الحرس الوطني الإسرائيلي: أداةٌ لمحو الفلسطينيين

نظرة عامة
في آذار/مارس 2023، وبعد أشهر من الاحتجاجات على الإصلاح القضائي الخلافي الذي أجراه بنيامين نتنياهو، أعطت إسرائيل الضوء الأخضر لوزير الأمن القومي اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير، لإنشاء جهاز الحرس الوطني، الذي سيضم 1800 عنصر مبدئيًا، وستبلغ موازنته التشغيلية مليار شيكل (273 مليون دولار)، وسيعمل في المقام الأول على إسناد جهاز الشرطة في حالات الطوارئ “الأمنية”. وقد أثارت الموافقة على استحداث الحرس الوطني معارضة واسعة من جهات عديدة من رئيس جهاز الشرطة الإسرائيلية السابق وحتى منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية.

وبخلاف القوات الإسرائيلية الأخرى، صُمِّم جهاز الحرص الوطني في المقام الأول لاستهداف الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل. تتناول هذه المذكرة السياساتية استحداث جهاز الحرس الوطني سعيًا لفهم تداعياته على الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل. وتتضمن توصيات لأصحاب المصلحة المعنيين بشأن سُبل الوقوف في وجه هذه القوة الجديدة وحماية الفلسطينيين.

لِمَ الحرس الوطني؟
تعود جذور الدعوة لاستحداث حرس وطني إلى انتفاضة الوحدة الفلسطينية، التي خرج فيها آلاف الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل في مدن أراضي 1948 احتجاجًا على العدوان الإسرائيلي على المصلين الفلسطينيين في المسجد الأقصى وما تلاه من قصفٍ على غزة في أيار/مايو 2021. وأسفرت الاحتجاجات عن اندلاع أعمال العنف وهجمات ضد الفلسطينيين، ولا سيما في المدن التي يكثر فيها الفلسطينيون. وبسبب استمرار الانتفاضة على نطاق واسع، احتاجت إلى إسرائيل إلى ردٍ يفوق قدرة جهاز شرطتها.

وسعيًا لإحباط محاولات التعبئة والمقاومة الفلسطينية المستقبلية دون استنفاد الموارد المتوفرة، أعلن رئيس الوزراء آنذاك، نفتالي بينيت، عن استحداث الحرس الوطني الإسرائيلي في حزيران/يونيو 2022. غير أنّ تأسيس الحرس الوطني تعثَّر حتى مطلع 2023 بسبب عدم استقرار الحكومة ومقيدات الموازنة. وفي نيسان/أبريل، وافقت الحكومة الإسرائيلية على إنشاء الحرس الوطني كجزء من حلٍ وسط مع بن غفير مقابل دعمه لتعليق الإصلاح القضائي المخطط له.

التداعيات على الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل
تصوَّرَ بينيت في مقترحه الأولي أن يكون الحرس الوطني منضويًا تحت لواء جهاز الشرطة الإسرائيلي، ولكن النسخة التي جرى التوافق عليها سوف تخضع مباشرةً لإشراف مكتب بن غفير. سوف يضم الحرس الوطني الآلاف من عناصر الشرطة والمدنيين المتطوعين، وسيُكلَّف باستدامة التزام بن غفير الثابت بإخضاع الفلسطينيين ومحوهم.

إن مواقف بن غفير المعادية للفلسطينيين موثقة جيدًا. فقد أُدين في 2007 بالتحريض العنصري ودعم جماعة كاخ الإرهابية التي دعت إلى تطهير الفلسطينيين عرقيًا. وقد انبرى بن غفير، منذ انضمامه إلى الحكومة في 2022، إلى طرح مقترحات لفرض عقوبة الإعدام على الفلسطينيين، وزيادة تراخيص الأسلحة الممنوحة للإسرائيليين اليهود زيادةً كبيرة، وتحصين الجنود وعناصر الشرطة الإسرائيليين من المحاكمات والتحقيقات، وتوسيع مظلة قانون درومي الذي يبيح “الدفاع عن الممتلكات الشخصية” بالوسائل العنيفة.

لم تُحدَّد ولاية الحرس الوطني رسميًا بعد، ولكن من الواضح أن تركيزه الأساسي سينصب على استهداف الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل. يتولى بن غفير، بصفته وزير الأمن القومي، أعمال وزارة تنمية النقب والجليل اللتين يُشار إليهما كمشكلةٍ أمنية، وأنهما يشهدان حالةً من “الانفلات التام” بسبب كثرة السكان الفلسطينيين فيهما. وقد تعهَّد إبان حملته الانتخابية في 2022 باستعادة الأمن إلى منطقتي النقب والجليل.

