جدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نداءه لضرورة إخراج الذهب المخبأ تحت الوسائد وإدخاله ضمن النظام المالي من أجل تعزيز الاقتصاد في البلاد.
وفي خطاب يوم الاثنين الذي أعقبه عودة ضخمة لليرة التركية التي سجلت انتعاشاً غير مسبوق، قال الرئيس أردوغان: “يوجد 5 آلاف طن من الذهب بقيمة 280 مليار دولار تحت الوسائد في تركيا”.
وأشار أردوغان إلى أن حكومته تعمل الآن على تطوير أدوات جديدة من أجل جذب هذا الذهب الخامد إلى النظام المالي وإدخاله في الاقتصاد.
ما المقصود بذهب “تحت الوسائد”؟
يُنظر إلى الذهب تقليدياً على أنه أضمن وسائل الادخار في المجتمع التركي، وغالباً ما يبقيه الأتراك في منازلهم حيث يفضلون أن يكونوا قادرين على لمسه وإبقائه قريباً منهم. وإلى جانب كونه وسيلة ادخار معتمدة منذ العصور القديمة، يستخدمه الأتراك أيضاً كحاله مجتمعية لإظهار غناهم المادي، وذلك من خلال لبس الحلي الذهبية والمجوهرات في المناسبات الخاصة والعامة، وبالأخص الأعراس.
وذهب “تحت الوسائد” هو مصطلح اقتصادي يطلق على الذهب الذي اشتُري بطرق قانونية شرعية، لكنه خرج من النظام المالي بعد أن فضل الأتراك الأحتفاظ به في منازلهم عوضاً عن إيداعه في المصارف والبنوك.
وتشير التقديرات الأخيرة إلى وجود نحو 5 آلاف طن من الذهب المخبأ تحت الوسائد في تركيا، بقيمة إجمالية تصل إلى أكثر من 280 مليار دولار.
فيما يتعامل السواد الأعظم من الأتراك مع الذهب كأداة توفير وادخار وليس كأداة استثمار، لأنه إذا ما تقرر استخدامه كأداة استثمار، فلن يبقى تحت الوسائد في المنازل، بل سيدخل النظام المالي من أجل تداوله عبر البنوك والمحافظ الاستثمارية.
مساعٍ جادة لإدخاله في النظام المالي
رغم أن الذهب القابع تحت الوسائد في تركيا هو مورد مالي جاد لاقتصاد البلاد، فإن هذا المورد خامد حالياً لبقائه خارج النظام المالي التركي.
منذ عام 1996، انتهجت الحكومات التركية المتعاقبة العديد من السياسات المالية التحفيزية لجذب الذهب النائم تحت وسائد الأتراك وإدخاله في النظام المالي، ومن ضمن هذه المساعي كان زيادة الوعي بالاستثمار بدلاً من الادخار وحسب، وزيادة ضمان صندوق تأمين ودائع الادخار لودائع الذهب، بالإضافة لبيع الذهب عبر البنوك بسعر التكلفة من خلال حسابات مصرفية خاصة بالذهب.
من جانبه، يرى الدكتور أوموت حلاج، رئيس قسم الاقتصاد بجامعة يشار، أن ذهب تحت الوسائد ليس منتجاً غير اقتصادي، فهو موجود في الاقتصاد ويدخل في حسابات الناتج القومي الإجمالي، لأنه إذا اشتريت الذهب المنتج بشكل قانوني بأموال مكتسبة بشكل قانوني، فإن القيمة النقدية لهذا الذهب تؤخذ في الاعتبار في الناتج القومي الإجمالي.
وفي إشارة إلى مخاطر الذهب غير المسجل في النظام المالي، قال حلاج: “إن الخطر الأكبر المتعلق بذهب تحت الوسائد في تركيا هو أنه أسهل طريقة لغسيل المعاملات غير القانونية. لا يمكن تتبع من اشترى الكمية ولأي غرض”.
احتياطات تركيا من الذهب
حسب الإحصاءات الصادرة عن مجلس الذهب العالمي والمستندة إلى صندوق النقد الدولي (IMF)، هناك ما مجموعه أكثر من 35 ألف طن من احتياطي الذهب في العالم. فيما تحتل تركيا المرتبة الـ 12 في قائمة التي تمتلك أعلى احتياطيات من الذهب بواقع 512.6 طن، وفقاً لآخر البيانات الصادرة في شهر أغسطس/آب الماضي.
وتجدر الإشارة إلى أن الذهب الذي قدم لمستثمريه عائداً بنسبة 24%على أساس الأوقية العام الماضي، هو في الواقع أحد مصادر عجز الميزان التجاري، والذي يعد من أهم مشكلات تركيا. فبينما صدرت تركيا 52.6 مليار دولار من الذهب في الـ 10 سنوات الأخيرة، استوردت بالمقابل 107.3 مليار دولار. بعبارة أخرى، كان 54.7 مليار دولار من عجز الحساب الجاري ناتجاً عن الذهب فقط في السنوات الـ 10 الماضية.
ومرة أخرى، وبالنظر إلى الإحصائيات الأخيرة. كما هو معروف في الهند، التي تحتل المرتبة الثانية في العالم من حيث الطلب المادي على الذهب، تُقدَّر كمية الذهب المقدر تحت الوسادة بحوالي 25 ألف طن. باعتبار أن عدد سكان الهند يبلغ حوالي 1.4 مليار نسمة، فإن متوسط الذهب المخبأ تحت وسائد الهنود يصل إلى نحو 17 جراماً للفرد. لكن المتوسط أكبر مما هو في الهند بكثير، فعندما نقسم الذهب “تحت الوسائد” الذي يقدر بـ 5 آلاف طن على إجمالي سكان تركيا البالغ عددهم 83 مليوناً، يكون الذهب تحت الوسادة حوالي 60 جراماً للفرد.
TRT عربي