تفاقم أزمة القوى البشرية في جيش العدو

وصلت أزمة القوى البشرية لجيش العدو إلى أخطر مستوياتها وبشكل غير مسبوق بعد قفزة حادة في عدد الضباط من الرتب المتوسطة الذين يسعون إلى التقاعد.

في الشهر الماضي كشفت مراسلة “إسرائيل اليوم” العسكرية “ليلاخ شوفال”، أنه في عام 2021 كانت هناك زيادة بنسبة 30% في عدد الضباط من رتبة رائد ممن يسعون إلى التقاعد من “الجيش الإسرائيلي”، والآن وصلت البيانات الكاملة، حيث يظهر منها أن هذا الاتجاه مستمر منذ عدة سنوات ويزداد سوءاً هذا العام.

وفقاً لبيانات شعبة القوى البشرية، والتي تم تقديمها مؤخراً إلى قيادة جيش العدو، وأيضاً إلى المستوى السياسي، في عام 2017 تقاعد 281 ضابطاً برتبة رائد النفس، وفي عام 2018 ارتفع عدد المتقاعدين إلى 306، وفي عام 2021 ازداد عددهم ليصل 354.

أما في عام 2021 فقد كانت هناك قفزة كبيرة في عدد المتقاعدين، إذ وصل إلى 457 ضابطاً برتبة رائد، وفي الشهرين الأولين من عام 2022 طلب 77 ضابطاً إنهاء خدمتهم والتقاعد، ويُقدر بأن هذا الاتجاه سيرتفع في وقت لاحق من هذا العام.

معاش تقاعد أقل إغراء
إن السبب الرئيس للتقاعد بالجملة للضباط من ذوي الرتب المتوسطة يكمن في نموذج الخدمة الجديد والانتقال من المعاش التقاعدي في الميزانية إلى المعاش التقاعدي التراكمي.

ومن ناحية أخرى يتم احتساب المعاش التقاعدي التراكمي لمنتسبي الخدمة الدائمة من لحظة تسريحهم من الخدمة النظامية، وعلى الرغم من أنه يمنحهم حقوقاً أقل بكثير من المعاش التقاعدي في الميزانية، إلا أنه يتميز بشيء واحد وهو أنه يمكن للشخص أن يقرر التقاعد في أي سن، وأن يأخذ معه المعاش التقاعدي الذي تراكم حتى تلك المرحلة.

كان من المفترض أن يقلل هذا النموذج من عدد الضباط الذين سيصلون للتقاعد، ويقلل تكاليف الأجور من ميزانية جيش العدو، ولكنه من الناحية العملية تتسبب عكسياً في أنه بدلاً من بقاء الأفضل مع الجيش على طول الطريق وتقاعد الأقل جودة، يقوم العديد من الضباط الجيدون ذوو الخبرة المهنية بعمل حسابات نفعية شخصية، ويتقاعدون في سن أصغر من ذي قبل، والبدء في مهنة ثانية في الحياة المدنية.

تعددت أسباب ذلك
تبدأ من العروض الكثيرة للتوظيف والرواتب الأعلى بكثير التي يقدمها السوق المدني، مروراً بالمسار المعقد الذي سيتعين عليهم اتباعه للتقدم في الرتب في جيش العدو (1 فقط من بين كل 11 ضابطاً الذين يبدأون الخدمة الدائمة في سن21 يستمرون في الخدمة حتى سن 42)، وصولاً إلى الخطاب السلبي التعسفي الذي حدث في السنوات الأخيرة بين أجزاء كبيرة من “المجتمع الإسرائيلي” تجاه منتسبي الخدمة الدائمة، الذين غالباً ما يتم تصويرهم على أنهم يتمتعون ويعيشون على حساب الجمهور.

وقد برز هذا الاتجاه بشكل خاص في السنوات الأخيرة في المهن التكنولوجية والاستخباراتية، وكذلك في عالم اللوجستيات والقوى البشرية، وأقل منه في الوحدات القتالية، وقد فسّر جيش العدو ذلك بالتحدي المستمر الذي يواجه الضباط المقاتلين، وأمام الإغراءات التي يضعها المجال المدني أمام الضباط في المنظومات الأخرى، ومع ذلك في العام الماضي كانت هناك أيضاً زيادة في عدد المتقاعدين من بين الضباط المقاتلين.

هذا وضع خطير
إن جيش العدو قلق للغاية بشأن هذا الاتجاه، لأن معظم المتقاعدين هم أولئك الذين تم تعريفهم على أنهم “خدمة دائمة لا لبس فيها”، -بمعنى أن “الجيش الإسرائيلي” أراد الاحتفاظ بهم في صفوفه، وعلى الرغم من ذلك قرروا التقاعد للحياة المدنية.

يستغرق تنمية المهنيين ونقلهم إلى حيث يصلون إلى ذروتهم المهنية سنوات عده، يقول أحد كبار المسؤولين: “في الماضي كنا نستفيد من مثل هؤلاء الضباط حتى التقاعد، لكنهم الآن يتقاعدون بمجرد أن يتعبوا أو يحصلوا على عرض أفضل في الحياة المدنية، وهذا وضع خطير وقد يترك الضباط الأقل جودة في الجيش الإسرائيلي”.

وأضاف: “نحن من اليوم نواجه بالفعل مشكلة حقيقية وأنه إذا لم يتم حشد كل الجهات لتقديم حل فقد يؤدي ذلك إلى ضرر خطير في أداء الجيش”.

دفعت هذه الأزمة رئيس شعبة القوى البشرية في جيش العدو اللواء “يانيف أسور” إلى إطلاق دعوة للاستيقاظ لجميع جنرالات هيئة الأركان العامة، وكذلك لعقد مؤتمر الشهر الماضي بمشاركة جميع كبار مسؤولي جيش العدو (من رتبة مقدم فما فوق) حيث تم عرض البيانات والمشاكل، ويقول مسؤول كبير آخر: “لقد أوضحنا للقادة أن هذا يمثل تحدياً قيادياً من الدرجة الأولى”.

وأشار المسؤول الكبير إلى أن رواتب معظم ضباط “الجيش الإسرائيلي” وبالتأكيد في الرتب المتدنية، هي “في المستوى الأدنى من الرواتب في المنظومة الامنية، أقل من أولئك الذين يخدمون في الشرطة الإسرائيلية وفي مصلحة السجون، وأقل بكثير من الذين يخدمون في الموساد وجهاز الأمن العام الشاباك”.

ووفقاً له فإن الوضع متوازن فقط في الرتب العليا، حيث يكون الراتب أعلى منه في الشرطة ومصلحة السجون وأقل مما هو عليه في الموساد وجهاز الأمن العام، لكن هؤلاء لا يمثلون سوى 1 % من متلقي الرواتب.

ويطالب “جيش العدو” وزارة المالية بتصحيح هذا الظلم في الأجور، ويحذر من “إلحاق ضرر جسيم بجودة الأمن الذي يُقدم للمواطنين الإسرائيليين”.

إن القضية قيد المناقشة بين وزارتي جيش العدو وماليته، لكن كبار المسؤولين أعربوا عن تشاؤمهم بشأن إمكان حلها قريباً، وحذروا قائلين: “قد ندفع ثمناً باهظاً على طول الطريق”.

الهدهد

اساسيالجيش الاسرائيليجيش العدو