هاجس إيران يطغى على معظم التحليلات في إعلام العدو. رئيس ما يسمى “المركز اليروشالمي لشؤون الشعب والدولة” والسفير السابق لكيان الاحتلال في الأمم المتحدة دوري غولد وفي مقال له نشره موقع القناة 12 الاسرائيلية يرى أن “وضع “إسرائيل” أمام إيران يخلق تحديًا دبلوماسيًا مُعقّدًا، ما يستدعي إنشاء تحالف دولي ضد ما وصفه بـ”الإصرار الإيراني” على نشر قدرات نووية وتعريض أمن “إسرائيل” للخطر”.
وبحسب غولد، سيكون من الخطأ أن تعتقد “إسرائيل” بأن لديها الوقت لمُعالجة الملف النووي الإيراني، فطهران تعمل بالتوازي على تطوير كافة مُركبات برنامجها النووي.
ويلفت غولد الى أن دول الغرب تتعامل بسذاجة مع إيران وفي الوقت نفسه ترغب في الحفاظ على العلاقات التجارية معها.
وفيما يلي المقال كما ورد على موقع القناة 12 الاسرائيلية بعنوان “التقدّم الإيراني نحو القنبلة النووية.. ليس فقط باليورانيوم”:
في بداية شهر آب/أغسطس أجرى وزيرا الأمن (الحرب) بني غانتس والخارجية يائير لابيد إيجازًا لسفراء الدول في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. خلفية ظهورهما المشترك كانت الارتقاء درجة في الهجمات ضدّ الطائرات من دون طيار والسفن الدولية. أساس انتباه العالم تركّز على تصريحات غانتس. بحسب كلامه إيران خرقت كل التعليمات في الاتفاق النووي وهي على بُعد عشرة أسابيع من القرار للوصول إلى تخصيب اليورانيوم على مستوى عسكري. هذه لم تكن تحليلات لمُحلّل ما، إنما تصريحات واضحة لوزير “الأمن” نفسه.
بعد عدة أسابيع من ذلك صرّح لابيد خلال مقابلة مع صحيفة “يديعوت أحرونوت” بأنه يُريد التخفيف من مخاوف القُراء من أن إيران أصبحت دولة شبه نووية. صحيح أن لبيد لم يُحدّد كم من الوقت تحتاج إيران لتصنيع القنبلة النووية لكنه قال إن الحديث لا يدور عن أشهر. وعندما سُئل عن المدة الزمنية قال إنها “تحتاج إلى الكثير من الوقت”.
وضع “إسرائيل” أمام إيران يخلق تحديًا دبلوماسيًا مُعقدًا. من جهة أولى الدبلوماسية يجب أن تكون ذات مصداقية ودقيقة، خلافًا للإيرانيين الذين يتفوقون بالاحتيال والمراوغة. لذلك على إسرائيل أن تبلور تحالفًا دوليًا دبلوماسيًا ضد الإصرار الإيراني على نشر قدرات نووية وتعريض أمن “إسرائيل” للخطر، وكذلك أمن الشرق الأوسط والعالم كله. علينا التوضيح لحلفائنا خطورة الموضوع وضرورة العمل الفوري.
ومن المهم أن نفهم رأي الخبراء عند الحديث عن البرنامج النووي الإيراني، فهذه المقولة تشمل ثلاثة أبعاد:
أولًا: إيران بحاجة إلى منظومة إطلاق للوصول إلى الهدف. في العام 1998 أجرت إيران تجارب على صاروخ شهاب 3 الذي يرتكز على تكنولوجيا كوريا الشمالية. في العام 2003 تحوّل صاروخ شهاب إلى صاروخ عملاني في الجيش الإيراني. مدى الصاروخ 1300 كلم، ويسمح بإصابة أهداف في “إسرائيل” من قواعد موجودة في إيران.
