصف، وعلى اليمين قذائف تم العثور عليها في الموقع.

كرست مؤسسة الحق عمداً التحقيق الأول الذي أجرته وحدة هندسة الطب الشرعي التابعة لها لهجوم لا يزال يشكل خطراً مباشراً على البيئة، فقد قام المحققون بتحليل لقطات الكاميرا الأمنية والطائرة بدون طيار، وللتغطية الصحفية عبر الإنترنت، والمقابلات، ولاتجاه الرياح وبيانات السرعة، وقياسات الوقت والمساحة بناءً على ظل الدخان، باستخدام نموذج ثلاثي الأبعاد للمستودع.

يعتبر مستودع بيت لاهيا المملوك لشركة الخضير للأدوية والأدوات الزراعية، الأكبر من نوعه في قطاع غزة، قبل الهجوم بقليل كان يحتوي على جميع هذه المنتجات التي كانت مستخدمة في غزة، حوالي 40 نوعاً من مواد مكافحة الآفات والأسمدة.

في مساء 15 مايو 2021، في الدقائق الثماني ما بين 5:48 و 5:56 مساءً، ضرب المستودع ستة صواريخ حارقة من مقذوفات M150 أنتجتها شركة “البيت سيستمز الإسرائيلية” تم العثور عليها لاحقاً من قبل باحثين ميدانيين من المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.

وبحسب تحقيق مؤسسة الحق، فقد احترق المستودع لنحو ست ساعات، ما أدى إلى ظهور سحابة سامة كريهة الرائحة لمدة أربعة أيام على الأقل، وشم الرائحة الكريهة السكان المحليون لمدة أربعة أشهر.

قام جيش العدو باطلاق القذائف المعروفة باسم مقذوفات دخان متطورة من عيار 155 ملم، من خلال قصف مدفعي، حيث تحتوي كل قذيفة على خمس عبوات، وأطلق الجيش قذيفتين منها على الأقل على المستودع.

وقال خبير الذخائر البريطاني “كريس كوب سميث” لـمؤسسة الحق: “إن هذه القذائف تُستخدم لإخفاء تحركات القوات البرية، بما أنه لم يتم استخدام القوات البرية في حرب العام الماضي، لم يكن هناك مبرر عسكري لاستخدام مدفعية M150“.

ومن بين المواد التي تعرضت للضرب 18 ألف لتر من مبيد كونتوس السام والقابل للاشتعال، وهو سائل ينبعث منه سيانيد الهيدروجين عندما يحترق، وجد الخبير في ديناميات السوائل، سلفادور نافارو مارتينيز من إمبريال كوليدج لندن، أن تركيزات ثاني أكسيد الكبريت وخامس أكسيد الفوسفور على بعد عدة مئات من الأمتار من المستودع تجاوزت مستوى الطوارئ الحادة 2، ما يشير إلى وجود مخاطر عالية لضرر لا رجعة فيه على صحة الإنسان.

صور لأجزاء من المستودع قبل تدميره

وهذا هو سبب تسمية مؤسسة الحق “للقصف الإسرائيلي” بـ “الحرب الكيماوية بطريقة غير مباشرة”.

قال سكان المنطقة إنهم عانوا من الإسهال والقيء وآلام شديدة في المعدة بعد الهجوم، قالت امرأتان من عائلة الخضير تسكنان بالقرب من المستودع لـمؤسسة الحق إنهما أجهضتا حملهما بعد معاناتهما من آلام شديدة، وبحسب دراسة أجراها مركز الميزان لحقوق الإنسان في نوفمبر، قال سكان آخرون إنهم عانوا من طفح جلدي وتهيج جلدي لفترات طويلة بعد القصف.

ولا تظهر لقطات الطائرات بدون طيار من قبل مجموعة عين ميديا ​​المستقلة في غزة وصور أخرى أي نشاط عسكري فلسطيني بالقرب من المستودع قبل الهجوم، ولم يبلغ “الجيش الإسرائيلي” عن القصف أو أي قصف بالقرب منه.

سألت صحيفة هآرتس وحدة المتحدث باسم “الجيش الإسرائيلي” عما إذا كان المستودع يعتبر هدفاً وما إذا كان الضرر البيئي الناتج يعتبر متناسباً مع المكاسب العسكرية، كما سُئلت الوحدة عما إذا كان قرار استخدام الذخائر الحارقة متعمداً أم ناتجاً عن إهمال.

وسألت “هآرتس” أيضاً عما إذا كان بإمكان المدعي العام العسكري، في حالة إجراء تحقيق جنائي دولي، وتقديم أدلة مرئية وغيرها من الأدلة الجوهرية التي من شأنها أن تبرر القصف، لم تجب وحدة المتحدث الرسمي بشكل مباشر على هذه الأسئلة وغيرها ولكنها قدمت الرد التالي:

“يقوم الجيش الإسرائيلي بفحص أحداث مختلفة من عملية حارس الأسوار لتحديد ما إذا كانت القواعد الملزمة قد تم انتهاكها، تم إرسال الحوادث الاستثنائية التي حدثت أثناء العملية والمعروفة من مصادر مختلفة لفحصها من قبل نظام التحقيق في هيئة الأركان العامة، والذي يعمل بشكل مستقل ومهني لتوضيح الحقائق إلى أقصى حد، يجري التحقيق في الحادث الذي تم الاستفسار عنه”.

مصانع أخرى استهدفها جيش العدو في عدوان2021

وتقول مؤسسة الحق: “إن الهجوم استهدف عمداً البنية التحتية الاقتصادية والصناعية المدنية في غزة، وفقاً للأمم المتحدة، تكبدت شركة الخضير للأدوية والأدوات الزراعية وحدها 13 مليون دولار من الأضرار”.

وتضيف مؤسسة الحق: “أنه في الأيام التي أعقبت القصف، قصف الجيش الإسرائيلي ما لا يقل عن ستة مصانع فلسطينية أخرى، بما في ذلك مصانع تنتج الطلاء والإسفنج والأنابيب البلاستيكية، وأطلقت هذه الهجمات أيضاً مواد سامة في الهواء”، وتضيف مؤسسة الحق أن اختيار الذخائر القابلة للاشتعال وغير الدقيقة يثبت أن الاعتبارات العسكرية لم تكن قائمة.

ورداً على هذا الادعاء، قالت المتحدث الرسمي للوحدة: “الجيش الإسرائيلي لا يوجه هجماته على المدنيين ويعمل على تقليل الضرر الذي يلحق بهم أثناء مهاجمته لأهداف عسكرية”.

مؤسسة الحق هي واحدة من ست مجموعات حقوقية فلسطينية اعتبرتها “إسرائيل” “منظمات إرهابية” العام الماضي، وتقول مؤسسة الحق: “إن افتتاح الوحدة البحثية ونشر الدراسة يظهران أن المجموعة لا تردعها المساعي الإسرائيلية لإسكاتها، وستواصل محاولة تقديم الإسرائيليين المسؤولين عن أي جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني إلى العدالة”.

عميرة هاس – هآرتس
ترجمة الهدهد

اساسياسرائيلالجيش الاسرائيليسيف القدسغزةفلسطين