ذلك ما يأمل بن غفير فعله بواسطة الحرس الوطني الذي يُرجَّحُ أن يكون مدججًا بالسلاح وأدوات المراقبة، وسوف يُستَخدم لردع التعبئة الفلسطينية في أراضي 1948 وتفريقها بالعنف. لا شكّ في أنّ الحرسَ الوطني الإسرائيلي سوف يُنشَر في المدى القصير من أجل تسهيل اعتقال المواطنين الفلسطينيين تعسفيًا ومضايقتهم والاعتداء عليهم وتجريمهم بمعدلات متزايدةٍ باطراد. وعلى المدى البعيد، يُهدِّد الحرس الوطني بإفساد الترابط المجتمعي الفلسطيني، ومأسسة نظام الفصل العنصري الإسرائيلي. وستُفضي معدلات الاعتقال والاحتجاز المتزايدة إلى إضعاف الفلسطينيين أكثر أمام سياسات إسرائيل العنصرية بما فيها سياسة هدم المنازل العقابية والطرد من خلال الترحيل وسحب الجنسية.

توصيات سياساتية
لا بد من اتخاذ الخطوات التالية من أجل التصدي للحرس الوطني الإسرائيلي:

ينبغي للفلسطينيين وحلفائهم أن ينسقوا حملات محددة للدعوة من أجل فرض عقوبات على بن غفير والمطالبة بوضع حدٍ لإفلاته من العقاب.

يجب على مجموعات المجتمع المدني والناشطين والحلفاء أن يتَّبعوا قيادة المنظمات الفلسطينية في أراضي 1948، ويرفعوا الوعي بشأن الحرس الوطني من خلال الحملات التي تفضحه وقادته وتكشف ما ينطوي عليه من عنصرية سافرة وتمييز وعنف.

ينبغي للفلسطينيين في فلسطين قاطبةً أن يكثِّفوا جهودهم لتحدي التجزئة القسرية التي تمارسها إسرائيل، وأن ينخرطوا في عمل تنظيمي تعاوني واستراتيجي.

يجب على الحلفاء وصناع السياسات أن يدركوا بأن نظام الفصل العنصري الإسرائيلي يطال المنطقة الواقعة ما بين النهر والبحر كاملةً، وأن يدحضوا أي ادعاءات بأنه مقتصرٌ جغرافيًا على الضفة الغربية وقطاع غزة.

أحمد عمر – الشبكة


في آذار/مارس 2023، وبعد أشهر من الاحتجاجات على الإصلاح القضائي الخلافي الذي أجراه بنيامين نتنياهو، أعطت إسرائيل الضوء الأخضر لوزير الأمن القومي اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير، لإنشاء جهاز الحرس الوطني، الذي سيضم 1800 عنصر مبدئيًا، وستبلغ موازنته التشغيلية مليار شيكل (273 مليون دولار)، وسيعمل في المقام الأول على إسناد جهاز الشرطة في حالات الطوارئ “الأمنية”. وقد أثارت الموافقة على استحداث الحرس الوطني معارضة واسعة من جهات عديدة من رئيس جهاز الشرطة الإسرائيلية السابق وحتى منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية.

وبخلاف القوات الإسرائيلية الأخرى، صُمِّم جهاز الحرص الوطني في المقام الأول لاستهداف الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل. تتناول هذه المذكرة السياساتية استحداث جهاز الحرس الوطني سعيًا لفهم تداعياته على الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل. وتتضمن توصيات لأصحاب المصلحة المعنيين بشأن سُبل الوقوف في وجه هذه القوة الجديدة وحماية الفلسطينيين.

لِمَ الحرس الوطني؟
تعود جذور الدعوة لاستحداث حرس وطني إلى انتفاضة الوحدة الفلسطينية، التي خرج فيها آلاف الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل في مدن أراضي 1948 احتجاجًا على العدوان الإسرائيلي على المصلين الفلسطينيين في المسجد الأقصى وما تلاه من قصفٍ على غزة في أيار/مايو 2021. وأسفرت الاحتجاجات عن اندلاع أعمال العنف وهجمات ضد الفلسطينيين، ولا سيما في المدن التي يكثر فيها الفلسطينيون. وبسبب استمرار الانتفاضة على نطاق واسع، احتاجت إلى إسرائيل إلى ردٍ يفوق قدرة جهاز شرطتها.