بين السنوات 1998 و2017 أجرت إيران 21 تجربة إطلاق لصاروخ شهاب 3، وفي العام 2015 نشر الإيرانيون فيديو يظهر للمرة الأولى أن طهران أقامت قاعدة تحت أرضية لقواعد الصواريخ، منها يمكن إطلاق صواريخ من منصات قائمة، بمعنى أن الحاجة إلى منظومة إطلاق للسلاح النووي لن تعيق تقدم إيران، فهذا الأمر قد تحقّق.
ثانيًا: المحلّلون يؤكدون أن عملية تطوير السلاح النووي الإيراني تستغرق وقتًا طويلًا، لكن التقارير الفصلية للوكالة الدولية للطاقة الذرية تضمّنت منذ عام 2011 معلومات مُقلقة في هذه المسألة. تقرير شهر أيار/مايو 2011 يعرض أبحاثًا عسكرية إيرانية تشمل إزالة عبوة متفجرة تقليدية من رأس صاروخ شهاب 3، وتركيب شحنة نووية بدلًا عنها.
الوثائق الإيرانية الموجودة لدى الوكالة تؤكد أن انفجار الرأس النووي من المفترض أن يحصل في ارتفاع 600 متر، وهذا هو بالضبط ارتفاع انفجار أول قُنبلة نووية سقطت على هيروشيما.
ثالثًا: اليورانيوم موجود على مُستويين من النظائر، مستوىU-238 ومستوى U235، وفقط المستوى U235 هو الملائم لإنتاج قنبلة نووية. اليورانيوم الطبيعي يحتوي فقط على 0.7% من الـ U-235. عملية التخصيب تهدف إلى رفع المعدل إلى 3.5% من الـ U-235 لأهداف مدنية، وإلى 90% لسلاح نووي. الاتفاق مع إيران قيّد نسبة التخصيب المسموح بها إلى 3.5% حتى عام 2019، لكن طهران وصلت إلى تخصيب بنسبة 4.5 % وبعد ذلك إلى 20% وحتى أنها أعلنت أنها مستعدة للوصول إلى 60%.
إيران تنتج يورانيوم معدنيًا
تخصيب اليورانيوم هو الخطوة الأكثر تعقيدًا بالنسبة للدول التي تطمح بالتوصل إلى سلاح نووي، ولذلك استثمار إيران الضخم في هذا المجال هو المؤشر الأهمّ للإصرار الإيراني على إنهاء هذه الخطوة حتى الوصول إلى القنبلة. في النهاية، في بداية عملية تخصيب اليورانيوم يتم حقن أجهزة طرد مركزي في حالة تراكم الغاز، لكن إنتاج رأس نووي متفجر يتطلّب يورانيوم معدنيًا. في آب/أوغسطس 2021 وجدت وكالة الطاقة الذرية أن إيران تنتج يورانيوم معدنيًا. أي من الواضح أن إيران موجودة في المرحلة النهائية من عملية تصنيع القنبلة، ولم تعد المسألة تحتاج الى سنوات أو أشهر، بل أقلّ من ذلك.
سيكون من الخطأ أن تعتقد “اسرائيل” بأن لديها الوقت لمُعالجة الملف النووي الإيراني، فطهران تعمل بالتوازي على تطوير كافة مُركبات برنامجها النووي.
بعد الاتفاقيات النووية الأولى بين إيران والاتحاد الأوروبي عام 2005، أخفت طهران الأدلة على النشاطات النووية في عدة منشآت من المفترض أن تكون تحت المراقبة. هذا أسلوب عمل الإيرانيين منذ ذلك الحين وحتى الآن. للأسف تتعامل دول الغرب بسذاجة معها من جهة أولى، ومن منطلق الرغبة بالحفاظ على العلاقات التجارية مع إيران من جهة ثانية. عدم عمل الغرب ضد البرنامج النووي الإيراني هو الذي سمح لطهران بتطوير برنامجها النووي والتعاظم والنجاح في العمل، وجعلها على بعد مسافة قصيرة جدًا من إنتاج أول قنبلة نووية لها.
موقع العهد