ماذا يحدث لو أُغلِقت صنابير الغاز الروسي عن الأوروبيين بحلول الشتاء؟

تواجه الدول الأوروبية تحديات كبيرة تتعلق بإمدادات الطاقة مع استمرار التوترات مع روسيا وتهديداتها المستمرة بقطع جزئي أو كلي لإمدادات الغاز الطبيعي الضرورية لاستمرار الحياة في أوروبا.

لا تزال تداعيات أزمة الطاقة التي تفاقمت مع نشوب الحرب في أوكرانيا تلقي بظلالها على العالم بأسره، لا سيما أوروبا التي تواجه رعباً حقيقياً إذا تحققت التخوفات بقطع روسيا جزئياً أو كلياً إمدادات الغاز عنها بالتزامن مع حلول فصل الشتاء.

وحول هذا الموضوع تحدّث الكاتب جو سومرلاد في مقال نُشِر على “الإندبندنت” البريطانية بعنوان “ماذا يحدث لو قرر بوتين قطع إمدادات الغاز الروسي عن أوروبا هذا الشتاء؟”، عن التداعيات “الكارثية” لتحرك كهذا.

ويشير الكاتب إلى تحليل أجراه بنك “غولدمان ساكس” خلص إلى أن القطع الكامل لإمدادات الغاز الروسي عن أوروبا سيتسبب مباشرة بارتفاع تكاليف الطاقة المنزلية بنحو 65%، كما ستضطر مصانع الإسمنت والكيماويات بألمانيا وإيطاليا إلى التخلي عن استخدام الغاز بنحو 80%، وهو ما سينعكس على الناتج المحلي الإجمالي للبلدين الذي سيتراجع بنسبتَي 3% في ألمانيا و4% في إيطاليا.

ويضيف سومرلاد أنه حتى في حالة “اللعب بصنابير الغاز الروسي” في إشارة إلى تقليص الإمدادات الذي حدث في يوليو/تموز الماضي بدعوى أعمال الصيانة، فإن ذلك سيجعل هدف دول الاتحاد الأوروبي بتحقيق مخزونات من الغاز تصل إلى 80% من احتياجاتها بحلول نوفمبر/تشرين الثاني (أي بداية الشتاء)، في عداد المستحيلات.

في السياق نفسه يقول ناثان بايبر المحلل المتخصص في دراسات الطاقة إن الحل الوحيد للاقتراب من ذلك الهدف (تخزين 80% من الاحتياجات بحلول نوفمبر/تشرين الثاني)، شراء الغاز بأسعار باهظة للغاية، “ربما عبر شراء الغاز المسال من الولايات المتحدة”.

ونظراً إلى أن روسيا لم تعد مورّداً يمكن الوثوق فيه فإن الدول الأوروبية قد تُضطر إلى الاعتماد على شحنات الغاز المسال الأمريكي باهظة الثمن، أو اللجوء إلى إمدادات مباشرة من منتجين آخرين مثل النرويج وأذربيجان.

يُذكر أن وكالة الطاقة الدولية أعلنت الثلاثاء الماضي أن صادرات الغاز الطبيعي الروسي عبر خطوط الأنابيب إلى الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة انخفضت بنسبة 40% تقريباً خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري مقارنة بالفترة نفسها عام 2021.

وأضافت الوكالة نقلاً عن بيانات صادرة عن “ريفينيتيف أيكون” أن صادرات الغاز الطبيعي من روسيا إلى أوروبا انخفضت بنسبة 50% خلال الفترة نفسها من العام الجاري، مقارنة بالأعوام الخمسة الممتدة من 2017 إلى 2021.

وتصدر روسيا غازها الطبيعي إلى الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة عبر 3 خطوط أنابيب رئيسية، تمثل نحو 16 مليار قدم مكعب يومياً من سعة خطوط أنابيب التصدير، حسب بيانات عملاق النفط الروسي (غازبروم).

ويعد خط أنابيب نورد ستريم 1 أحد خطوط الأنابيب التي تمر عبر بحر البلطيق إلى ألمانيا وهولندا وفرنسا والمملكة المتحدة ودول أوروبية أخرى.

ويمر خطَّا الأنابيب الآخران عبر بيلاروسيا إلى بولندا وألمانيا وعبر أوكرانيا إلى تشيكيا والنمسا، وينقل الغاز الطبيعي إلى بلدان في شمال أوروبا وجنوبها.

وشهدت صادرات الغاز الطبيعي الروسي عبر خطوط الأنابيب إلى الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة انخفاضاً منذ عام 2020، ويرجع ذلك في البداية إلى انخفاض الطلب الناجم عن كورونا في أوروبا.

وكان أكبر انخفاض في الصادرات الروسية إلى ألمانيا عبر خط أنابيب نورد ستريم 1، إذ انخفضت الصادرات عبره إلى 1.4 مليار قدم مكعب يومياً في يوليو/تموز الماضي، أي 20% فقط من طاقته الاستيعابية الفعلية البالغة 5.6 مليار قدم مكعب في اليوم.

عربي trt

اساسياوروبااوكرانيا