وسعيًا لإحباط محاولات التعبئة والمقاومة الفلسطينية المستقبلية دون استنفاد الموارد المتوفرة، أعلن رئيس الوزراء آنذاك، نفتالي بينيت، عن استحداث الحرس الوطني الإسرائيلي في حزيران/يونيو 2022. غير أنّ تأسيس الحرس الوطني تعثَّر حتى مطلع 2023 بسبب عدم استقرار الحكومة ومقيدات الموازنة. وفي نيسان/أبريل، وافقت الحكومة الإسرائيلية على إنشاء الحرس الوطني كجزء من حلٍ وسط مع بن غفير مقابل دعمه لتعليق الإصلاح القضائي المخطط له.

التداعيات على الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل
تصوَّرَ بينيت في مقترحه الأولي أن يكون الحرس الوطني منضويًا تحت لواء جهاز الشرطة الإسرائيلي، ولكن النسخة التي جرى التوافق عليها سوف تخضع مباشرةً لإشراف مكتب بن غفير. سوف يضم الحرس الوطني الآلاف من عناصر الشرطة والمدنيين المتطوعين، وسيُكلَّف باستدامة التزام بن غفير الثابت بإخضاع الفلسطينيين ومحوهم.

إن مواقف بن غفير المعادية للفلسطينيين موثقة جيدًا. فقد أُدين في 2007 بالتحريض العنصري ودعم جماعة كاخ الإرهابية التي دعت إلى تطهير الفلسطينيين عرقيًا. وقد انبرى بن غفير، منذ انضمامه إلى الحكومة في 2022، إلى طرح مقترحات لفرض عقوبة الإعدام على الفلسطينيين، وزيادة تراخيص الأسلحة الممنوحة للإسرائيليين اليهود زيادةً كبيرة، وتحصين الجنود وعناصر الشرطة الإسرائيليين من المحاكمات والتحقيقات، وتوسيع مظلة قانون درومي الذي يبيح “الدفاع عن الممتلكات الشخصية” بالوسائل العنيفة.

لم تُحدَّد ولاية الحرس الوطني رسميًا بعد، ولكن من الواضح أن تركيزه الأساسي سينصب على استهداف الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل. يتولى بن غفير، بصفته وزير الأمن القومي، أعمال وزارة تنمية النقب والجليل اللتين يُشار إليهما كمشكلةٍ أمنية، وأنهما يشهدان حالةً من “الانفلات التام” بسبب كثرة السكان الفلسطينيين فيهما. وقد تعهَّد إبان حملته الانتخابية في 2022 باستعادة الأمن إلى منطقتي النقب والجليل.

ذلك ما يأمل بن غفير فعله بواسطة الحرس الوطني الذي يُرجَّحُ أن يكون مدججًا بالسلاح وأدوات المراقبة، وسوف يُستَخدم لردع التعبئة الفلسطينية في أراضي 1948 وتفريقها بالعنف. لا شكّ في أنّ الحرسَ الوطني الإسرائيلي سوف يُنشَر في المدى القصير من أجل تسهيل اعتقال المواطنين الفلسطينيين تعسفيًا ومضايقتهم والاعتداء عليهم وتجريمهم بمعدلات متزايدةٍ باطراد. وعلى المدى البعيد، يُهدِّد الحرس الوطني بإفساد الترابط المجتمعي الفلسطيني، ومأسسة نظام الفصل العنصري الإسرائيلي. وستُفضي معدلات الاعتقال والاحتجاز المتزايدة إلى إضعاف الفلسطينيين أكثر أمام سياسات إسرائيل العنصرية بما فيها سياسة هدم المنازل العقابية والطرد من خلال الترحيل وسحب الجنسية.

توصيات سياساتية
لا بد من اتخاذ الخطوات التالية من أجل التصدي للحرس الوطني الإسرائيلي:

ينبغي للفلسطينيين وحلفائهم أن ينسقوا حملات محددة للدعوة من أجل فرض عقوبات على بن غفير والمطالبة بوضع حدٍ لإفلاته من العقاب.

يجب على مجموعات المجتمع المدني والناشطين والحلفاء أن يتَّبعوا قيادة المنظمات الفلسطينية في أراضي 1948، ويرفعوا الوعي بشأن الحرس الوطني من خلال الحملات التي تفضحه وقادته وتكشف ما ينطوي عليه من عنصرية سافرة وتمييز وعنف.

ينبغي للفلسطينيين في فلسطين قاطبةً أن يكثِّفوا جهودهم لتحدي التجزئة القسرية التي تمارسها إسرائيل، وأن ينخرطوا في عمل تنظيمي تعاوني واستراتيجي.

يجب على الحلفاء وصناع السياسات أن يدركوا بأن نظام الفصل العنصري الإسرائيلي يطال المنطقة الواقعة ما بين النهر والبحر كاملةً، وأن يدحضوا أي ادعاءات بأنه مقتصرٌ جغرافيًا على الضفة الغربية وقطاع غزة.

أحمد عمر – الشبكة

اساسياسرائيلغزة